You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

د. عادل عبدالسلام (لاش)  : سوق النشابية الأسبوعي

د. عادل عبدالسلام (لاش) – التاريخ السوري المعاصر

كان هذا السوق الشعبي الأسبوعي يعقد في بلدة النشابية مركز ناحية من نواحي منطقة المرج التابعة لدوما في محافظة ريف دمشق، والبعيدة عن مرج السلطان مسافة 4 كم، وذلك كل يوم اثنين من كل أسبوع. ويقع على امتداد الشارع الشمالي الرئيسي المتجه إلى قرية حزرما. وحول الدوار الشمالي للبلدة وتفرعات الطرق المنبثقة منه، لمسافات قصيرة، باستثناء الشارع المتجه غرباً ؛ المخصص بالدرجة الأولى لبيع وشراء الحيوانات، والأبقار منها، والتبن والأعلاف بشكل خاص. وتحتل موائد (شبكات العرض المعدنية) ، والبسطات المفروشة على الأرض، المسار الغربي من الشارع الشمالي المزدوج، والشريط الخلاء المساير له أيضاً.

أمّا السلع والبضائع المعروضة في السوق للبيع فكانت أكثر من أن تحصى في هذا اللمحة، تراوح من البقرة إلى الإبرة، ومن اليقطين الكبير إلى ربطة البقدونس، ومن أصغر القطع الكهربائية إلى المسجلات والراديوهات الكبيرة. والسمة الغالبة عليها كلها هي أنها سلع استهلاكية آنية يومية، مثل الخضر والفواكه والثمار، أو مؤجلة مثل المواد الغذائية التموينية، والملبوسات والأوعية المنزلية وأشباهها. إضافة إلى باعة اليانصيب والأطعمة والوجبات السريعة… والمتسولين أيضاً.

ومصادر السلع هي شتى الأقاليم السورية، فمن الجزيرة العليا (منطقة القامشلي) التبن الناتج عن الدَرّاسات، وكذلك من حوران وحماه (من منطقة صوران). والشوندرالسكري من الغاب، والألبسة الجاهزة من حلب ودمشق، والبسط والحصر البلاستكية والسجاد الصناعي من معرة النعمان وحلب وحمص وحماه، والأحذية من حلب ودمشق… و مواد البطاطا من لبنان وادلب، والزيتون من ادلب. والكثير من تشكيلة الأدوات والأوعية والحلي المزيفة والمقلدة وأدوات الزينة الرخيصة، والقرطاسية والأدوات الكهربائية المحلية الصنع أو الأجنبية (وأغلبها مواد مهربة…. يعرف رجال الجمارك بأمرها ويغضون الطرف عنها) وغيرها من منتجات مصنعة، مصدرها دمشق وحلب والمدن السورية الأخرى، أو لبنان والأردن، وإلى حد ما العراق.

أمّا الخضر والفواكه فمعظمها من مناطق تنتج الثمار و تزرع الخضر ولا تبعد عن موقع السوق أكثر من 50-60 كم, إلاّ ما ندر، وبحسب نوع السلعة، وتحملها البقاء من دون تضرر مدة تزيد على الأسبوع مثل البطيخ, والملفوف وغيره.

والبائعون هم على الأغلب أصحاب السلع والبضائع أنفسهم. منهم الدمشقي والحلبي والادلبي والدوماني وأبناء المدن والقرى المختلفة من أنحاء سورية. كما تجد بينهم عدداً من أبناء قرى المرج والنشابية خاصة. وعموماً فإن نسبة التجار من أبناء حوض دمشق وريف محافظتها أعلى بكثير من القادمين من مناطق أبعد.

أما رواد السوق فمعظمهم من البلدات والقرى القريبة من النشابية و البعيدة عنها بمعدل مسافة 5-10كم. لكن مشاهدة زبائن من دمشق ودوما وحرستا وقرى بعيدة أمر ليس غريباً. فالأسعار هنا مغرية وأدنى من أسعار المدن عامة، لأنها تباع من دون وسيط، وهي بأسعار الجملة، ومن دون زيادة تكلفة المتجر والدكان، لأن رسم مساحة البيع وتجهيزاته في السوق منخفض نسبياً. لذا فإن اسعار الكثير من السلع المعروضة هي أقل من أسعارها في المدن والبلدات، وفي المتاجر الثابته بنحو الربع والثلث، بل والنصف أحياناً. ومرتادو السوق هم من شرائح اجتماعية مختلفة ، أغلبهم من ذوي الدخل المحدود وما دون ذلك. وتسمع في السوق اللغة العربية بلهجات كثيرة، يتكلمها الباعة والتجار القادمون من مناطق سورية المختلفة المذكورة أعلاه. مثل اللهجة الدمشقية، والحورانية ، والغوطية، والمرجية، والبدوية ، والحموية والادلبية والحلبية، والجزراوية.. وغيرها. إلى جانب عدد من اللغات غير العربية أهمها اللغتان الشركسية والكردية. وأحياناً قليلة جداً السريانية والآشورية.

ويتكلم الشركسية المتسوقون من قرية مرج السلطان الشركسية، القريبة من بلدة النشابية. ومعظمهم من النساء ربات البيوت، اللواتي يأتين السوق زرافات، كمجموعات تسأجر سيارة ميكرو باص من القرية، أو يتبرع أحد مالكي وسيلة نقل من الشركس بنقلهن إلى السوق، وإعادتهن إلى مرج السلطان من دون مقابل، وتكون زوجة مالك السيارة أو الميكرو مع المجموعة عادة. أما متكلمو اللغة الكردية فهم في الغالب من الأسر الكردية المهاجرة من الجزيرة السورية وغيرها إلى بلدة النشابية خاصة. ومن بينهم بعض الأفراد السريان والآشوريين القلائل، اللذين قدموا معهم. وغادرها معظمهم إلى مدينة دمشق، أو حيث توجد تجمعات مسيحية في حوض دمشق.

هكذا كان حال بازار النشابية الأسبوعي قبل المصاب الذي حل بسورية ولحق النشابية منه نصيباً وافياً من الدمار والتخريب والتقاتل، فتوقف كل نشاط في البلدة سوقها، واليوم وبعد خراب كل شيء تقريباً بدأ السوق يستعيد عافيته ونشاطه بخطوات خجولة، تبشر رواده بمستقبل متنام، ولكن مع التغير الرهيب الذي طرأ على أسعار السلع وتدني مداخيل البشر، إضافة إلى تفشي الفساد الذي يعاني منه ناقلو السلع إلى السوق على الطرقات الموصلة إلى السوق.

عادل عبدالسلام (لاش)
مرج السلطان / دمشق 23 -3 – 2019



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

عادل عبد السلام

الدكتور عادل عبدالسلام لاش من أبناء قرية مرج السلطان، من مواليد عسال الورد عام 1933. يحمل دكتوراه في العلوم الجغرافية الطبيعية من جامعة برلين الحرة. وهو أستاذ في جامعة دمشق منذ عام 1965. له 32 كتاباً منشوراً و10 أمليات جامعية مطبوعة، بالإضافة إلى أكثر من 150 مقالة وبحث علمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى