من الصحافة
صحيفة 1966- سليم حاطوم قاد 2000 من قوات المشاة في محاولة فاشلة لقلب الحكومة
نشرت صحيفة الأهرام في عددها الصادر في العاشر من أيلول 1966م، خبراً عن محاولة سليم حاطوم الفاشلة لقلب نظام الحكم في سورية.
نص الخبر:
_(اشتباكات مسلحة جرت في سوريا في ختام أسبوع ملئ بالأحداث
سليم حاطوم قاد 2000 من قوات المشاة في محاولة فاشلة لقلب الحكومة
أذيع أمس في دمشق أن اشتباكات مسلحة جرت يوم الخميس خارج العاصمة السورية، وأن القوات المسلحة والعمال المسلحين سحقوا المحاولة الثانية في خلال أسبوع واحد لقلب الحكومة واعتقلوا حوالي 200 من المدنيين والعسكرييين الذين اشتركوا فيها. وقد اتهمت المصادر الرسمية الأردن والسعودية بتشجيع المحاولة التي تكفل الأردن بتزويدها بالأموال والأسلحة.
ووقعت اشتباكات- على نحو ماذكرت المصادر الرسمية- بين قوات الجيش وقوات حامية “حرستا” التي تضم 2000 من المشاة، وكانت الحامية هي مركز الإنطلاق على ما يبدو لمحاولة كبيرة لقلب الحكومة يقودها العقيد سليم حاطوم قائد قوات المغاوير “الصاعقة”، وهو الذي قاد الهجوم على منزل الفريق أمين الحافظ رئيس مجلس الرياسة السابق في حركة يوم 23 فبراير الماضي.
وقد أعلن بمضى تفصيلات لأحداث يوم الخميس، خالد الجندي رئيس اتحاد عمال سورية سورية، الذي كان له دور في الأحداث التي شهدتها البلاد خلال الأسبوع الماضي، وكانت الأنباء التي أذيعت من جميع العواصم المحيطة بسوريا التي أغلقت حدودها البرية وتوقفت الاتصالات الجوية معها قد تضمنت معلومات تقول أن قتالاً دار في بعض مناطق دمشق وفي خارجها، كما وقعت عدة حوداث تخريبية.
وكذلك ذكرت هذه الأنباء – التي نقلتها وكالات الأنباء العالمية – أن إشارة الدكتور يوسف زعين رئيس الوزارة إلى “تصفية القائمين بالمحاولة نهائياً” انما تعني ان زعماء الحركة قد أعدموا أو قتلوا في الاشتباكات التي جرت مساء الخميس.
وكان الدكتور زعين قد أذاع بياناً في ساعة مبكرة من صباح أمس أعلن فيه احباط المحاولة التي قامت بها قوى يمينية ورجعية للاستيلاء على الحكم، ولكنه لم يشر إلى القائمين بها وان كانت البيانات التي أذيعت قبل ذلك أتهمت أنصار ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار ومنيف الرزاز من أعضاء القيادة القومية السابقة لحزب البعث بالاشتراك في المحاولة.
وقد صرح خالد الجندي بأن المتمردين استسلموا بسرعة بعد تبادل اطلاق النار في ساعة مبكرة من صباح الخميس عند حامية حرستا واعتقل زعيمهم “سليم حاطوم”، وهو يحاول الهرب جنوباً نحو حدود الاردن. وأكد أن المحاولة كانت تلقى تأييد الأردن والسعودية، كما تلقت أسلحة وأموالاً من حكومة الأردن.
وأعتقل حاطوم في درعا على بعد 5 أميال من الحدود مع الأردن، في الوقت الذي رددت فيه المصادر السورية – على نحو ما تقول وكالة “اليونيتد برس” أن قوات أردنية تحتشد على الحدود مع سوريا.
وقال خالد الجندي أن الحكومة السورية تعتقد أن حاطوم ربما كان يحاول الاتصال بالجيش الأردني للحصول على تأييده لمحاولة الإنقلاب.
ثم قال أن الحكومة اكتشفت المحاولة عندما اعتقل رئيس البوليس السري السوري وبعض معاونيه لأن إدارة البوليس السري هي التي دبرت هرب صلاح الدين البيطار رئيس الوزراء السابق من سجنه: وقد كشف بعض الضباط المعتقلين تفصيلات المحاولة الجديدة واعترفوا بأنهم كانوا يعدون العدة لتهريب عدد آخر من السياسيين الذين سجنوا بعد حركة 23 فبراير.
وتبين من هذه الاعترافات أن المحاولات كانت تقضى بأن يقوم عدد من المدنيين بإحداث اضطرابات في دمشق في الوقت الذي يقوم به حاطوم بقيادة 2000 من جنود المشاة تحت أمرته في حامية حرستا. وكان من المقرر أن يتم تنفيذ المحاولة في الساعة العاشرة من مساء الخميس، ولكن الحكومة بعد أن علمت بها أرسلت دبابات من حامية القابون (خارج دمشق)، حاصرت قوات حاطوم، وقاد طابور الدبابات العقيد عبد الكريم الجندي، وزير الإصلاح الزراعي.
وفرضت الحكومة حظر التجول فوراً حيث اعتقلت مجموعة من المدنيين في دمشق ذكرت أسماء أعضائها بين المشتركين في المحاولة، بينما تولى العمال المسلحون بأنفسهم اعتقال أكثر من 30 من السياسيين والرسميين في مختلف أنحاء سوريا.
وقال رئيس اتحاد العمال، وهو جزء من تنظيمات حزب البعث، ان سليم حاطوم، تعاون مع أعدائه السابقين، “وهو يقصد أنصار أمين الحافظ وأعضاء القيادة القومية السابقين للحزب) لأنه كان يتوقع أن يحصل على دور أكبر في إدارة البلاد، وأبدى عدم رضائه عن تحسن العلاقات بين الحكومة السورية الجديدة والاتحاد السوفيتي.
ونفى خالد الجندي أن حاطوم وأنصاره اعتقلوا اللواء صلاح جديد الذي يقف وراء حركة 23 فبراير الماضي، والدكتور نور الدين الأتاسي رئيس الدولة في سوريا. وكانت بعض صحف بيروت قد ذكرت أن معارك وقعت في مناطق الجبهة بين وحدات موالية للحكومة ووحدات معادية لها، وقالت بعض الصحف اللبنانية – المعروفة بعدائها للحكم في سوريا- أن الدكتور الأتاسي، وهو يشغل أيضاً منصب السكرتير العام للقيادة القطرية لحزب البعث، كان يقوم بجولة تفتيشية على وحدات الجبهة الجنوبية يصحبه فيها اللواء صلاح جديد، والسكرتير المساعد للقيادة القطرية. وعند وصولهما إلى الحامية التي يقودها العقيد طلال أبو عسلي اعتقل الدكتور الأتاسي وصلاح جديد ووضعهما في السجن، وقد حاولا الهرب ولكنهما فشلا في ذلك وأصيبا بجراح.
ولم تتأكد هذه الأنباء بأي شكل من الأشكال، وكذلك لم تذكر المصادر الرسمية في دمشق أي نبأ عن العقيد طلال أبو عسلي الذي تردد اسمه بين المشتركين في أحداث الأسبوع الماضي.
وكان راديو دمشق قد أعلن يوم الثلاثاء أن الحكومة أحبطت محاولة إنقلاب “أعقبت موجة من العنف والارهاب والقتل والتخريب”.
ولكن وكالة أنباء الشرق الأوسط قالت في نبأ لها من بيروت أن العقيد أبو عسلي وصل إلى بيروت ولجأ إلى السفارة الأردنية فيها. وقال أن من الأنباء التي ترددت أيضاً أن موفق عصاصة – أحد المشتركين في مؤامرة الأنفصال في عام 1961 – قد وصل أيضا إلى بيروت برفقة أبو عسلي ولجأ بدوره لسفارة الأردن”.
وقال أن العمال لا يزالون يعتقلون 30 سياسياً ومسؤولاً قبضوا عليهم يوم الخميس، بالإضافة إلى 14 من المسئولين في القطاع العام اعتقلهم العمال في بداية الأسبوع ولم يسلموا بعد إلى سلطات الأمن. ثم قال ان كتائب العمال المسلحة تضم 2000 رجل منهم 400 مسلح في دمشق وحدها. وأضاف أن العمال يقومون بما لا يمكن للحزب والحكمة أن يقوما به، إذ ينبغي عليهما الالتزام بالقانون.
وقد أعلنت القيادة القطرية التي تتولى قيادة الحكم في سوريا بالغاء حظر التجول ابتداء من الساعة الخامسة مساء أمس بعد أن تم القضاء “على فلول اليمينية الدينية التي حبكت في الظلام ضد ثورة الجماهير، وضد أهدافنا في الوحدة والحرية والاشتراكية، وبعد أن زالت الأسباب التي أدت إلى فرض حالة منع التجول”).