You dont have javascript enabled! Please enable it!
بطاقات بحث

خطاب جمال عبد الناصر بمناسبة العيد العاشر للثورة عام 1962

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر من جامعة الإسكندرية في السابع والعشرين من تموز 1962م، بمناسبة العيد العاشر للثورة والذي تحدث فيه عن الأوضاع في سورية

نص الخطاب:


تعودنا منذ العام الأول للثورة أن نختتم احتفالاتنا هنا فى جامعة الإسكندرية، وكان لجامعة الإسكندرية منذ اليوم الأول معنى كبير بالنسبة لى، وقد قلت هذا كل عام من الأعوام الماضية؛ لأنها كانت أول هيئة أرسلت لنا بعد الثورة تأييدها للثورة، أول برقية شفتها كانت من جامعة الإسكندرية، وكان هذا يدل على تجاوب بين كل أبناء الشعب، الشعب أيد الثورة منذ أول يوم؛ لأنه كان يتمناها لتحقيق أهدافه.

النهارده بعد ١٠ سنين من الثورة بنجتمع فى نفس المكان لنحتفل بما أنجزناه، ولنتطلع إلى المستقبل بأمل وعزم وتصميم. ويسعدنى ويسرنى أن أقول إن الجامعات فعلاً هى خلايا ثورية، وليست فى أبراج عاجية، وأنا أعلم تعاون جامعة الإسكندرية مع جميع الهيئات من أجل الخدمة العامة للشعب؛ بالتعاون فى التخطيط، التعاون فى الحكم المحلى، التعاون فى النواحى الصحية والنواحى الهندسية. وأنا على ثقة أن الشعب هنا فى الإسكندرية يحمل فى نفسه كل تقدير؛ إن دل هذا على شىء فهو يدل على أننا نسير فى التطبيق الاشتراكى بدون تطلعات طبقية، وأن كل من حصل على فرصة يضع هذه الفرصة فى خدمة وطنه، وفى خدمة بلده، وفى إعطاء الفرصة لمن لم يستطع أن يحصل على فرصة مثله. هذه الخدمات تعطى للشعب بمجموعه، الشعب الذى يتمثل فى الشعب العامل؛ فى العمال، الفلاحين، الموظفين.. الشعب الذى حرم فى الماضى من كل شىء يجد اليوم رجال الجامعة فى خدمته.

إن هذا إن دل على شىء فيدل على أن أملنا فى خلق مجتمع اشتراكى متحرر من كل أنواع الاستغلال ممكن أن يتحقق بيسر وبسهولة، وأن كل فرد من أبناء هذه الأمة مهما وجد من الفرص فإنه ينظر إلى أبناء الشعب على أساس أنهم القاعدة التى يجب علينا جميعاً أن نخدمها؛ لأن قوة الأمة بقوة الشعب كله وليست بقوة قلة من أبنائه. الجامعات قامت بواجباتها كخلايا ثورية؛ فى اللجنة التحضيرية اشترك أساتذة الجامعات، اشتركوا وتناقشوا، وعملوا بجهد بالليل وبالنهار، وفى دراسة الميثاق، وفى مناقشة الميثاق، ثم فى لجنة تقرير الميثاق.. عمل أساتذة الجامعة بكل جهد وبدون كلل، وأنا أعلم أنهم كانوا يعملون ليل نهار فى تعاون كامل مع باقى أبناء الشعب. إن هذا أيضاً يؤكد الأمل فى أننا فعلاً نسعى إلى مجتمع تذوب فيه الفوارق بين الطبقات؛ حتى يجد كل فرد بين أبناء هذه الأمة الفرصة التى يجدها الآخر.

إن الجامعات لها دور كبير فى خدمة الشعب.. فى خدمة الشعب العامل من أجل تحقيق أهدافه، ومن أجل تحقيق أمانيه، وليس هذا الواجب مقتصراً على العلم فقط، ولكنه يشمل أيضاً النواحى الاجتماعية، النواحى الاجتماعية هى الأساس الذى نبنى عليه الثورة الاجتماعية، الثورة الاجتماعية تتطلب تفاعلاً كاملاً من كل أبناء الشعب حتى تنجح، والثورة الاجتماعية ليست بالأمر السهل، ولكنها تحتاج إلى عمل شاق متواصل، وتحتاج إلى بذل وإلى تضحية، وتحتاج إلى تكافل وتضامن، وتحتاج إلى العمل الجماعى بين كل الأفراد حتى يمكن أن تتحقق.

النهارده بعد ١٠ سنين من الثورة نستطيع أن نشعر أننا تقدمنا مرحلة فى سبيل إرساء دعائم هذه الثورة الاجتماعية، واحنا أما نتكلم عن الثورة الاجتماعية لازم نبص للشعب كله بجميع طبقاته وبجميع أبنائه ونبص للفلاح اللى مش قادر يجد الفرصة علشان يملك أرض، أو الفلاح اللى بيكون عاطل ٦ أشهر مثلاً. ثم ننظر أيضاً إلى العامل اللى عايز يؤهل وعايز يعيش حياة سعيدة، ننظر أيضاً إلى كل طائفة وكل مجموعة من أبناء الشعب، وما نقدرش نقصر نظرتنا على مجموعنا؛ لأن الشعب بيتمثل فيه ٢٧ مليون من أبنائه. أما نقول عايزين ثورة اجتماعية.. عايزين ثورة اجتماعية علشان كل واحد من أبناء الشعب يشعر بثمار هذه الثورة الاجتماعية، والثورة الاجتماعية تتمثل فى الكفاية والعدل؛ الكفاية فى العمل والإنتاج، والعدل هو أن يكون لكل فرد من أبناء الأمة نصيب فى ثروة بلده، ولا تكون الثروة ملكاً لقلة من الأفراد يتحكمون فى أبناء الشعب، والعمل أيضاً يكون شرف، والعمل يكون له قدر إنتاجه. الثورة الاجتماعية هى أن تذيب الفوارق بين الطبقات؛ ما يكونش لأى إنسان فضل على الآخر إلا بعمله، وبعمله وبجهده، الثورة الاجتماعية أن نبنى بلدنا، وأن يشعر كل فرد فى بلدنا بالحرية والسعادة، وانه يعيش فى مجتمع ترفرف عليه الرفاهية.

الثورة السياسية وحدها لم تكن كافية لأن تحقق الأهداف التى أعلناها، ولكن كان لابد لنا من أن نخوض ثورة سياسية وثورة اجتماعية؛ الثورة السياسية من أجل القضاء على الانتهازية، من أجل القضاء على احتراف الحكم، من أجل القضاء على التلاعب السياسى، من أجل القضاء على الآثار التى وضعها الإنجليز فى بلادنا؛ بخلق أحزاب تتطاحن من أجل منافع ذاتية ومنافع شخصية، وتحويل كل هذا إلى أن يكون الشعب كله يداً واحدة، يعمل من أجل خير الشعب بمجموعه؛ لا من أجل مصلحة فرد واحد، ولا من أجل مصلحة أفراد، ولا من أجل مصلحة السفير البريطانى أو الملك.. زى ما كان بيحصل قبل ٥٢.

ودخلنا فى هذه الثورة السياسية وكانت تسير جنباً إلى جنب مع الثورة الاجتماعية منذ أول يوم، ولم يكن من السهل علينا أن نحقق الثورة الاجتماعية إلا بعد أن ننجح فى تحقيق الثورة السياسية؛ لأنه من الواضح ان النواحى السياسية بتتأثر دائماً بالنواحى الاجتماعية، فإذا كان الاقتصاد فى ملك فئة قليلة، وإذا كانت الأرض تملكها فئة قليلة، وإذا كانت كل المقومات تملكها فئة قليلة؛ فمن الواضح أن السياسة والحكم لابد أن تكون لهذه الفئة التى تملك الأرض، والتى تملك المال، والتى تملك النفوذ، والتى تملك السلطان. كان علينا أن نسير فى الثورة السياسية وفى الثورة الاجتماعية جنباً إلى جنب؛ لنقضى على الظلم الاجتماعى، وفى نفس الوقت نقضى على الاستبداد السياسى، ثم نكتل أنفسنا ونعبئ جهودنا من أجل بناء بلدنا، ثم من أجل البناء الاشتراكى الذى تتمثل فيه العدالة الاجتماعية.

دخلنا فى السنين اللى فاتت معارك كبيرة، ودخلنا فى السنين اللى فاتت معارك مستمرة، ولكن إيمان الشعب ووحدة الشعب بجميع أبنائه مكننا من أن ننجح فى التغلب على هذه الصعاب. كان الشعب كله وحدة متكاملة، وكان الشعب كله قلباً واحداً، وكان الشعب كله يؤمن بأن هذه الثورة التى مكنته من أن يسير على الطريق الذى أراده لابد له أن يحميها بكل شىء؛ لهذا السبب نجحنا فى مجابهة جميع المصاعب. قابلتنا خسائر متعددة فى ميادين متعددة، ولكن فى كل معركة لازم يكون فيه خسائر، والمهم نتيجة المعركة.. المهم النجاح، والمهم استغلال هذا النجاح، والمهم تدعيم هذا النجاح، وكان الشعب دائماً يستغل النجاح ويدعم هذا النجاح. طبعاً لا نستطيع أن نقول أو أن ننسب هذا الفخر إلى فئة قليلة، أو إلى فرد، أو إلى مجموعة من الناس. يمكن احنا ماكناش إلا طليعة، ولكن لا يمكن للطليعة بأى حال من الأحوال أن تقوم بعملها إلا إذا كان وراءها قاعدة وطيدة ثابتة شامخة مؤمنة؛ تدافع عن هذا الحق، وتدافع عن هذه المبادئ.

وأستطيع اليوم – بعد ١٠ سنوات من الثورة – أن أعلن أننى أفخر بما لمسته فى السنوات العشر الماضية من تكاتف هذا الشعب، ومن إيمان هذا الشعب، ومن قوة هذا الشعب؛ لأننا – كما تعلمون – كنا نفتقر إلى التنظيم السياسى، ظروفنا وضعتنا فى هذا الوضع، خرجنا بدون تنظيم سياسى، بل يمكن أعداؤنا كان عندهم تنظيم سياسى ولكن الشعب اللى ماكانش منظم سياسياً استطاع أن يصمد، ولم يستطع أحد أن يغرر به أو يضحك عليه، أو يمكنه من أن ينحرف.. يدفعه إلى أن ينحرف عن طريقه.. لسبب بسيط؛ لأن الشعب كان يعرف هذه الآمال، ويعرف هذه الآمال، ويعرف هذه المبادئ المبسطة ويؤمن بها، ويصمم على تحقيقها؛ لأنها عبارة عن آمال كل فرد فيه.

بنستطيع أن نفخر أيضاً ان احنا فى السنين العشر الماضية وجدنا امتزاجاً كاملاً بين آمال المثقفين وأمانى الشعب؛ المثقفون لم تكن لهم تطلعات طبقية؛ المثقفين أقصد بهم الناس المتعلمين اللى خرجوا من بين الشعب، لم تكن لهم تطلعات طبقية، وإن كانت هناك بعض الخلافات فكانت هذه الخلافات نتيجة عن الأوضاع اللى ورثناها.. الأوضاع الطبقية، أما المثقفون عموماً؛ المتعلمين عموماً اللى خرجوا من الشعب العامل.. اللى خرجوا من الشعب المكافح.. اللى كافحوا علشان يبنوا بلدهم.. واللى بعد كده كافحوا علشان يوجهوا بلدهم.. واللى كافحوا علشان يدوا خدمات لبلدهم ماكانتش لهم تطلعات طبقية، واستطاعوا انهم يحسوا بأمانى الشعب، وآمال الشعب، ويسيروا ضمن قوى الشعب العاملة؛ من أجل بناء الثورة الاجتماعية، ومن أجل بناء الثورة الاشتراكية.

أما نبص للمستقبل بنجد ان عندنا أمل كبير.. استطعنا فى السنوات العشر اللى فاتت ان احنا نضاعف الدخل القومى لغاية سنة ٦٠؛ من ٥٢ لـ ٦٠ ضاعفنا الدخل القومى، بدأنا من ٦٠ على أساس ان احنا نضاعف الدخل القومى مرة أخرى فى ١٠ سنوات. باعتبر دا عمل كبير جداً؛ لأن مضاعفة الدخل القومى معناها ان احنا عملنا فى ٨ سنين أو ٩ سنين أد اللى اتعمل فى السنين اللى فاتت كلها. والأجيال اللى فاتت كلها، نتمنى فى المستقبل ان احنا نستطيع أن نضاعف الدخل القومى فى زمن أقل من ١٠ سنوات. السنة اللى فاتت يمكن قابلتنا مشاكل فى الزراعة، ولكن كانت مشاكل خارجة عن طاقتنا، وخارجة عن إمكانيتنا.. السنة دى بنحمد الله على إن المشاكل اللى قابلتنا السنة اللى فاتت فى الزراعة ما قابلتناش السنة دى، وإن محصولنا الزراعى كبير؛ ممكن بيعوض لنا جزء من الخسائر اللى لحقت بنا فى العام الماضى. هدفنا فى النمو كل سنة هو زيادة الدخل القومى ٨%، حققنا السنة اللى فاتت ٦%، بنأمل فى هذا العام أن نحقق ٨%، ونأمل فى الأعوام القادمة ان احنا نحقق الـ ٨% أو أكثر شوية؛ علشان الـ ٢% اللى ما قدرناش نحققها السنة اللى فاتت نقدر نستعوضها فى السنين القادمة.

ومعنى هذا كبير.. معناه ان كل واحد فينا يمكن عنده فرصة ليرى نفسه فى مستوى من المعيشة مش موجود فى جزء كبير من أبناء هذا الشعب، الأطفال عندهم فرصة ليجدوا نوعاً من الرعاية.. جزء كبير من أبناء هذا الشعب لسه ما وجدوش هذه الفرصة للرعاية. احنا الناس اللى أخذنا الفرصة، علينا واجب كبير؛ ان احنا نعمل ليل ونهار حتى نعطى لأبناء هؤلاء الناس الرعاية التى يحصل عليها أبناؤنا، نعطى لهؤلاء الناس المعيشة التى حصلنا عليها، نعطيهم فعلاً الفرصة ليعيشوا فى مجتمع سعيد ترفرف عليه الرفاهية. وأنا على ثقة ان دا يعنى شيئاً يسعد كل واحد؛ حينما يرى مئات العائلات وآلاف العائلات التى تشعر بالسعادة، ثم يرى آلاف الأطفال اللى بتشعر بالرعاية، واللى بتشعر بالسعادة، واللى عندهم الفرصة لهذه الرعاية، وعندهم الفرصة ليعيشوا فى مجتمع أحسن من المجتمع اللى عاش فيه آباؤهم، واللى عاش فيه أجدادهم. دا واجبنا، دا واجب الناس اللى وجدوا الفرصة، وأنا أشعر بالاطمئنان لأنى أعلم أن من وجدوا الفرصة بيعملوا… يعملوا مش بس لتخريج الطلبة، أو مش بس للعمل فى المصانع، أو مش بس للعمل فى التصميمات والتخطيط، ولكن فى جميع المجالات؛ فى الحكم المحلى، فى المجالات الصحية – زى ما قلت – والمجالات الهندسية، فى كل هذه المجالات وكل هذه الخدمات؛ من أجل إسعاد الشعب، ومن أجل إسعاد الجماهير.

المثقفون عليهم واجب كبير.. الشعب تملى بينظر إليهم بأمل؛ لأنهم الناس اللى وجدوا الفرصة ليتعلموا.. الناس اللى وجدوا الفرصة ليتعلموا عليهم واجب كبير بالنسبة للناس اللى ما وجدوش الفرصة، عايزين بالنسبة للمستقبل ندى كل الناس الفرصة علشان يتعلموا، عايزين بالنسبة للمستقبل ندى كل واحد فرصة زى الفرصة اللى أخدناها، وبكده نبقى ردينا للبلد الفضل اللى ادته لنا وردينا للشعب الفضل اللى اداه لنا.

الشعب بينظر إلى المثقفين بأمل، وزى ما قلت فى الانتخابات اللى حصلت قبل كده، وأظن قلت لكم السنة اللى فاتت الشعب قدر هذا بجميع فئاته، وانتخب عدداً كبيراً من جامعة الإسكندرية فى لجان الاتحاد القومى.. ليه انتخبهم؟ لأنه يعلم انهم مش فى أبراج عاجية، ومالهمش تطلعات طبقية، ولكنهم يحسون بإحساسه، ويشعرون بشعوره، وحيكونوا معبرين عن إرادته، ومعبرين عن أمانيه، وحيكونوا مدافعين عن حقه فى الحرية والحياة، وحيكونوا مدافعين وعاملين على بناء المجتمع السعيد الذى يريده لنفسه ولأبنائه؛ المجتمع الذى ترفرف عليه الرفاهية. وأكرر مرة أخرى.. الناس اللى بيشتغلوا فى اللجان ومجالس المحافظة، واللى بيشوفوا المشروعات بتنجح؛ بيشعروا بسعادة لا أول لها ولا أخر، كل واحد لما بيقعد ويحس انه عمل عملاً بيسعد به الناس.. بيسعد به الجماهير، ثم بتتقدم به بلده؛ لابد أن يشعر بسعادة.. يمكن لا يستطيع أن يشعر بها فى أى مجال آخر، أو فى أى ميدان من الميادين.

