You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

شكري القوّتلي غداة يوم الوحدة

“كان وجه رئيس سوريا السابق القوّتلي هو الوحيد الصامت في خضمّ الحماس الذي عمّ السورييّن عندما تلاشت سوريا في الأنشلوس الجديد”.

Un seul visage taciturne au milieu de l’enthousiasme syrien: celui de Kouatly, l’ancien président d’une Syrie qui vient de disparaitre dans le nouvel Anschluss.
هكذا علّقت مجلّة Paris Match الفرنسيّة في عددها الصادر في الثامن من آذار عام ١٩٥٨. استعمال مصطلح “الأنشلوس” Anschluss الذي ضمّت بموجبه ألمانيا النازيّة النمسا إلى “الرايخ الثالث” عام ١٩٣٨ مقصود بالطبع لتنبيه القارىء اللبيب إلى التشابه بين عبد الناصر وهتلر.  ذهب بعض الكتّاب من المستشرقين إلى حدّ تشبيه خطر عبد الناصر  على الغرب بخطر النبي محمّد (Robert Payne في كتاب “تاريخ الإسلام” على سبيل المثال).
التعليق على الصورة الثانية هو الآتي: “تحوّلت المظاهرات الشعبيّة إلى مهرجان بهيج احتفل فيه الجنود السورييّن بعقيدهم الجديد -أي عبد الناصر- بطريقة غير نظاميّة”.
Les manifesations populaires se sont transformées en joyeux carnaval. Les soldats syriens fêtent ici d’une façon peu réglementaire leur nouveau colonel.
لا مناص هنا من محاولة لوضع النقاط على الحروف للحقيقة والتاريخ.
*علاقة سوريا مع مصر قديمة منذ تحوتمس الثالث ورعمسيس الثاني. بل لربّما منذ سنوحي قبل أربعة آلاف سنة ولم تقتصر يوماً على الحملات العسكريّة من وإلى دمشق والقاهرة مروراً بالعهد الفاطمي ثمّ النوري فالأيّوبي فالمملوكي. حاربت مصر وسوريا سويّة في ١٩٦٧ و ١٩٧٣ بغضّ النظر عن التفاصيل والمقدّمات والنتائج ومن المفهوم أنّ أي علاقة طويلة الأمد من هذا النوع لا بدّ أن يكون فيها مدّ وجزر.
*صحيح أنّ مبادرة الوحدة أتت من مجموعة من الضبّاط السورييّن الذين تجاوزوا القوّتلي والمؤسّسات السياسيّة السوريّة وذهبوا مباشرة إلى عبد الناصر سعياً للوحدة وأنّهم بهذا وضعوا الرئيس السوري أمام الأمر الواقع. مع ذلك من المبالغة القول أنّ القوّتلي كان معادياً للوحدة خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار تاريخ الرجل. شكري بك كان -ولسنوات طويلة- مصريّ الهوى ومن المعروف أنّه لجأ إلى مصر عام 1949 في أعقاب انقلاب حسني الزعيم وبقي فيها لاجئاً سياسيّاً معزّزاً مكرّماً في ضيافة الملك فاروق ثمّ عبد الناصر إلى أن عاد إلى دمشق بعد سقوط الشيشكلي. ليس ذلك فحسب: مصر كانت ملاذاً للسورييّن الذين أمّوها لأسباب أمنيّة أو اقتصاديّة في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. أسماء أبو خليل قبّاني وفريد الأطرش وكثير غيرهم غنيّة عن التعريف.
*المقارنة مع هتلر تافهة. ألمانيا اليوم عصب أوروبا الاقتصادي والصناعي رغم خسارتها حربين عالميّتين أكلت الملايين من أبنائها ودمّرت مدنها وجرّدتها من مساحات شاسعة من أراضيها طرد أهلها من بلادهم. سوريا ومصر في القرن العشرين وإلى اليوم بلاد ضعيفة محاطة بالذئاب يقتصر همّها -رغم كل “العنتريّات التي ما قتلت ذبابة”- على الدفاع عن نفسها واعتقد أهلها بإخلاص أنّ الوحدة خطوة في سبيل تحقيق هذا الهدف. المقارنة مع النبي محمّد ليست بحاجة إلى تعليق.
*أقنع الكثيرون أنفسهم أنّ عبد الناصر أدخل الديكتاتوريّة إلى العالم العربي أو كرّسها على أقلّ تقدير. كلّ من يعتقد بذلك -مع كامل احترامي لأصحاب هذا الرأي- يعيش في كوكب آخر لا يمتّ لعالمنا بصلة. الشرق الأدنى والعالم العربي والأمّة الإسلاميّة وما قبلها وما بعدها كانت دائماً وأبداً محكومة من قبل أنظمة سلطويّة منذ أيّام الفراعنة وملوك آشور وإلى العصور الحديثة. جميع الرؤساء والملوك والأمراء والمشايخ اليوم يحكمون بنفس الطريقة واستناداً إلى نفس المبادىء. عندما يتاجر الغرب بالديمقراطيّة ويدين ديكتاتوريّات الأسد وعبد الناصر والقذّافي وصدّام حسين فهو مخطىء في أحسن الأحوال ومنافق كاذب على الأغلب. هل الأنظمة الخليجيّة والمغربيّة والأردنيّة “ملكيّات دستوريّة”؟

اقرأ:



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

هيثم قدح

طبيب وكاتب سوري مقيم في الولايات المتّحدة الأمريكيّة منذ عام 1985

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى