You dont have javascript enabled! Please enable it!
من الصحافة

علي بدوان: الوطني الطيب طلعت نافذ يعقوب (أبو يعقوب)

ليلة 17 / 1/ 1984  كنت مناوباً في المقر المركزي للتنظيم في مخيم اليرموك، والواقع بالقرب من دوار فلسطين. ولم يكن معي بالمقر سوى عدد محدود من الرفاق من الشباب، اضافة لحراسات المقر. وكان التوتر المحفوف بالحذر الشديد، يسيطر على الأجواء والمناخات الفلسطينية نتيجة الإنشقاق داخل حركة فتح وانسحابه على المنظمة، وكان موقفنا في حينه في إطار التحالف الديمقراطي الذي دعا للتمسك بوحدة المنظمة، وتجاوز حالة الإنشقاق لصالح حل يحفظ وحدة حركة فتح… الخ.

في تلك الليلة، وبعد منتصفها بقليل، وردت المعلومات الأولية عن اعتقال، أو احتجاز، طلعت يعقوب الأمين العام لــ (ج ت ف)، ومن معه، وأعتقد أن ياسين معتوق (أبو ابراهيم) كان معه. عملية التوقيف أو الإحتجاز تمت مع اقتحام منزله الواقع في المنطقة الملاصقة لبلدة يلدا من جهة حي التضامن، وفي البناء نفسه الذي كان يقطنه عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الفلسطيني (حزب الشعب حالياً) عبد الرحمن عوض الله (أبو حيدر). فكان لزاماً أن أجري اتصالاتي السريعة مع المعنيين في إطار الجهة التي كنت انتمي اليها ومع الجبهة الشعبية في اليرموك، والتحرك لفض الموضوع باسرع وقتٍ ممكن.

كان عبد الفتاح غانم، عضو المكتب السياسي لــ (ج ت ف) هو “بطل” عملية “الإعتقال”، أو عملية احتجاز المناضل الفلسطيني الطيب طلعت يعقوب. وعملية “الإعتقال”، أو الإحتجاز تمت بترتيب بين عبد الفتاح غانم والمرحوم العقيد موسى العملة (أبو خالد) الذي كان يصول ويجول في وقتها، كما أكَّدَت المعطيات اللاحقة. وقد أغاظه موقف طلعت يعقوب الرافض لتأييد عملية الإنشقاق التي وقعت في صفوف حركة فتح في أيار/مايو 1983 وامتدت لمنظمة التحرير الفلسطينية. وفي تلك المرحلة، وقبل احتجاز المرحوم طلعت يعقوب، كان نائب الأمين العام الشهيد محمد عباس (أبو العباس) ابن مخيم اليرموك، قد شارك في تشييع الراحل أبو النمر الخالد من قيادة (ج ت ف)، وغادر سوريا بعد التشييع باتجاه تونس، متبنياً موقفاً معلناً “ضد الإنشقاق” في حركة فتح والمنظمة.

حالة الإحتجاز التي وقعت بحق المرحوم طلعت يعقوب، لم تطول، فقد تدخلت القوى التي إئتلفت في إطار التيار الديمقراطي الفلسطيني، وتم انهاء حالة الإحتجاز، واسدال الستار على اللعبة الصبيانية التي أقدم عليها عبد الفتاح غانم.

في تلك المرحلة، أعلن عبد الفتاح غانم عن نفسه باعتباره الشرعية في (ج ت ف)، وبدأ بنشاطات دعاوية، كان منها اللقاء السياسي الواسع الذي عَقَدَهُ ومن معه في مقر الإعلام الجماهيري في مخيم اليرموك يوم 24/2/1984، وفيه وقفت شخصياً، في مواجهة ماطرحه وماتقدم به عبد الفتاح غانم، وتطورت حالة الجدل الى اشتباكٍ سياسي معه، وتحوّل هذا الإشتباك الى حدود التوتر العالي، وتبادل الضرب بالأيدي وحتى الكراسي، بين الحضور من مختلف الأطراف.

إذاً، بطل عملية إحتجاز المرحوم طلعت يعقوب، كان عضو المكتب السياسي لــ (ج ت ف) عبد الفتاح غانم (أبو ناصر) صاحب المواقف الصقرية والمتهورة، وهي المواقف التي انقلب عليها بعد عدة سنوات رأساً على عقب، وصولاً لإلتحاقه بمنظمة التحرير الفلسطينية، ودخوله ضمن قوائم السلطة الوطنية الفلسطينية للداخل الفلسطيني.

موقف وظاهرة عبد الفتاح غانم في حينها، لم تكن في أحسن الأحوال، وفي ابسط التفسيرات، وعند احلال النوايا الطيبة، سوى عملية مغامرة، أو بالأحرى والأدق “فقاعة”، أبرزت حالة “الطفولة السياسية” التي سيطرة على ذهنية عبد الفتاح غانم والمجموعة التي ولجت معه في تلك اللعبة، فانتهت تلك الظاهرة، أي “فقاعة”عبد الفتاح غانم بهدوء ودون اعلان، وانتهت معه ظاهرة المجموعات الصغيرة المُسماة باللجان الشعبية السورية والفلسطينية المرتبطة بطرف سوري معارض (رابطة الشغيلة) التي صار اسمها بعد ذلك “حزب العمل”.

طلعت يعقوب، الرجل، الطيب، النقي، من بلدة العباسية قضاء يافا، وهي من القرى المدمرة والمحتلة عام 1948، ومن أعضاء المجموعة الفدائية التي تأسست في مخيم (عقبة جبر) بالضفة الغربية تحت مسمى (كتائب العودة)، وانضمت للجبهة الشعبية القيادة العامة اواخر العام 1968، وكان الراحل طلعت يعقوب مسؤولاً فيها عن دائرة التنظيم، فكان الرجل الذي لايهدأ، ولايكل، ولايمل، في تنقله وعمله بين القوات والمقاتلين، بين سوريا ولبنان، بالرغم من ترؤسه دائرة التنظيم. توفي طلعت يعقوب في تشرين الثاني/نوفمبر 1988، ودفن في مثوى الشهداء في مخيم اليرموك.

المصدر
علي بدوان، دنيا الوطن، 18-08-2019



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى