مقالات
نيقولاس فان دام : تسليح البعثيين ومذبحة تدمر عام 1980
فان دام (نيقولاس)، الصراع على السلطة في سوريا- الطائفية والإقليمية والعشائرية السياسية 1961- 1995.
الفصل الثامن – المواجهة الطائفية – القضاء على الإخوان المسلمين
1 -تسليح البعثيين ومذبحة تدمر عام 1980
لم يهتز النظام السوري سوى مرة واحدة منذ أوائل السبعينيات من قبل أعدائه داخل البلاد، ذلك عندما بلغت المواجهة الدامية مع مجاهدة الإخوان المسلمين السوريين ذروتها بالعصيان الواسع الذي وقع في حماة في شباط 1982م، واستطاعت القوات المسلحة السورية أن تقمعه دموياً.
تسليح البعثيين المدنيين:
من أجل مواجهة الأنشطة المخربة وهجمات مجاهدي الإخوان المسلمين السوريين بصورة أفضل بدأت القيادة القطرية عقب المؤتمر القطري السابع في كانون الثاني عام 1980 في تسليح وتدريب الآلاف من أعضاء حزب البعث وأنصاره في مختلف فروع الحزب بطول البلاد وعرضها، وقد لعب التنظيم العسكري لحزب البعث دوراً حاسماً أثناء عملية التدريب. منذ ذلك الحين فصاعداً لم تشترك القوات المسلحة وحدها في سحق أية معارضة مسلحة، بل أيضاً جهاز الحزب المدني بعد تزويده بالسلاح. ونتيجة لذلك، أصبح العنف وما يقابله من عنف أكثر انتشاراً من ذي قبل. وقد كان المؤتمر القطري السابع شاهداً على اعتلاء رفعت الأسد مكانة تضاهى مكانة الرئيس الأسد في الدولة. وقد ذكرباتريك سيل أن أساليب القبضة الحديدية التي مارسلها ربما تكون قد أنقذت النظام، إلا أنها غيرت من سماته. فتصميم السلطات على مواجهة بطش العدو بالمثل، أو حتى بأكثر من ذلك، جعلها تلجأ بشكل أكبر للوحدات العسكرية المزودة بالأسلحة الثقيلة من أجل اقتلاع حرب العصابات بالمدن. أما التحديث الحقيقي فكان في تسليح أعضاء الحزب وأنصاره.
مذبحة تدمر عام 1980
لقد أدت التحريضات الطائفية لمجاهدي الإخوان المسلمين الواردة بالفصل السابع إلى تطور الأمور بشكل خطير، عندما قاموا في 26 حزيران 1980 بمحاولة فاشلة لإغتيال الرئيس حافظ الأسد بدمشق والتي نجا منها بأعجوبة. ولقد اجتاحت الطائفة العلوية موجة من الغضب وأقسم رفعت، شقيق حافظ الأسد، أن ينتقم. وفي اليوم التالي صدرت الأوامر لوحدتين من سرايا الدفاع التابعة لرفعت الأسد من قبل الرائد معين ناصيف، نائب رفعت الأسد وصهره، بالتوجه بالهليوكوبتر إلى تدمر وقتل جميع أعضاء الإخوان المسلمين المسجونين هناك. وقبل الإقلاع قام الرائد معين ناصيف بإطلاع رجاله على العملية، قائلاً إنه لابد من الإنتقام مما حدث:
(إن الإخوان المسلمين قد قتلوا ضباطاً ومشايخ وأطباء “علويين” وأخيراً حاولوا قتل الرئيس حافظ الأسد، لذلك نود الآن أن نعهد إليكم بأول مهمة قتالية).
وفي هذا اليوم تم إغتيال حوالي 550 سجيناً من الإخوان المسلمين في زنزاناتهم بصورة وحشية رمياً بالرصاص، وقد تعالت صرخاتهم بين نداء “الله أكبر” وبين استغاثة. ورغم أن النظام حاول أن يحيط العملية بجو من السرية، إلا أن التفاصيل ظهرت فيما بعد، وخاصة بعد إلقاء القبض على متورطين في هذه العملية بالأردن وقد أدليا باعترافات مفصلة تم إذاعتها بالتلفزيون الأردني. وكان قد تم إرسال الأسيرين السوريين للأردن كعضوين في فريق انتقامي ومعهما تعليمات بقتل رئيس الوزراء الأردني مضر بدران المتهم من قبل السوريين بمساندة الإخوان المسلمين في التسليح والتدريب.
وكرد فعل اندفعت وسائل الإعلام الرسمية الأردنية بعنف ضد سوريا، مركزة هجومها على السمة العلوية للنظام في هجومها الدعائي:
(عندما اكتشف الشعب العربي في سوريا حقيقة النظام الفئوي الطائفي المتسلط عليه وزيف الشرعية التي تستر بها باستغلاله المبادئ والشعارات القومية وعندما بدأ النظام السوري القائم على تحكم فئة من الطائفة العلوية بمواجهة المعارضة الشعبية المتفاقمة ضده داخل سوريا، لجأ في سعيه من أجل البقاء إلى سياسة البطش والقمع والإرهاب في الداخل والخارج وقد عمل على تصفية كل من ارتفع صوته بالإشارة إلى حقيقة هذا النظام، فأغتال صلاح الدين البيطار في باريس ومن قبله كمال جنبلاط وسليم اللوزي وكثيرين غيرهم في لبنان وخارجها.
ومارس داخل سوريا أبشع الأساليب لاستئصال معارضيه وتصفيتهم بالقتل الجماعي تارة والإغتيالات الفردية تارة أخرى لا فرق عنده بين رجل وأمرأة وشاب مسن ولم تسلم من حقده الأسود الطائفة العلوية نفسها إذ عمل على تصفية بعض قادتها ممن خالفوه الرأي وفي مقدمتهم اللواء محمد عمران الذين اغتالوه في لبنان)(1).
(1) للإطلاع على تفاصيل التوثيق وتوضيح بعض الأحداث أعلاه راجع:
فان دام (نيقولاس)، الصراع على السلطة في سوريا- الطائفية والإقليمية والعشائرية السياسية 1961- 1995، صـ 150 – 153
اقرأ:
من كتاب الصراع على السلطة في سوريا – الفصل الأول .. المقدمة :
1- العوامل التي ساهمت في الولاءات الطائفية والإقليمية والعشائرية في سورية
2- الإقليمية في سوريا خلال فترة الاستقلال
3- الأقليات الدينية المتماسكة .. العلويون
4- الأقليات الدينية المتماسكة .. الدروز والإسماعيليون
الفصل الثاني: ظهور الإقليات في القوات المسلحة السورية وحزب البعث
1- التداخل الطائفي والإقليمي والعشائري والإجتماعي الإقتصادي
2- التمثيل القوي لأعضاء الأقليات في حزب البعث
3- الحواجز الإجتماعية التقليدية أمام التوسع الطبيعي لحزب البعث
4- الشقاق الحزبي الإنصرافي داخل جهاز حزب البعث المدني
5- انتخابات حزب البعث المحلية عام 1965
6- أعضاء الأقليات في القوات المسلحة السورية قبل عام 1963
7- الاحتكار البعثي للسلطة في سورية 1963
الفصل الثالث: الإستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية بين السنيين والإقليات الدينية
1- التكتل الطائفي والإقليمي والعشائري في النخبة العسكرية البعثية
2- التمييز الطائفي ضد السنيين في القوات المسلحة السورية
3- فشل سياسة الطائفية العلنية كتكتيك.. إبعاد محمد عمران
4- الاستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية عام 1965
5- الاستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية عام 1966
6- التنظيم السري للقيادة القومية المخلوعة عام 1966
الفصل الرابع: تصفية الضباط الدروز ككل منفصلة داخل القوات المسلحة السورية
2- الاستقطاب الطائفي العلوي – الدرزي وإنقلاب سليم حاطوم
3- الدعاية الطائفية ضد العلويين
4- التصفيات اللاحقة لإنقلاب حاطوم الفاشل
5- تصفية الجماعات الحورانية البارزة
الفصل الخامس – الصراع على السلطة داخل الطائفة العلوية
1- التنافس بين حافظ الأسد وصلاح جديد
2- الصراع على السلطة داخل الطائفة العلوية قبل عام 1970
3- الصراع على السلطة داخل الطائفة العلوية بعد عام 1970
الفصل السادس – الشقاق الحزبي الطائفي والإقليمي في نخبة السياسيين السوريين: تحليل إحصائي
1- تحليل إحصائي لمؤسسات السلطة السياسية السورية 1961- 1995
2- ثورة تاريخية في النخبة السياسية السورية 1963
3- الوزارات السورية والقيادة القطرية
4- العسكريون في القيادات القطرية السورية
الفصل السابع – التحريض الطائفي والمواجهة
1- التحريض الطائفي – مذبحة حلب
2- الدعاية الإعلامية المضادة للطائفة العلوية 1979
3 – تهديدات الحرب الأهلية الطائفية في سورية 1979 – 1980
4- الطائفية والفساد وغياب الانضباط الحزبي 1979- 1980
5 –الفشل البنيوي في كبح الطائفية في سورية 1979 – 1980