مقالات
الدكتور فؤاد رجائي آغا القلعة .. الموسوعة التاريخية لأعلام حلب
الدكتور فؤاد رجائي آغا القلعة 1910 – 1965
ولد في حلب عام 1910
باحث موسيقي وطبيب أسنان وشاعر سوري
أرسى دعائم عدة مؤسسات موسيقية تعليمية ومهنية، وأسهم من خلال مركزه العلمي والاجتماعي، في تحقيق مكانة اجتماعية عالية للموسيقيين في مجتمع محافظ، كما كان أول جامعي يتعامل مع الموسيقى والبحث الموسيقي في سورية.
تدرج في مراحله التعليمية قبل الجامعية حتى حصل على الشهادة الثانوية في مدينة حلب عام 1930التحق بكلية طب الأسنان في جامعة دمشق وتخرج منها عام 1935، ثم سافر إلى استامبول عام 1936 للتخصص في أمراض الفم لمدة سنتين.
درس الموسيقى على يد كبار أساتذة حلب، فانتسب إلى نادي الصنائع النفيسة بين عامي 1926 و1929، ودرس النظريات الموسيقية فيه على يد الاستاذ أحمد الأوبري،
و العود على يد سيساك أفندي، ولدى انتقاله إلى دمشق لدراسة طب الاسنان، انتسب إلى نادي الفنون الجميلة، ودرس الكمان فيه على يد الأستاذ توفيق الصباغ، كما أسهم في تأسيس معهد الآداب والفنون بدمشق، وكان رئيساً للفرع الموسيقي فيه .
انتقل لدراسة الموسيقى في معهد فن ويردي في استانبول، بشكل مواز لدراسته وتخصصه في طب الأسنان فيها، وكان من أساتذته رؤوف يكتا بك ومسعود جميل بك، حيث تأثر بأبحاث رؤوف يكتا بك في السلم الموسيقي الشرقي. أسس في عام 1938 أول جمعية للموسيقيين بحلب، وانتخب رئيساً لها لمدة طويلة، فاستطاع من خلالها تحقيق العديد من المكاسب الاجتماعية لهم .
أدرك من خلال دراسته الجامعية أهمية التعليم وتطوير أدواته في رقي الموسيقى، فافتتح معهداً موسيقياً خاصاً ومجانياً لأول مرة في حلب عام 1949، موله من موارده المالية الخاصة كطبيب أسنان، في عيادته الخاصة، وفي المشفى الوطني بحلب.
ضم المعهد كبار أساتذة الموسيقى في حلب، مركز الإشعاع الموسيقي في العالم العربي، أمثال الشيخ علي الدرويش، والشيخ عمر البطش، وأستاذ الكمان من أصل روسي ميشيل بورزنكو، وأستاذ القانون شكري الإنطكلي، وأستاذ العود محمد رجب، وقام بتدريس التاريخ الموسيقي في المعهد.
افتتح قسماً لتعليم الفتيات الموسيقى، مستغلاً مكانته الاجتماعية لإقناع أهاليهم بذلك وأدارته خالته الدكتورة عزيزة عزت أول طبيبة أسنان تخرجت من جامعة دمشق عام 1935 ، سعى عبر افتتاح المعهد إلى نقل تعليم الموسيقى من الأساليب القديمة، عبر المعلم المباشر إلى الأسلوب الحديث، كما ساهم في جمع الأساتذة التقليديين ببوتقة واحدة، في إغناء طرق التدريس، وفي تشكيل فرقة موسيقية متكاملة للمعهد تقدم الحفلات الدورية.
قامت الحكومة بتأميم المعهد، ومع ذلك بقي مديراً له حتى عام 1959.
إدراكاً منه لأهمية النشر والتوثيق وتحريض الإنتاج الجديد في ترسيخ واستدامة مكانة الموسيقى العربية، أسس إذاعة حلب، وبقي مديراً لها حتى عام 1956 حيث تفرغ لإدارة المعهد الموسيقي ومن خلالها وثق لعدد كبير من الموشحات والأدوار القديمة صوتياً، وشجع المطربين والملحنين على الإنتاج الجديد، كما قدم البرامج الإذاعية التي عنيت بنشر الثقافة الموسيقية.
قام بإلقاء محاضرات موسيقية في أغلب الإذاعات العربية، كدمشق وبيروت وبغداد والشرق الأدنى والقسم العربي في إذاعة لندن، كما حقق عدداً من المخطوطات الموسيقية القديمة، كرسالة النغم ليحيى بن المنجم، والمدخل إلى صناعة الموسيقى لابن سينا، والرسالة الشهابية لميخائيل مشاقة، وقدم عدداً من المحاضرات في جامعات أوربا في رحلة طويلة عام 1959.
أصدر في عام 1955 كتابه الشهير من كنوزنا، حول الموشحات الأندلسية، وهو أول كتاب يعنى بدراستها وتوثيقها على مستوى العالم العربي، تضمن الكتاب دراسة مطولة وهامة له عن توافق الإيقاعين الشعري والموسيقي، وعن أساليب التلحين في الموشحات الأندلسية الموروثة في حلب، فكانت أول دراسة علمية عن علاقة الشعر بالموسيقى. ضم الكتاب تدويناً موسيقياً (من خلال التعاون مع الأستاذ نديم الدرويش) لعدد كبير من وصلات الموشحات لأول مرة في العالم العربي، متكاملاً بذلك مع توثيقها في الإذاعة، ساهم نشر الكتاب في تحريض الملحنين السوريين على إكمال وصلات الموشحات لعدد كبير من المقامات الموسيقية، وعلى تأليف مقطوعات موسيقية جديدة على قالب السماعي، لتكون الممهدة لأداء وصلات الموشحات.
رغبة في الإسهام في حل مشاكل السلم الموسيقي العربي وتثبيته، وهي المشاكل التي ركز عليها مؤتمر الموسيقى العربية الأول الذي عقد في القاهرة عام 1932، ولم يقدم لها حلاً، درس فؤاد رجائي آغا القلعة الأجهزة المتوفرة في حينه التي تعالج الأصوات إلكترونياً، واطلع على جهاز الكتروني مصنوع في إنكلترا يعطي أصواتاً مختلفة صافرة تعلو وتنخفض بواسطة مفتاح رفع وخفض يدار باليد، فاستعان به لتطبيق درجات السلم الموسيقي العربي على نسب وذبذبات حسابية دقيقة، ثم صمم جهازاً إلكترونياً جديداً يولد الأصوات على درجات صوتية لا متناهية في الصغر، بهدف تحديد الدرجات الموسيقية في السلم العربي بدقة بحساب الذبذبات، وسافر عام 1959 إلى أوربا على نفقته الخاصة، لعرض فكرة الجهاز على أساتذة الموسيقى، في ألمانيا وتشيكوسلوفاكيا والنمسا وسويسرة وإيطالية، وعرض تنفيذه على شركة سيمنس في النمسا و ألمانيا، وعاد حاملاً 12 تقريراً مؤكداً لأهمية الجهاز وتقدم بها إلى وزارة الثقافة والإرشاد القومي سعياً لتنفيذ الجهاز على نفقة الحكومة، ولكن ظروف انفصال سورية عن مصر، حالت دون التنفيذ.
عين عضواً في اللجنة الموسيقية العليا التابعة للمجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية، و مثل سورية والجمهورية العربية المتحدة في مؤتمرات موسيقية عديدة، منها مؤتمر الموسيقى العربية في براغ عام 1959، ومؤتمر بغداد عام 1964.
كان فؤاد رجائي آغا القلعة شاعراً رقيقاً، كتب القصائد العاطفية والوطنية، والأغاني والمواويل والأزجال، التي لُحن عدد كبير منها.
صدر ديوانه ” أغنيات ” عام 1996 من تحقيق ابنه الدكتور أحمد رجائي آغا القلعة.
من أهم مقولاته:
إذا نحن لم نفهم الآباء ولم يفهمنا الأبناء فهل نحن أمة حقاً؟ أليست الأمة عبارة عن مجموعة من العواطف والمشاعر والأحاسيس متوارثة جيلاً بعد جيل؟
توفي الدكتور فؤاد رجائي آغا القلعة في 14 تموز/ يوليو 1965.