فى العشر سنين القادمة الجهد عليكم فى الجامعات هيكون أكبر، الجهد على المثقفين حيكون أكبر، واحنا لازال عندنا أزمة كبيرة فى المتعلمين؛ فيه حاجة إلى مزيد من المتعلمين فى كل الفروع؛ لأن النمو عندنا بيزيد، إذا كنا هنضاعف الدخل القومى فى ٨ سنوات حنعوز عدد كبير جداً من المتعلمين؛ اللى هم بيمثلوا طلائع ثورية فى المصانع، وفى المعامل، وفى المزارع. النهارده المتعلمين فى الريف؛ مهندسين الزراعة مثلاً قاعدين ٣ أشهر أو ٤ أشهر اللى فاتت دى تحت الشمس.. قاعدين فى خيام بيخدموا مين؟ بيخدموا الفلاح، وبيخدموا البلد؛ لأن المحصول إذا تأثر.. إذا تأثر محصول القطن يمكن مش حيكون الضرر بالفلاح بس كفلاح، ولكن حيكون الضرر بالبلد كلها كبلد، وبالشعب كله كمجموعة. فى هذا بيؤدوا خدمة عامة للأمة كلها كأمة، وللوطن كله كوطن، وفى هذا بيضعوا علمهم، وبيضعوا خبرتهم وبيضعوا فنهم فى خدمة الشعب، فى خدمة الفلاح الصغير اللى عنده فدان، واللى عنده نص فدان، واللى عنده ١٠ أفدنه، فى إرشاده. ودا فعلاً الواجب الكبير اللى يقدره الشعب للمتعلمين وللمثقفين، ودا الواجب اللى يجب ان كل فرد يقوم به.. المتعلمون والمثقفون ما يجبش أبداً انهم يقعدوا فى أبراج عاجية، وهم مش قاعدين فى أبراج عاجية.. هم قاعدين النهارده يا إما فى الجامعات بيعملوا وبيدرسوا وبيشتغلوا فى الخدمات، يا إما فى المصانع بيشتغلوا ليل ونهار، يا إما فى المزارع بيشتغلوا على حماية محصولنا القومى.

وفى نفس الوقت لابد لنا أن نمارس النقد والنقد الذاتى إذا انحرف أى فرد منا؛ لأن انحراف أى فرد يجب أن يقوم لأن كل واحد عليه واجب وله حقوق يأخذ حقوقه ويؤدى واجباته. واحنا قلنا فى الميثاق أن علينا أن نمارس النقد وعلينا أن نمارس النقد الذاتى من أجل مصلحة الأمة كلها ومن أجل مصلحة الشعب ومن أجل مصلحة الجماهير.

فى العشر سنين القادمة – إن شاء الله – علينا واجب كبير واجب البناء السياسى ثم واجب بناء المجالس الشعبية ثم واجب بناء التنظيمات السياسية ثم العمل على تحقيق الميثاق، أو ما نص عليه الميثاق فى الاشتراكية وفى الديمقراطية، فى العدالة الاجتماعية وفى الحرية السياسية. زى ما قلنا فى الميثاق ديمقراطية الرجعية لا تناسبنا، ولا يمكن أن تناسبنا؛ لأننا جربنا ديمقراطية الرجعية من سنة ٢٣، ووجدنا أنها بتتجه لتضع البلد فى أيدى مجموعة قليلة من الناس.. ديمقراطية الرجعية معناها الاستغلال السياسى والاستغلال الاقتصادى والاستغلال الاجتماعى، ونحن قد آلينا على أنفسنا أن نقضى على الاستغلال السياسى، والاستغلال الاقتصادى والاستغلال الاجتماعى. دا واجب كل فرد منا، اشتغلنا فى هذا فى ثورتنا السياسية؛ من أجل القضاء على الاستغلال السياسى، ثم فى الثورة الاجتماعية؛ من أجل القضاء على الاستغلال الاقتصادى والاستغلال الاجتماعى، ثم اتجهنا لبناء مجتمع جديد اشتراكى ديمقراطى تعاونى.

الميثاق يضع الأسس لبناء هذا المجتمع.. لا استغلال بأى حال من الأحوال.. الملكية الفردية مسموح بها بلا استغلال، أما إذا استغلت فلابد للشعب أن يقضى على هذا الاستغلال، ملكية وسائل الإنتاج يجب أن تكون فى الخدمة العامة للشعب.. وسائل الإنتاج الأساسية.. الشعب رقيب على القطاع العام، ورقيب على القطاع الخاص؛ بمنظماته السياسية وبمنظماته الشعبية المختلفة اللى سنبدأ فى قيامها فى أكتوبر القادم. الميثاق وضع الأساس، ووضع الإطار اللى بنبنيه فى حياتنا، وحدد بالنسبة للنواحى الاقتصادية الشكل المنتظر أن يكون عليه الحال فى العشر سنين القادمة، ولكن كل هذا يتطلب منا أن نعمل عملاً مستمر ونبذل جهداً أكبر؛ لأن الطموح والآمال التى تختلج فى نفوس الشعب كبيرة. النهارده واحنا بنسمع الكلام عن الجامعات فيه مطالب للجامعات.. إما بنتعاون من هنا، لعشر سنين بنجد إن ميزانية الجامعات تضاعفت مرات.. ميزانية الدولة تضاعفت مرات من ٢٠٠ مليون جنيه إلى ١٢٠٠ مليون جنيه؛ ميزانية الإنفاق العام، ولكن ميزانيات الجامعات أيضاً تضاعفت مرات ولكن هل دا بيكفينا؟ احنا عايزين طبعاً حد الكمال عايزين المستوى العالى لكل شىء، عايزين نحقق هذا المستوى العالى فى كل ميدان من الميادين؛ علينا أن نعمل باستمرار وعلينا أن نعمل متكاتفين.

بالنسبة للعمل الجماعى اللى أشار إليه السيد مدير الجامعة بنفخر بالعمل الجماعى ونجاح العمل الجماعى فى بلدنا. أنا شفت المهندسين فى المصانع بيعملوا عمل جماعى، وبعدين بيعملوا ليل نهار؛ أنا زرت مصانع صواريخ من أكتر من سنة، وشفت المهندسين بيشتغلوا؛ لدرجة ان أنا ماكنتش قادر أفرق بين المهندس اللى واخد دكتوراه وبين العامل.. كلهم لابسين زى بعض، وكل واحد متفانى، وبيشتغلوا بقلب وبروح وبنفس، وارونا حاجة نفتخر بها.. استطاعوا انهم يحققوا عمل وفى نفس الوقت استطاعوا إنهم يكتموا سر.. هذا العدد الكبير من الناس استطاعوا إنهم يكتموا هذا السر حتى أعلن عنه رسمياً. دا شىء بيدعو إلى الأمل الكبير وبيدعو أيضاً للفخر، فى مصانع الطيارات أول امبارح شفت أيضاً مجموعة من المهندسين بتعمل، باستمرار تعمل، وبتتعلم، وبتلقط كل حاجة بسرعة.. حاجات جديدة بالنسبة لنا، وعلوم وميادين جديدة بالنسبة لنا. أما الواحد بيسمع الشرح وكان بيسمع الكلام كان بيحس بعزة وبفخر، وبيحس ان فيه أمل كبير ان احنا نحقق فى السنوات القادمة أضعاف ما حققناه فى العشر سنوات الماضية. النهارده الفرص اللى أمامنا أكثر من الفرص اللى كانت قدامنا سنة ٥٢؛ لأن القاعدة اللى موجودة النهارده ماكانتش موجودة سنة ٥٢، والإمكانيات اللى موجودة النهارده ماكانتش موجودة سنة ٥٢، والمعارك اللى كان لابد أن تقابلنا قابلتنا وصفيناها سنة ٥٢. علينا أن نعمل، وفى نفس الوقت علينا أن نستعد للدفاع عن بلدنا، وعن كل الإنشاءات الموجودة فى بلدنا، فى نفس الوقت علينا أن نمد يدنا للناس اللى ماوجدوش الفرصة اللى احنا وجدناها.

بالنسبة لإخواننا فى إفريقيا قاسوا من الاستعمار، وقاسوا من الاحتلال، وكافحوا فى سبيل الاستقلال، ولكن وجدوا الاستعمار قد تركهم بدون أى إمكانيات فنية، هم فى حاجه إلى دكاترة وفى حاجه إلى مهندسين، وفى حاجه إلى فنيين، احنا وجدنا الفرصة قبلهم.. جت لنا الفرصة قبلهم.. وعلينا واجب كبير بالنسبة لهم. هم أيدونا فى جميع معاركنا، أيدونا فى جميع خطواتنا، فرحوا لجميع أفراحنا، وحسوا بالفخر لكل شىء احنا حسينا بالفخر به؛ ولذلك أيضاً بيكون واجب علينا ان احنا بنشعر إن علينا واجب بالنسبة لهم.. احنا بنمد لهم يد التعاون فى كل ميدان من الميادين؛ حتى نمكنهم أو حتى نساعدهم على أن يخلقوا القاعدة الوطيدة، ويخلقوا الفرصة، بهذا نكون نعمل لأنفسنا ونعمل للإنسانية كلها.

احنا نسير فى بناء بلدنا، وفى نفس الوقت نعمل من أجل تدعيم قواتنا.. الجيش الوطنى القوى.. فى نفس الوقت ننادى بالتعايش السلمى، ونعمل من أجل السلام العالمى، ولكن لن يمكن بأى حال أن نقبل أى محاولة لوضعنا داخل مناطق النفوذ.. قاومناها فى الماضى وحنقاومها فى المستقبل. ونحن أخذنا استقلالنا بثمن كبير جداً؛ بكفاحنا وبدمنا، بالعدوان، بالحصار الاقتصادى، بالحرب فى بورسعيد، بعدوان إسرائيل وفرنسا وإنجلترا، بكل هذه المعارك أخدنا استقلالنا، واستطعنا أن ندعم هذا الاستقلال. واحنا فى كل وقت مستعدين ان احنا نقوم كما قمنا فى سنة ٥٦؛ لندافع مرة أخرى عن هذا الاستقلال إذا شعرنا بأى تهديد، فى نفس الوقت بنبنى الجيش الوطنى القوى اللى يحمى لنا منجزاتنا.

أرجو فى السنوات القادمة أن أجتمع معكم فى هذا المكان، كل واحد فيكم بيشعر بالسعادة وبيشعر بالفخر لأنه بيخدم بلده.. بيخدم الشعب العامل فى بلده؛ الشعب الذى يتمثل فى العمال والفلاحين، اللى حرموا من الفرصة فى الماضى، واللى النهارده بيأخذوا.. واللى بيجدونا كلنا بنحاول أن نساعدهم، ونحاول أن نعاونهم على أن يعيشوا الحياة السعيدة فى مجتمع ترفرف عليه الرفاهية.. نشعر بسعادة الشعب تزداد سعادتنا.

أرجو أن أجتمع بكم فى العام القادم وقد حققنا كل أمانينا فى الخطة وفى البناء. أرجو أن أجتمع معكم فى العام القادم وقد تحررت الأمة العربية كلها من الرجعية، ومن أعوان الاستعمار، ومن الاستغلال.. من الاستبداد السياسى ومن الظلم الاجتماعى.

البلاد العربية بتحارب معركة مريرة من أجل التخلص من الاستعمار، وأعوان الاستعمار.. الاستعمار وراء الرجعية، والرجعية بتحارب من أجل الاستعمار، والصهيونية بتساند الرجعية. البلاد العربية بتحارب فى معارك من أجل القضاء على الاستغلال؛ الاستغلال السياسى، والاستغلال الاقتصادى، والاستغلال الاجتماعى. سوريا النهارده بتحارب معركة مريرة فيها عشرات من القتلى.. ليه بيحاربوا هذه المعركة؟ من أجل القضاء على الاستغلال السياسى والانتهازية، من أجل القضاء على الظلم الاقتصادى، من أجل إيجاد مجتمع يشعر فيه الجميع بالحرية الاجتماعية والحرية السياسية، من أجل التخلص من ديكتاتورية الرجعية، ديكتاتورية الرجعية المتعاونة مع الاستعمار، والمتعاونة مع الرجعية العربية. وكما انتصر الشعب السورى دائماً فى كل معاركه من أجل الحرية ومن أجل التقدمية أيضاً؛ فإننا نرجو الله أن نجتمع فى العام القادم هنا – فى هذا المكان – وقد انتصر الشعب السورى على كل أعدائه.. على الاستعمار وأعوانه، على الرجعية وعلى ديكتاتورية الرجعية، والله يوفقكم.

والسلام عليكم ورحمة الله.



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى