مختارات من الكتب
نيقولاس فان دام : الجبهة الإسلامية في سوريا
فان دام (نيقولاس)، الصراع على السلطة في سوريا- الطائفية والإقليمية والعشائرية السياسية 1961- 1995.
الفصل الثامن – المواجهة الطائفية – القضاء على الإخوان المسلمين
2-الجبهة الإسلامية في سوريا
لم تمنع التدابير القمعية التي اتخذها النظام السوري ضد مجاهدي الإخوان المسلمين من استمرارهم في معارضتهم. فعلى النقيض، ومع نهاية عام ذ980م، تكون تحالف بين العديد من الجماعات السنية الدينية المعارضة، سيطر عليه أساساً الإخوان المسلمون وأطلق عليه “الجبهة الإسلامية في سوريا”. وفي تشرين الثاني عام 1980م، أصدرت الجبهة بياناً سياسياً تحت عنوان “بيان الثورة الإسلامية في سوريا ومنهاجها”، موقعاً عليه من قبل قادتها سعيد حوى وعلي البيانوني وعدنان سعد الدين التابعين للإخوان المسلمين.
واحتوى البيان السياسي العام على نداء خاص للعلويين”من أجل مراجعة حساباتهم” والعودة إلى “التعقل قبل فوات الآوان”، كما تم الإفصاح في نفس الوقت عن أن الأمور قد وصلت إلى مرحلة اللا عودة فيما يتعلق بنظام البعث السوري ذاته، وأنه لن تكون هناك هدنة إلا بإنهياره وذهابه إلى غير رجعة:
إهابة بأبناء الطائفة العلوية
إننا نأمل من أبناء الطائفة العلوية التي ينتمي إليها هذا البلاد المسلط، حافظ الأسد، وشقيقه الماجن السفاح أن تسهم بصورة إيجابية في منع المأساة أن تبلغ نهايتها.
كما نهيب بالعناصر الواعية في الطائفة أن تراجع حساباتها، معلنين بغير مواربة ولا خداع أن يسرنا أن تنقُض عن نفسها وصاية العناصر الفاسدة التي قادتها إلى هذا المأزق الدقيق، فما زال في الوقت متسع، وصدور شعبنا تتسع لأوبة الآيبيين.
إننا مؤمنون إيماناً راسخاً أنه ليس من المحتم أن تحل المشاكل بالعنف، بل الوضع الطبيعي أن يجري حل هذه المشاكل بالحوار البناء، ولكن ما العمل إذا كان الطرف الآخر يصر على تجاهل الآخرين، ويرفض الحوار معهم إلا بلغة القوة؟!
بناء على هذا، وإيماناً منه بأن النظام القائم بلغ مرحلة اللاعودة، وأصبحت المراجعة الجذرية بالنسبة إليه مستحيلة، فإننا لن نهادن، ولن نلقى السلاح، وسنمضى في طريقنا غير عابثين بالعقبات والأخطار، حتى ينهار هذا النظام الغشوم، ويذهب إلى غير رجعة.
وطبقاً للبيان السياسي العام كانت “الحقوق المدنية والقانونية لجميع الاقليات العرقية والدينية مصونة، وحرياتهم الشخصية مكفولة “ص 18، الفقرة 11″، إلا أن الإخوان المسلمين اعتبروا العلويين “كفاراً و”مشركين”، أي أنه ليس هناك مساواة لمثل هذه الأقليات في دولتهم الإسلامية التي يتطلعون إليها. أما بالنسبة للقوات المسلحة فطبقاً للبيان السياسي العام كان لابد من تخليصها مما أطلقوا عليه “تركيبها الطائفي “ص 43- 44″، أي أن العلويين وغيرهم من أعضاء الأقليات كان عليهم أن يتخلوا عن مراكزهم القيادية ليحل محلهم السنيون. وبالطبع قوبلت مثل هذه الاقتراحات بالإزدراء من قبل العلويين وأعضاء الأقليات الدينية الأخرى، بعثيين كانوا أم لا، وأيضاً العلويين المعارضين للنظام. من واقع استمرار عملية قتل العلويين دون تمييز من قبل مجاهدي الإخوان المسلمين يمكن استنتاج أن “الحوار البناء” المقترح لم يكن أمراً جاداً. من ناحية أخرى بدت الإقتراحات الواردة بالبيان السياسي العام جذابة للغاية بالنسبة لبعض المعارضين السنيين نظراً لشعورهم بالكبت تحت وطأة النظام البعثي الذي يسوده العلويون ونظراً لتطلعهم لتحسين مراكزهم عن طريق الجبهة الإسلامية في سوريا، سواء كان ذلك ايماناً منهم بمبادئها، أو لاستخدامها فقط كأداة للإطاحة بالنظام.
وفي الفترة التي تلت تكوين التحالف الإسلامي تزايدت أعمال العنف ونجحت الجبهة الإسلامية في نقل معركتها الإرهابية إلى دمشق عن طريق قذف المؤسسات الحكومية بالمتفجرات، مثل مكتب رئيس الوزراء في آب 1981، ومقر القوات الجوية في أيلول 1981، ومركز خبراء روسي في تشرين الأول عام 1981، مما أدى إلى إصابة مئات المارة. وفي السادس من تشرين الأول عام 1981 عندما إغتال إرهابيون مسلمون الرئيس المصري السادات في القاهرة تم توزيع منشورات في دمشق تهدد الرئيس حافظ الأسد بنفس المصير(1).
(1) للإطلاع على تفاصيل التوثيق وتوضيح بعض الأحداث أعلاه راجع:
فان دام (نيقولاس)، الصراع على السلطة في سوريا- الطائفية والإقليمية والعشائرية السياسية 1961- 1995، صـ 154 – 155
اقرأ:
من كتاب الصراع على السلطة في سوريا – الفصل الأول .. المقدمة :
1- العوامل التي ساهمت في الولاءات الطائفية والإقليمية والعشائرية في سورية
2- الإقليمية في سوريا خلال فترة الاستقلال
3- الأقليات الدينية المتماسكة .. العلويون
4- الأقليات الدينية المتماسكة .. الدروز والإسماعيليون
الفصل الثاني: ظهور الإقليات في القوات المسلحة السورية وحزب البعث
1- التداخل الطائفي والإقليمي والعشائري والإجتماعي الإقتصادي
2- التمثيل القوي لأعضاء الأقليات في حزب البعث
3- الحواجز الإجتماعية التقليدية أمام التوسع الطبيعي لحزب البعث
4- الشقاق الحزبي الإنصرافي داخل جهاز حزب البعث المدني
5- انتخابات حزب البعث المحلية عام 1965
6- أعضاء الأقليات في القوات المسلحة السورية قبل عام 1963
7- الاحتكار البعثي للسلطة في سورية 1963
الفصل الثالث: الإستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية بين السنيين والإقليات الدينية
1- التكتل الطائفي والإقليمي والعشائري في النخبة العسكرية البعثية
2- التمييز الطائفي ضد السنيين في القوات المسلحة السورية
3- فشل سياسة الطائفية العلنية كتكتيك.. إبعاد محمد عمران
4- الاستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية عام 1965
5- الاستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية عام 1966
6- التنظيم السري للقيادة القومية المخلوعة عام 1966
الفصل الرابع: تصفية الضباط الدروز ككل منفصلة داخل القوات المسلحة السورية
2- الاستقطاب الطائفي العلوي – الدرزي وإنقلاب سليم حاطوم
3- الدعاية الطائفية ضد العلويين
4- التصفيات اللاحقة لإنقلاب حاطوم الفاشل
5- تصفية الجماعات الحورانية البارزة
الفصل الخامس – الصراع على السلطة داخل الطائفة العلوية
1- التنافس بين حافظ الأسد وصلاح جديد
2- الصراع على السلطة داخل الطائفة العلوية قبل عام 1970
3- الصراع على السلطة داخل الطائفة العلوية بعد عام 1970
الفصل السادس – الشقاق الحزبي الطائفي والإقليمي في نخبة السياسيين السوريين: تحليل إحصائي
1- تحليل إحصائي لمؤسسات السلطة السياسية السورية 1961- 1995
2- ثورة تاريخية في النخبة السياسية السورية 1963
3- الوزارات السورية والقيادة القطرية
4- العسكريون في القيادات القطرية السورية
الفصل السابع – التحريض الطائفي والمواجهة
1- التحريض الطائفي – مذبحة حلب
2- الدعاية الإعلامية المضادة للطائفة العلوية 1979
3 – تهديدات الحرب الأهلية الطائفية في سورية 1979 – 1980
4- الطائفية والفساد وغياب الانضباط الحزبي 1979- 1980
5 –الفشل البنيوي في كبح الطائفية في سورية 1979 – 1980
الفصل الثامن – المواجهة الطائفية – القضاء على الإخوان المسلمين
1 –تسليح البعثيين ومذبحة تدمر عام 1980