You dont have javascript enabled! Please enable it!
شهادات ومذكراتمختارات من الكتب

سلامة عبيد: فرنسا تفرض نفسها..

من كتاب الثورة السورية الكبرى 1925-1927 (1)

سلامة عبيد: الثورة السورية الكبرى 1925-1927 على ضوء وثائق لم تنشر بعد

مقتطفات من الكتاب –  فرنسا تفرض نفسها.. (1)


(كانت فكرة الدولة العربية المستقلة تخيف فرنسا التي رفضت الفكرة منذ عام 1915م، ومن ثم ردت اقتراح الأمير فيصل (16-17 مايو /أيار 1919م) حول إمكانية إلغاء معاهدة سايكس -بيكو، مؤكدة أن ذلك مستحيل. وهالها هذا الالتفاف الرائع حول (ذلك البدوي القادم من الصحراء فاشتدت المنافسة بين الدولتين العربية والفرنسية وبلغت حرب الأعصاب والدعايات والتحرشات ذروتها 1919-1920).

ولم تكن فرنسا تخشى الدولة العربية العتيدة نفسها بقدر ما تخشى الروح التي تبعثها هذه الدولة في الشرق العربي وفي مستعمراتها أو ممتلكاتها العربية الإسلامية في أفريقيا حتى اذا ما أحرزت من انكلترا تأكيداً جدياً بعدم معارضتها لها في سياستها في سورية، ووساطة ومعونة في إخماد ثورة الشيخ صالح العلي في جبال العلويين، راحت تتذرع بشتى الوسائل لفتح دمشق الواحة الزمردية.

ولم يكن مجرد التخوف من الدولة العربية وحدها هو السبب في ذلك الفتح فإن تاريخ أطماع فرنسا في سورية تاريخ طويل. وقد غذت هذه الأطماع الأحداث وأقلام الكتاب الذين أفاضوا في غنى البلاد السورية بالحرير والقطن والعسل والخمور والثمار والذهب والبترول والفحم والنحاس والحبوب والمواشي.. وأنماها المأثور بأن  الله وهب العالم عُشر الخيرات واحتفظ لسورية بالتسعة الأعشار.

وكانت الامتيازات التي منحت لفرنسا في الشرق وخاصة في سورية ولبنان، والتي اعتبرتها فرنسا حقوقاً مكتسبة حجة رئيسية لاحتلال الفرنسيين لسورية. إذ أن رؤوس الأموال الفرنسية في سورية، قبيل الحرب العالمية الأولى قد قدرت بأربعين مليون دولار أو 300 مليون فرنك.

بدا موقف الملك مثيراً للشفقة، فقد تعرض لضغطين : ضغط فرنسا التي لا ترغب في هذا الاستقلال السوري – العربي الذي تخشى روحه إن لم تكن تخشى ساعده، وضغط الوطنيين الذين أعلنوا استقلالاً لا تشوبه شائبة. وحاول فيصل التوفيق، معرضاً نفسه للنقمة ولغضب الشارع إلا أنه لم أوفُهم أن المراكز الفرنسية في تونس مثلها في كل أفريقيا: لا يمكن أن تثبت دعائمها إلا إذا كان لها امتداد في سورية.. وخاصة في دمشق.

وصارحه كليمنصو بأنه: (إذا لم تمثل فرنسا في سورية بعلمها وعساكرها فإن الأمة الفرنسية تعد ذلك عاراً كفرار الجندي من ساحة القتال)، فأدرك فيصل أنه أمام أمرين: فأما أن يرضى بالأمر الواقع وأما أن يحارب دون هذه الاستقلال، فحاول جاهداً أن يلطف هذا الواقع، فكان كلما أعلن استعداده لقبول شروط مفروضة، أو كلما قبلها فعلاً، قدم الجنرال غورو شروطاً جديدة أكثر إجحافاً بحيث بدت تلك المفاوضات غدراً مبيتاً، وقد دلت القرائن على أن فرنسا قد ضمت عدم معارضة أية دولة من الدول الأوربية، ونالت موافقة الأتراك الوطنيين بقيادة مصطفى كمال على هدنة مدتها عشرون يوماً، كما أنها كانت قد استمالت بعض المتنفذين السوريين، وقربت منها أو أوقفت على الحياد بعض رؤساء العشائر والمذاهب نائرة عليهم المال والوعود والألقاب.

كان صدى الفتح الفرنسي لدمشق غداة معركة ميسلون مريراً فأفقد الثقة نهائياً بفرنسا التي ربطت هذا الفتح بذكريات الحروب الصليبية، وبدتت سراب مملكة عربية لم يعرف مثل شعبيتها منذ العهد الأموي وزاد هذا الفتح أن تربط بعض الاقلام بينه وبين (المهمة التهذيبية) التي شاءت فرنسا أن تقوم بها سنة 1860م.

كان عام 1920 عام النكبة، وأشأم مافي النكبة يوم ميسلون الذي ظل مبعثاً للنقمة كلما فترت، سواء في ذكراه ذاتها أو في تلك اللوحة التذكارية التي نقشت على صخور نهر الكلب قرب بيروت).

المصدر
عبيد (سلامة)، الثورة السورية الكبرى 1925-1927 على ضوء وثائق لم تنشر بعد، صـ 18-19



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى