من الصحافة
صحيفة 1966 : سياسة الإنقلاب الجديد في سورية
نشرت صحيفة الأهرام المصرية في العدد الصادر في الثالث من آذار عام 1966م، خبراً عن التطورات التي جرت في سورية بعيد إنقلاب 23 شباط 1966م، بعنوان: ( سياسة الإنقلاب الجديد في سورية كما تحددها مصادر دمشق ..الصحيفة الناطقة باسم الإنقلاب تتحدث عن تحويل الجيش إلى أداة مذهبية!).
وقد جاء نشر هذا الخبر بعد يومين من استقبال الرئيس جمال عبد الناصر في القاهرة لرئيس مجلس الوزراء السوري يوسف زعين .
جمال عبد الناصر يستقبل يوسف الزعين عام 1966
فيما يلي نص الخبر:
(دمشق في 2 – وكالات الأنباء- فتحت الحدود السورية صباح اليوم مع جميع كل من لبنان والأردن والعراق وتركيا. وكانت مغلقة منذ الإنقلاب الذي وقع منذ أسبوع. وكان فتح الحدود أول عمل رسمي قام به يوسف زعين رئيس الوزراء بعد تشكيل الوزارة.
واذاعت قيادة قوات الأمن الداخلي أن الاتصالات الجدية بين الدول المجاورة قد عادت إلى طبيعتها هذا الصباح، وان المسؤولين عن الحدود يسمحون للأجانب بالعبور من سوريا واليها، وصرح مصدر مسئول في القيادة بأن إدارات الأمن والهجرة بدأت هذا الصباح في إصدار تصاريح السفر العادية للسوريين الراغبين في السفر إلى الخارج.
وتقول وكالة “اليونيتدبرس” أن قرار فتح الحدود أوقف ولو مؤقتاً التكنهات التي راجت في سوريا والدولة المجاورة عن قرب حدوث إنقلاب مضاد أما من جانب أنصار الحافظ – الذي يقيم الآن في أحد مستشفيات السجون بعد اصابته بجرح في ساقه – وأما من جانب القوى المعارضة لحزب البعث.
وتقول نفس الوكالة أن القيادة العسكرية والحكومة يعدان بأن تشهد سوريا أقرب نظام إلى نظام الحكم الشيوعية في تاريخ استقلالها الذي استمر عشرين عاماً.
وقد صدر بيان سياسي في دمشق جاء فيه أن الحكم الجديد ستطلع بايجابية أكثر إلى الدول الاشتراكية لتحقيق الكفاح المشترك ضد الإمبريالية العالمية، ولضمان المزيد من التأييد من جانب القوى اليسارية في أنحاء العالم “لامالنا الوطنية”.
وذكرت وكالة “اليونيتدبرس” ان هناك وزيرين على الأقل – المواصلات والاقتصاد – يعتبران من المناصرين للشيوعية، فضلاً عن رئيس الأركان الجديد اللواء أحمد سويداني.
ثم قالت ان المراقبين يرون ان السؤال الآن هو هل تتحول القيادة العسكرية الحاكمة والحكومة إلى موالاة الشيوعية – وربما موالاة بكين- عن اقتناع أم لمجرد انه ليس من المرجح ان يكسبا تأييدا ومساندة من مصادر أخرى. وتقول الوكالة ايضاً ان الحكم الجديد في سورية قوبل ببرود في جميع الدول العربية.
وترقب الدوائر السياسية العربية إلى أي مدى سيسعى الانقلاب الجديد إلى تلمس التعاون الصريح مع الحزب الشيوعي السوري الذي كان قوياً يوماً من الأيام ويعتبر الان منحلاً بصفة رسمية، شأنه في ذلك شأن الأحزاب الشيوعية في جميع الدول العربية.
وقد قالت اليوم الصحيفة الرسمية الناطقة بلسان الحكم الجديد أن الحكم الجديد سيركز جهده على التخلص من أخطاء الماضي حتى تصبح غالبية القوات المسلحة أداة مذهبية.
وقد ذكرت بعض المصادر السورية ان الفريق أمين الحافظ نقل إلى مستشفى سجن المزة لاستخراج بعض الشظايا من كتفه بعد ان استخرجت رصاصة من ساقه. وقالت هذه المصادر لبعض الصحف اللبنانية ان اللواء صلاح جديد الذي قاد الإنقلاب لم يكن مرتاحاً لعملية قصف منزل الفريق أمين الحافظ، وقيل أن هذا القصف كان بسبب المقاومة التي أبداها رئيس مجلس الرياسة السابق.
كذلك ذكرت المصادر نفسها ان بعض ضباط الإنقلاب زاروا الفريق الحافظ وأعربوا له عن أسفهم لما حدث وطلبوا اليه تناسى الماضى، ولكنه أجاب بأنه مستعد لتناسى الماضي بشرطين: إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، وإحالة المسؤولين عن قصف منزله إلى المحاكمة. وقبل ان قادة الإنقلاب لم يقبلا الشرطين، ولكن تردد انهم يحاولون تصفية الجو وانهم عرضوا على اللواء محمد عمران وزير الدفاع السابق العودة إلى منصبه سفيراً لسوريا في مدريد، وهو المنصب الذي كان يشغله عندما أبعد عن دمشق خلال مراحل الصدام السابق مع صلاح جديد.
وأذاع راديو دمشق أن الدكتور نور الدين الأتاسي رئيس الدولة استقبل أمس الدكتور يوسف زعين رئيس الوزراء والوزراء، وكان مجلس الوزراء قد عقد قبل ذلك أول جلسة له تحدث فيها الدكتورزعين عن برنامج الوزارة التي تسلمت السلطتين التشريعية والتنفيذية، وقد كرر فيها اتهام الحكم السابق باليمينية والاستقلال ومحاولات التخريب، وبتعه الدكتور إبرهيم ماخوس نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية فالقى كلمة وصف فيها الإنقلاب بأنه قام لدرء الأخطار التي تعرض لها حزب البعث ولانقاذ نفسه، ثم أوضح ان الحزب سيعقد مؤتمرين قريبا يناقش فيهما كل ماتم ويحدد مسؤولية كل من اساء اليه.
وفي واشنطن صرح متحدث باسم السفارة السورية بأن الحكومة السورية أبلغت وزارة الخارجية الأميركية انها ستراعى جميع الالتزامات الدولية وستواصل سياسة عدم الانحياز.
وقال المتحدث أنه مادمت الحكومة الجديدة في سوريا تمثل استمراراً لحكم حزب البعث فأنها لا ترى من الضروري ان تحصل على اعتراف الدول الصديقة).