You dont have javascript enabled! Please enable it!
شهادات ومذكرات

الانفصال في مذكرات الفريق جمال الفيصل – وفاءٌ للقسم (3)

كتب الفريق جمال الفيصل في مذكراته عن تفاصيل وحوادث الانفصال ما يلي:


بعد أن تم الاتفاق مع الانفصاليين على كافة الأمور العسكرية اتصل معي هاتفياً الرئيس عبد الناصر وأوصاني بالمشير خيراً ، كما أعلمني أنه يعتمد علي اعتماداً كلياً لحل الأزمة والمحافظة على سلامة المشير. ثم اتصل بالمشير الذي أعلمه بأن الأمور في طريق الحل والتسوية وأنه في طريق التفاهم مع الضباط الانفصاليين لإيجاد مخرج للأزمة. وفي تلك الأثناء اتصل معي العميد حكمت الداية من حلب وأعلمني أنه يؤيد القيادة الوحدوية وأنه لا يعترف بالانفصاليين وكذلك كان موقف العقيد ماجد ماميش.

الفريق جمال الفيصل في المناورة البحرية المشتركة لجيوش الجمهورية العربية المتحدة

البلاغ رقم 9:

تمت إذاعة البلاغ رقم 9 بعد أن قام الانفصاليون بإجراء بعض التعديلات عليه على الشكل التالي

(إن القيادة العربية الثورية للقوات المسلحة التي دفعها الشعور بالخوف على وحدة الصف العربي وحماسها للقومية العربية وتأييدها لها ودفاعاً عن مقوماتها تعلن للشعب العربي الكريم أنها لاتنوي المس بما أحرزته القومية العربية من انتصارات وتعلن أنها لمست عناصر انتهازية مخربة تريد الإساءة لقوميتنا فقامت بحركتها المباركة تلبيةً لرغبة الشعب العربي وآماله وأهدافه ، وأنها عرضت قضايا الجيش على سيادة المشير نائب الرئيس والقائد العام للقوات المسلحة الذي تفهم أمور الجيش على حقيقتها واتخذ الإجراءات المناسبة لحلها لصالح وحدة القوات المسلحة والجمهورية العربية المتحدة. وقد عادت الأمور العسكرية إلى مجراها الطبيعي اعتماداً على ثقتها بحكمة القائد العام للقوات المسلحة وقائد الجيش الأول الذين يحققان أهداف القوات المسلحة والجمهورية العربية المتحدة)

نتائج إذاعة البلاغ رقم9:

أولاً: على الصعيد العسكري:

عندما أذيع البلاغ رقم ٩ اعترض عليه بعض الضباط الانفصاليين الذين لم ترق لهم تسوية الأمور والإبقاء على حكومة الوحدة ، فاتصلوا برفاقهم الذين اتفقوا مع المشير وطلبوا منهم إلغاء البلاغ رقم ٩ والسير بعملية الانفصال حتى النهاية وقد حدثني العميد فيصل سري الحسيني بأن المقدم مهيب الهندي اتصل من معسكر قطنا بالمقدم عبد الكريم النحلاوي في قيادة الجيش وطلب منه إلغاء الاتفاق وتنفيذ عملية الانفصال وهدده بالزحف على دمشق وتقويض مبنى القيادة على رؤوس الضباط الذين يحاولون الاتفاق مع المشير. وهكذا تراجع الانفصاليون عن الاتفاق الذي تم معهم وامتنعوا عن سحب الدبابات المحاصرة للقيادة وإعادتها إلى معسكراتها، وبالعكس فقد دخلت بعد مصفحات قوى البادية إلى الساحة الداخلية لمبنى القيادة. ثم امتنعت والمشير عامر عن إذاعة البيان رقم ١٠ بإنهاء حالة التمرد ، وهكذا فقد عادت الأمور إلى ماكانت عليها في الصباح قبل الاتفاق على حل الموضوع وتأزم الموقف من جديد. وعندها طلب العقيد موفق عصاصة بلسان رفاقه تسفير الوزراء العسكريين أكرم ديري ، جادو عز الدين ، طعمة العودالله ، وأحمد حنيدي للقاهرة فوافق المشير على سفرهم وسافروا فعلاً على طائرة عسكرية خاصة.

ثانياً: على الصعيد المدني:

عند إذاعة البلاغ الأول الذي أذاعه الانفصاليون من محطة إذاعة دمشق قامت في دمشق بعض المظاهرات الهزيلة المنظمة تهتف هتافات معادية للوحدة. أما بعد إذاعة البلاغ رقم ٩ فقد عمت مظاهرات الفرح والابتهاج كافة شوارع دمشق واتجهت باتجاه قيادة الجيش الأول لتعبر عن بهجتها وسرورها بإنهاء الخلاف وتسوية الأمور ، إلا أن الانفصاليين منعوها من الوصول إلى مبنى القيادة بعد أن اتفقوا على المضي بعملية الانفصال وإلغاء اتفاقهم مع المشير.

السفر إلى القاهرة:

عندما قرر الانفصاليون إلغاء اتفاقهم مع المشير ذهبت إلى مكتبي ووقفت فيه برهة وجيزة من الزمن وسألت الله أن يلهمني إلى سلوك الطريق السوي وعندها غمرتني موجة من ارتياح الضمير والاطمئنان النفسي وقررت البقاء على موقفي المؤيد للوحدة ومساندة المشير حتى يصل سالماً إلى أهله. ثم دخلت إلى مكتب المشير وبقيت لجانبه إلى أن دخل العقيد عصاصة وطلب من المشير السفر للقاهرة كما دخل العقيد محمد منصور وطلب مني البقاء في دمشق ثم تبعه اللواء عبد الكريم زهر الدين (وقد ظهر للمرة الأولى) وطلب مني بإلحاح البقاء في دمشق واستلام البلد بصورة تامة والتصرف بمقدراتها، وأعلمني بأن الضباط الانفصاليين يطلبون عدم سفري للقاهرة وعندها أجبته : (يا عبد الكريم لقد أقسمت يمين الولاء للجمهورية العربية المتحدة وسأبر بقسمي وإن الرجال تعرف بمواقفها الحاسمة في الفترات الحرجة من حياتها، وإن العمل الذي قام به الضباط الانفصاليون سيكون له نتائج سيئة جداً على مستقبل الأمة العربية تفوق نتائج حروب المغول وتحطيم الخلافة العباسية كما تفوق نتائج الحروب الصليبية. وإنكم بعملكم الذي قمتم به اليوم قد حطمتم الوحدة العربية وقضيتم عليها لفترة طويلة من الزمن لا يعلم إلا الله مدتها).

وعند ذلك ذهبت إلى مطار المزة مع المشير عامر يرافقنا اللواء عبد الكريم زهر الدين والعقيد موفق عصاصة . وفي المطار وقبل إقلاع الطائرة طلب مني اللواء زهر الدين عدم السفر والبقاء في دمشق ، ولكني رفضت طلبه ودخلت الطائرة. وعند إقلاع الطائرة نظرت إلى غوطة دمشق وتألمت لأن ضباط الانفصال حطموا الوحدة تلبيةً لنزعات شخصية ونزوات فردية تحقيقاً لأطماع مادية سعى إليها بعض أبناء هذا البلد المجاهد المناضل.


اقرأ:

الانفصال في مذكرات الفريق جمال الفيصل – تنفيذ الانقلاب (3/2)

الانفصال في مذكرات الفريق جمال الفيصل – ما قبل الانفصال (3/1)

النقيب أحمد عنتر مع جمال الفيصل في الكويت في الستينيات

الفريق جمال الفيصل بريشة الفنان مروان السباعي عام 1957م

 

المصدر
مذكرات الفريق جمال الفيصل الغير منشورة



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

أرشيف جمال الفيصل

الفريق جمال الفيصل قائد الجيش السوري في الإقليم الشمالي - سورية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى