مختارات من الكتب
نيقولاس فان دام : تصفية الجماعات الحورانية البارزة
من كتاب الصراع على السلطة في سوريا (22)
فان دام (نيقولاس)، الصراع على السلطة في سوريا- الطائفية والإقليمية والعشائرية السياسية 1961- 1995.
الفصل الرابع: تصفية الضباط الدروز ككل منفصلة داخل القوات المسلحة السورية
22- تصفية الجماعات الحورانية البارزة
قوي مركز بعض الضباط العلويين من جراء حملة التصفية للعديد من الضباط الدروز البارزين وأعداد قليلة من ضباط محافظة حوران على سبيل المثال. فقد أقلقلت مشاعر التوتر والشكوك الطائفية والإقليمية الجماعية المتداخلة والتي اندلعت خلال الصراع على السلطة بين النخبة السياسية البعثية عدداً من أعضاء الحزب حول مدى سيطرة العلويين داخل الحزب والقوات المسلحة(1). وخلال الشهور الأولى من عام 1967 قدم قادة بعض الفروع والشعب والفرق استقالاتهم من مهام وظائفهم الحزبية، رافضين الاشتراك في أية اجتماعات أو نشاطات حزبية أخرى، تعبيراً عن قلقهم تجاه التوترات الطائفية والإقليمية الجماعية المتداخلة في جهاز الحزب والقوات المسلحة وأيضاً إظهاراً لقلقهم تجاه سيطرة جماعات معينة خاصة العلويين سواء كانت طائفية او إقليمية أو عشائرية(2).
وقد تم التعبير ظاهرياً عن هذه التوترات عندما هدد ثلاثة وزراء من محافظة حوران بتقديم استقالاتهم من الحكومة السورية(3). وفي أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية في يونيو (حزيران) 1967 فقد بعض البعثيين المدنيين البارزين من حوران مراكزهم في قيادة الحزب والحكومة(4). وفي 14 شباط 1968 تم إعفاء أحمد سويداني رئيس أركان الجيش السوري وهو من حوران وكان فيما سبق من أبرز أنصار صلاح جديد من مهام منصبه في الجيش(5). وكان هذا يعني خلع الشخصية العسكرية الرئيسية المتبقية من حوران(6).
وفي الواقع كان يعني هذا الإجراء تصفية أو تحييد البعثيين العسكريين والمدنيين الحورانيين من جهاز الحزب والجيش بوصفهم كتل قوى منفصلة. وهذا لم يكن يعني عدم وجود أي ضباط حورانيين بالجيش أو أن البعثيين الحورانيين قد حُرموا من شغل مناصب عليها في جهاز الحزب، بل كان يعني نهاية دورهم كمجموعة قوى لها وزنها، ولم يُمنحوا فيما بعد فرصة إعادة تجميع أنفسهم كجماعات ذات قوى في القوات المسلحة، بحيث يشكلون تهديداً خطيراً للفصائل الأخرى (كالعلويين) داخل القوات المسلحة أو داخل الحزب.
وكانت الفصائل الحورانية فيما مضى تستمد تأثيرها وقوتها من التحالفات القائمة مع المجموعات الأخرى، كتلك التابعة لصلاح جديد او سليم حاطوم(7).
(1) طبقاً للصفاء، 22 تشرين الثاني 1966م، فإن رئيس الأركان أحمد سويداني ومحمد الزعبي (سنيان من حوران)، كانا قلقين من سيطرة العلويين.
(2) نشرة المكتب التنظيمي للقيادة القطرية السورية لحزب البعث، 19 آذار 1967، للنص انظر:
Van Dam, De Rol van Sektarisme, Regionalisme en Tribalisme, p. 171.
(3) الوزراء الحورانيون الذين هددوا بتقديم استقالتهم هم محمد الزعبي (سني)، وصالح محاميد (سني)، مشهور زيتون (مسيحي). الحياة 12 آذار 1967، 6 و 7 نيسان 1967، الأحرار 14 شباط 1967، الجديد 17 آذار 1967م.
(4) المحرر 26 أيلول 1967، العالم العربي، 11 أيلول 1967، الحياة 12 و 26 أيلول 1967. انظر ايضاً:
Van Dam, De Rol van Sektarisme, Regionalisme en Tribalisme, pp. 1702.
(5) البعث، 16 شباط 1968، الثورة 17 شباط 1968. قارن البعث 21 تموز 1968م، الراية 12 تموز 1971م، تم استبدال سويداني بـ مصطفى طلاس رئيساً للأركان. انظر مصطفى طلاس، مرآة حياتي، صـ 450.
(6) تم تسريح موسى الزعبي ومصطفى الحاج علي من الجيش في 1967 و 1968 وهما العضوان السنيات الحورانيان الآخران باللجنة العسكرية البعثية السابقة.
(7) قارن الحياة 16 شباط 1968م، الصفاء 6 شباط 1968م، الجريدة 2 آذار 1968م، قارن الأنوار 15 تشرين الثاني 1970م. في اغسطس 1968م، تم التبليغ عن تورط أحمد سويداني في إنقلاب فاشل. في يوليو تموز 1969 القت السلطات السورية القبض عليه عندما توقفت طائرته في مطار دمشق في طريقها من بغداد للقاهرة، حيث كان يتمتع باللجوء السياسي هناك منذ عام 1968م. (قارن عبد الكريم الجندي في مقابلة مع آخبار اليوم، 7 أيلول 1968م، النهار 20 آب 1968، الحياة 21 آب 1968، و 23 تموز 1969، الأنوار 21 آب 1968، الصياد 24 تموز 1969. بعد اعتقال سويداني تم اعتقال العديد من مؤيديه العسكريين الحورانيين الذين كانوا لا يزالون في الجيش. قارن الحياة 9 آب 1969. وتمت اعتقالات جديدة في أيار 1970م، بين المدنيين والعسكريين المتهمين بالتخطيط للإطاحة بالنظام السوري لصالح نظام البعث العراقي المعارض، ضمت ضباطاً من حوران وحلب وادلب ومعظمهم سنيون. كان معظم الضباط المعتقلين من حلب وأدلب من مؤيدي الفريق أمين الحافظ، وهو حلبي وقد عاش بالمنفى في بغداد منذ عام 1968. قارن (الأحرار، 6 يوليو 1970، الراية 12 تموز 1971. تم الإفراج عن أحمد سويداني من سجن المزة في شباط 1994 بعد أن قضى به حوالي 25 عاماً، الحياة 24 شباط 1994.
اقرأ:
من كتاب الصراع على السلطة في سوريا – الفصل الأول :
نيقولاس فان دام (1): العوامل التي ساهمت في الولاءات الطائفية والإقليمية والعشائرية في سورية
نيقولاس فان دام (2): الإقليمية في سوريا خلال فترة الاستقلال
نيقولاس فان دام (3): الأقليات الدينية المتماسكة .. العلويون
نيقولاس فان دام (4): الأقليات الدينية المتماسكة .. الدروز والإسماعيليون
من كتاب الصراع على السلطة في سوريا – الفصل الثاني:
نيقولاس فان دام (5): التداخل الطائفي والإقليمي والعشائري والإجتماعي الإقتصادي
نيقولاس فان دام (6): التمثيل القوي لأعضاء الأقليات في حزب البعث
نيقولاس فان دام: (7) الحواجز الإجتماعية التقليدية أمام التوسع الطبيعي لحزب البعث
نيقولاس فان دام: (8) الشقاق الحزبي الإنصرافي داخل جهاز حزب البعث المدني
نيقولاس فان دام (9): انتخابات حزب البعث المحلية عام 1965
نيقولاس فان دام (10) : أعضاء الأقليات في القوات المسلحة السورية قبل عام 1963
نيقولاس فان دام (11): الاحتكار البعثي للسلطة في سورية 1963
من كتاب الصراع على السلطة في سوريا – الفصل الثالث:
نيقولاس فان دام (12): التكتل الطائفي والإقليمي والعشائري في النخبة العسكرية البعثية
نيقولاس فان دام (13): التمييز الطائفي ضد السنيين في القوات المسلحة السورية
نيقولاس فان دام (14) : فشل سياسة الطائفية العلنية كتكتيك.. إبعاد محمد عمران
نيقولاس فان دام (15) : الاستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية عام 1965
نيقولاس فان دام (16) : الاستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية عام 1966
نيقولاس فان دام (17) : التنظيم السري للقيادة القومية المخلوعة عام 1966
الفصل الرابع: تصفية الضباط الدروز ككل منفصلة داخل القوات المسلحة السورية
نيقولاس فان دام (18) : تنظيم سليم حاطوم السري
نيقولاس فان دام (19) : الاستقطاب الطائفي العلوي – الدرزي وإنقلاب سليم حاطوم
نيقولاس فان دام (20) : الدعاية الطائفية ضد العلويين
نيقولاس فان دام (21) : التصفيات اللاحقة لإنقلاب حاطوم الفاشل