دراسات وترجمات
الموقف في سورية من إنذار غورو
الموقف في سورية من إنذار غورو
التدابير والاجراءات العسكرية بعيد وصول الإنذار
اتخذت في سورية عدة اجراءات وتدابير عسكرية بعيد وصول إنذار غورو، كان في مقدمتها تعيين:
الأمير زيد بن الحسين قائداً عاماً للجيش السوري.
ياسين الهاشمي قائداً لجبهة مجدل عنجر ولدمشق.
يحيى حياتي قائداً لمنطقة حمص وحماه.
أما فرقة حلب فكانت بقيادة محمد إسماعيل الطباخ، في حين كان إسماعيل الصفار قائداً على فرقة درعا.
موقف المؤتمر السوري العام من قبول إنذار غورو
عقد المؤتمر السوري العام جلسة ضحى يوم الخميس الخامس عشر من تموز (أي قبل قبول الإنذار رسمياً بيومين) خطب فيها الخطباء فحملوا على الوزارة حملة شديدة، وتناودوا للدفاع وأقر المؤتمر في ختام جلسته هذه اقتراحاً وقعه 45 من أعضائه وأذيع على الجمهور على أن يبلغ إلى الحكومة لتطلع عليه، وتتقيد بما جاء فيه، وهو:
(بما أن مؤتمرنا هذا، وهو أول ممثل للأمة السورية وناطق بلسانها قرر في جلسته يوم 7 مارس أن يبقى منعقداً إلى أن يجتمع المجلس النيابي، وبما أن البلاد دخلت اليوم في طور جديد يستدعي زيادة التضامن والتكتاتف وجمع الكلمة حول غاية الوطن المشتركة، وهي الاستقلال التام والدفاع عن شرف الأمن بأسرها. نطلب إقرار الاقتراحات الآتية وإبلاغها للحكومة ونشرها على الأمة:”إن المؤتمر السوري الممثل للأمة السورية في مناطقها الثلاث يعتبر قراراه التاريخي بمواده الأساسية الثلاث وهي:
1-الاستقلال التام والوحدة السورية، ورفض الهجرة الصهيونية.
2-ملكية جلالة الملك فيصل على الأساس النيابي الدستوري.
3- إبقاء المؤتمر منعقداً يراقب أعمال الحكومة المسؤولة أمامه إلى أن يجتمع مجلس النواب بموجب القانون الأساسي – قراراً واحداً لا يقبل التجزئة”.
كما المؤتمر السوري :”إن المؤتمر السوري لا يعترف -باسم الأمة السورية- بأي معاهدة او اتفاقية او برتوكول يتعلق بمصير البلاد مالم يصادق عليه”.
ودعا الملك فيصل بن الحسين أعضاء المؤتمر يوم السبت السابع عشر منه إلى الإجتماع في حديقة قصره، ولما تكامل جمعهم وقف فيهم خطيباً وسرد الأسباب السياسية والعوامل العسكرية التي جعلته يجنح إلى سياسة السلم، فهاجت خواطر بعض الأعضاء وتكلموا بلهجة شديدة وذكروه بخطبه الحماسية في النادي العربي، وبسوء نيات الفرنسيين وعزمهم على تحطيم الاستقلال والقضاء عليه. فتأثر الملك وحاول إنقاذ الموقف بلباقة فاقترح على كل واحد من الأعضاء أن يكتب كتاباً خاصاً إليه يبسط فيه آراءه وعقيدته الخاصة بشرط أن لا يطلع أحد من أخوانه عليه، ووعد بأن يعمل بما تقترحه الأكثرية، ولا يخرج عن مضمونها، وقال: “إنني أعتقد أن الآراء التي تعطى على هذا المنوال تكون صحيحة، لا يؤثر فيها نفوذ ولا إرهاب” فعارضت أكثرية الأعضاء في الأخذ بهذا الاقتراح، فأهمل ولم ينفذ.
وعقد أعضاء المؤتمر جلسة فوق العادة في دار المؤتمر صباح الأحد الثامن عشر منه وكان الأعضاء منقسمين إلى فرق وأحزاب، وكان نواب منطقة دمشق والبلاد المجاورة محتفظين بالصمت بعكس نواب الساحل وفلسطين.
وعقد المؤتمر جلسة قانونية بعد الظهر قرر فيها استدعاء هيئة الحكومة، واستيضاحها عن الخطة التي قررت السير عليها. سيما ومهلة الانذار تنتهى في منتصف تلك الليلة (ليلة 19 منه).
بدأت جلسة قبل الظهر (ظهر يوم الاثنين 19 منه) بدأها سرية، ثم قرر أن تكون علنية، وقال رئيس المؤتمر على الأثر إن رئيس الوزارة أبلغه أن الحكومة غير آتية إلى المؤتمر، وأنها تنتظر عودة الرسول الذي الذي انتدبته إلى بيروت لمفاوضة الجنرال غورو في تعديل الشروط الواردة في إنذاره، فلذلك لا يرجى حضرها إلا بعد رجوع الرسول.
وتكلم كثير من الخطباء، ثم وافق المؤتمر على اقتراح السيد الشريقي نائب اللاذقية، وقرر طبعه وتوزيعه على الأمة، وهذا نصه:”بما أن المؤتمر السوري قد أطلع على الشروط التي طلب الجنرال غورو من الحكومة السورية قبولها والموافقة عليها، وهي احتلال الخط الحديدي مع مدينة حلب وقبول الانتداب الفرنسوي بدون قيد ولا شرط، واعتبار الورق السوري عملة وطنية، وإلغاء التجنيد الإجباري إلى آخر ما جا في هذا الطلب، ولما كانت الحكومة الحاضرة قد طلبت اعتماداً من المؤتمر في الثامن من أيار حينما أتت إليه على أثر صدور قرار سان ريمو القائل بانتداب فرنسا لسورية وتجزئتها، وأعلنت في بيانها الرسمي أنها رفضت هذا القرار، واحتجت عليه، وأنها ستدافع عن كيان البلاد إذا غصب حقها، وأرغمت على الاستعباد، فالمؤتمر الذي قرر استقلال البلاد التام ووحدتها، ووضع المملكة السورية على هذا الأساس، واعتمد الوزارة بعد ما قبلت به وأخذت على نفسها القيام بتنفيذه، وقد استدعاها بعد ورود الإنذار المذكور ليقف منها على خطتها إزاءه بصورة رسمية قلم تلب الطلب، فهو يعلن للملأ أنه لا يحق لأية حكومة كانت أن تقبل باسم الأمة السورية أي شرط من الشروط التي تخالف قرار المؤتمر التاريخي، فالحكومة الحاضرة إذا خالفت بيانها الرسمي، ولم تقم بواجبها تجاه البلاد، وأرادت أن توقع على صك يخالف قرار المؤتمر يعتبرها بتوقيعها غير شرعية، والصك غير صحيح ويحمل أشخاص الوزارة كل تبعة ومسوؤلية تجاه الوطن الطبيعي والشرعي وجهادها المديد وإن كل مداخلة أجنبية في البلاد عي غير مشروعة سواء وقعت بالقوة أو بموافقة أشخاص لا نيابة لهم عن الأمة تخولهم هذا الحق، ويحق للأمة السورية أن ترفضها في كل وقت، وهو يشهد العالم المتمدن على بيانه هذا ويذيعه للأمة ويرفعه لمعتمدى الدول”.
كما عقد المؤتمر جلسة ثانية بعد الظهر بدأها سرية، ثم جعلها علينة أعلن رئيسه في أثنائها أنه يجب انتخاب وفد قوامه 8 من أعضاء المؤتمر و 8 من نواب الأحزاب لمقابلة جلالة الملك وإطلاعه على الروح السائدة بين الأمة.
وانتخب المؤتمر وفده، فانضم إلى مندوبي الأحزب وقصدوا البلاط الساعة الساعة مساء فهتف لهم الشعب هتافاً عالياً، فقابل بعضهم الملك ورئيس الوزارة، وعادوا في الساعة الثامنة إلى المؤتمر فأعلن الرئيس أنه لم يتم شي نهائي، وأن الوزارة تنتظر وصول جواب الجنرال غورو لتقرير خطتها.
حكومة هاشم الأتاسي والشروع في تنفيذ بنود الإنذار
وبدأت الوزارة مساء الاثنين 19 منه بتنفيذ أحكام الإنذار فسرحت الجيش، كما قررت تأجيل المؤتمر السوري لمدة شهرين، فجاء في الساعة التاسعة من صباح الثلاثاء 20 منه هاشم الأتاسي ويوسف العظمة إلى دار المؤتمر، ووقف هذا وتلا مرسوماً ملكياً بتعطيل جلساته لمدة شهرين، فعارض بعض الأعضاء واحتج آخرون، كما حاول غيرهم الخطابة فأشار إليهم وزير الحربية بلزوم الانصراف فانصرفوا.
الموقف الشعبي في سورية من قبول إنذار غورو
عقدت اللجنة الوطنية اجتماعاً كبيراً ليلة الاثنين شهدها رجال الأحزاب وممثلوها وعدد كبير من أعيان دمشق، فقرروا بعد سماع خطب ومحاورات إقامة مظاهرة كبيرة يوم الثلاثاء لحمل الحكومة والملك على انتهاج خطة دفاعية، وفعلاً خرجت المظاهرة في الصباح الباكر وسارت حتى ساحة الشهداء، وهنالك تعاقب الخطباء ملحين بضروة الدفاع، ومما زاد في هياج القوم واضطرابهم ما شاع بينهم وهو قبول الحكومة الإنذار رسميا.
تصاعدت المظاهرات في أسواق دمشق وكان على رأس المتظاهرين بعض وجهاء دمشق مثل الشيخ كامل القصاب، وسادت الفوضى واشتد الهياج، وهاجم بعض المتظاهرين في مساء يوم التاسع عشر من تموز، بعد أن أغروا بعض أفراد الجيش المسرح بالانضمام إليهم، قلعة دمشق، وكان في مقدمتهم عثمان قاسم العضو في الجمعية العربية الفتاة والذي أطلق النار من مسدسه في الهواء تشجيعاً إياهم. وكانت الأصوات تملأ الفضاء والتي تنادي بإسقاط الحكومة واتهام فيصل بالاشتراك مع حكومته بعملها الخائن، ووجوب الاستيلاء على الأسلحة والاضطلاع بمهمة الدفاع.
استطاع المتظاهرون الدخول إلى القلعة وسيطروا على مستودعاتها، وأطلقوا السجناء، ولم تهدأ الأوضاع في القلعة إلا بعد تدخل الأمير زيد بنفسه مع ياسين الهاشمي واللجوء إلى القوة والعنف الذي أدى إلى خسائر بشرية بين المتظاهرين.
وذكر أمين سعيد في كتابه ان القضاء على الاضطرابات جرى بعد استخدام الأمير زيد قوة “مسلحة بالرشاشات أصلت المتظاهرين نيراناً حاميةً فتفرقوا بعدما قتل نحو 200 منهم، وقصد جمهور من المواطنين البلاظ بمظاهرة ففرقتهم الشرطة قبل وصولهم. وأغلقت دمشق في تلك الليلة وبات الناس في كرب وضيق عظيمين”.[1]
كما راجت في تلك الأثناء شائعات تفيد بنية الحكومة على توقيف بعض الوطنيين المحتجين استجابة لمطلب غورو، وعلى أثر ذلك قدم الأمير بهجت الشهابي مدير الشرطة العام استقالته ولاسيما أنه كان من أعضاء الفتاة التي قررت المقاومة مهما كانت الظروف[2].
عقدت الوزارة اجتماعاً بعد ظهر يوم الثلاثاء العشرين من تموز لوضع نص المذكرة الجوابية إلى الجنرال غورو طبقاً لاقتراحه الوارد في برقيته الأخيرة، فاستغرقت هذه الجلسة نحو ثلاث ساعات.
وفي الساعة السادسة مساءً ذهب الكولونيل كوس إلى البلاط بناء على برقية تلقاها من الجنرال غورو يسأل فيها عما استقر عليه القرار. فسأله كوس عن الرد فقيل أنه انتهى ثم سلم إليه بنصه صيغة الرد طبقاً لاقتراح الجنرال غورو، فحمله كوس وعاد به إلى مقره، وأرسل على الفور برقية إلى الجنرال غورو سلمت إلى مصلحة البرق في الساعة السابعة والنصف مساء وتضمن الرد أن الملك وقع جواب القبول، وأنه تسلمه وأرسله بالبريد.
على الرغم من تسليم الرد إلى كوس وإرساله برقياً، إلا أن الجيش الفرنسي بدأ بالزحف باتجاه دمشق بذريعة عدم وصول البرقية أو الرد في الوقت المعين.
فيصل والشروط جديدة
في صباح يوم الحادي والعشرين من تموز أبرق فيصل إلى الجنرال غورو في بيروت، وقد أبلغ عوني عبد الهادي صورة منها إلى الكولونيل إيستون المعتمد البريطاني بدمشق، وهذا نصها:
على الرغم من المشكلات التي توقعتها مقدماً فقد قبلت كتابة ورسماً كل ما طلبتموه في إنذاركم، وسرحت الجيش العامل طبعاً لأحكامه، وألغيت الخدمة العسكرية الإجبارية مما سبب استياء جانب من أبناء شعبي، كما يشهد بذلك قناصل الدول في دمشق. ولقد دهشت حينما علمت أن جيوشكم تزحف على دمشق وغم قبولي جميع الشروط الواردة في الإنذار بلا قيد او شرط. مما يعد انتهاكاً للعهود المقطوعة، وخرقاً للحقوق الخاصة وللروح الأدبي العام. فكل تبعة تنجم عن هذا العمل الغريب تقع على عاتق مسببها، وأطلب منكم في الختام اتخاذ التدابير اللازمة لسحب جيوشكم بسرعة”.
وأبرق الجنرال غورو الرد إلى الكولونيل كوس:
(لقد تلقيت الساعة العاشرة من هذا الصباح ثلاث برقيات منكم بالترتيب الآتي:
1-برقية 20 تموز الساعة 19.30
2-برقية 21 تموز الساعة 20.30
3-برقية بدون رقم وبتاريخ 21 منه تؤكد البرقيتين الأوليين بشأن قبول الشروط المنطوية على عقوبات بطرق رسمية، وتطلب مني عدم مواصلة الزحف على دمشق.
4- وتلقيت برقية 21 منه المرسلة في الساعة 7.30 المشيرة إلى أن برقيتكم بتاريخ 20 تموز لم يمكن إرسالها بسبب قطع سلك التلغراف بين دمشق والزبداني.
5- ولم تصلني البرقية الحاملة قبول الشروط الملطلوبة في خلال المدة المضروبة، ولذلك بدأ الزحف على دمشق في هذا الصباح.
وخلافاً لما أشرتم إليه لم يبدأ بإطلاق النار في مجدل عنجز، وقد ارتد رجال المخافر العربية في البقاع بطريق دمشق، وربما ارتد رجال مجدل عنجر، وتسلق جنودنا منذ الساعة 9 صباحاً هضاب لبنان الشرقية، ولذلك لم يعد بالإمكان إيقاف زحفها.
وفي امكانكم أن تنبهوا الأمير بانه لو لم تنظم الحكومة العربية عصابات السلب والنهب وتؤيدها لما تأخرت برقيتكم الخطيرة الشأن بسبب قطع السلك. فحكومة دمشق هي ضحية أعمالها السابقة. ويجب على إعلام الأمير أن الزحف سيستمر حتى يصل الجيش إلى مقابل دمشق فإذا لم يجد مقاومة، وإذا تم احتلال حلب والمحطات المذكورة في الشروط بدون مقاومة فإن الجيش لا يدخل دمشق.
وأؤكد بكم تلغرافي نمرة 356 / 3 الذي أرسلته مساء أمس، وأبلغتكم فيه أن تبقوا مستعدين للمحادثة مع كل حكومة مستعدة للتعاون بإخلاص مع فرنسا).
الدعوة للقتال
تبدل الموقف بعد ظهر الأربعاء 21 تموز، وأدرك فيصل أنه كان مخدوعاً وتحول إلى سياسة الدفاع والتصدي للقوات الفرنسية الزاحفة.
نادى على الأثر منادي الحرب في أرجاء دمشق ودوى نذيره، وأرسل فيصل فاستدعى الشيخ كامل القصاب – زعيم اللجنة الوطنية يومئذ- وقال له لقد قررنا الدفاع فأرنا همتك ونشاطك، فأنطلق القصاب يجوب الأحياء، كما انتشر الخطباء في كل ناحية يحثون الناس على الدفاع.
تداعى الأهالي إلى محطة القطار للسفر إلى ميدان القتال في ميسلون، والاشتراك في الدفاع، ومعظم كان بلا زاد ولا سلاح. وأذيعت بلاغات باسم الملك والقيادة العسكرية العامة وحكومة هاشم الأتاسي تدعو إلى الدفاع والتصدي للقوات الزاحفة.
استئناف المفاوضات ومطالب جديدة
عاود فيصل التواصل مع غورو مساء الحادي والعشرين من تموز وبعد إعلان القتال، وأبرق إليه البرقية التالية:
(على الرغم من قبول جميع الشروط الواردة في مذكرة 14 تموز الجاري، وعلى الرغم من زحف الجيش الفرنسوي وتقدمه نحو دمشق، ورغبة في حقن جماء تسيل بلا طائل أطلب منكم في الدقيقة الأخيرة أن تصدروا أمركم إلى الجيش بإيقاف أعماله للدخول في محادثات أحد أعضاء الحكومة، ومهمته التعاقد معكم باسمها).
وغادر دمشق في اليوم نفسه (21 تموز) ساطع الحصري وزير المعارف وجميل الألشي المرافق العسكري لفيصل إلى عالية لمقابلة الجنرال غورو والبحث معه في إيقاف زحف الجيش، فسلم الجنرال الوزير المذكرة التالية وقد حملها إلى الملك ونصها:
(إنه وأن تكن طرق التنفيذ المنصوص عليها في الأنذار لم تنفذ خلال المدة المضروبة، ولما كان الأمير قد اتخذ تدابير التنفيذ فالجنرال غورو مستعد لوقف زحف الحملة على دمشق بالشروط الآتية:
1-تنشر حكومة دمشق منشوراً ألحقت مسودته بهذا البيان يوضح الاسباب التي حملت الجيش الفرنسوي على الزحف وعلى التوقف.
2- تستقر الحملة في الأماكن التي بلغتها وتحد من الشرق بمسيل التكية، وتظل هنا ريثما يتم تنفيذ شروط الإنذار كاملة، وتلك الشروط التي قلها الأمير، وتخفض تدريجياً بالنسبة لتنفيذ الشروط,
3-تظل سكة حديد رياق – حلب التكية في خلال هذه المدة تحت مطلق تصرف الفرنسيين.
4-تسترجع الحكومة إلى دمشق القوات العسكرية الشريفية المرابطة غربي وشمالي مسيل التكية وفي المنطقة نفسها، بما في ذلك قوات البقاع، وذلك رغبة في سلامة الجيش الفرنسوي، ويجعل الدرك الباقي في هذه المنطقة تحت أمر السلطات الفرنسية المحتلة.
5-تمتنع حكومة دمشق منذ الآن عن مد يد المساعدة للعصابات التي تعمل في المنطقة، وخصوصاً للشيخ صالح العلي.
6- إن الإضرابات التي نشأت عن أعمال العصابات التي أوصلت الحالة إلى هذا الحد وحوادث 20 تموز في دمشق، وقد أثبتت خطر تسليح الشعوب تسليحاً عاماً. إن هذه الإعتبارات تجعل من الواجب على الجنود المسرحين أن يسلموا أسلحتهم إلى المستودع العسكري على أن ينزع سلاح الشعب تدريجياً.
7-تقيم في دمشق لدى الحكومة بعئة فرنسوية مفوضة تمنه الاختصاصات الآتية:
أ-اختصاصات مؤقتة. تقوم بمهمة المراقبة على تنفيذ الشروط التي قبلتها الحكومة.
ب-اختصاصات دائمة:
تدرس طريقة تطبيق الانتداب في المنطقة الشرقية – أي تعاون في تنظيم وفي قيام الوزارات بالخدمات العامة.
توضع هذه البعثة تحت إشراف رئيسها “الكولونيل كوس” وتؤلف من الفروع الآتية:
فرع عسكري
فرع مالي: للضرائب والمحاسبات العامة وأملاك الدولة والمساحة والبريد.
فرع إداري: لأعمال الإسعاف والصحة.
فرع اقتصادي: للزراعة والمناجم والأشغال العامة.
فرع للحقانية والشرطة.
فرع للتعليم العام
8- في حالة عدم تنفيذ شرط من هذه الشروط، أو في حالة الاعتداء على الجيش الفرنسوي في أي جهة من الجهات التي تسترد الحملة حريتها المطلقة في العمل).
أبرق الكولونيل “كوس” يوم 22 تموز إلى الجنرال غورو البرقية الأتية:
(تلقى الأمير إعلاناً بهدنة تنتهى يوم 23 تموز عند منتصف الليل، وحيث إنه لم يصله حتى الآن اي اقتراح من قبلكم، فهو يطلب إبلاغه بسرعة الشروط المقترحة مع مهلة كافية لإعطاء الجواب).
قبول شروط الإنذار الأخير
دعا فيصل الوزراء إلى القصر الملكي، واطلعهم على شروط الإنذار الأخير الجديد واستشارهم فيما يرونه، فأشاروا عليه بقبوله وعدم المعارضة، ونقل أمين سعيد عن بعض الوزارء الذين شاركوا في الاجتماع ان وزير الحربية يوسف العظمة كان من جملة الوزراء الذين أشاروا على الملك بقبول الإنذار فلما سمه منه ذلك ، دار الحوار التالي:
الملك فيصل: ولماذا كنت تصر على الحرب؟
يوسف العظمة: كنت أعمل “مناورة” على الفرنسويين.
الملك فيصل: يجب أن نموت بعد أو وصلت الحالة إلى هذا الحد.
يوسف العظمة : إذن أنت تأمرني ان أموت.
أول بلاغ رسمي عن القتال
وفي الثاني والعشرين من تموز نشر في دمشق البلاغ الرسمي الآتي:
(حالما أعلن الدفاع عن البلاد وقفت قواتنا التي كانت راجعة من مجدل عنجر غربي خان ميسلون فصدمتها القوات الفرنسوية المتقدمة، وفي طليعتها خمس دبابات فتبادلت مدفعيتنا والدبابات النار فحطمنا ثلاث وأكرهنا الأخيرتين على التقهقر والانسحاب بسرعة.
وكان قطار عسكري فرنسوي يسير من رياق إلى جهة حمص فاقتلعت قواتنا الوطنية قضبان سكة الحديد قرب القصير فهوى القطار وانفجر ما فيه من مواد حربية ولم يرد علم بعد عما أصاب ركابه.
وبينما كانت دورياتنا في بعلبك تتجول للمحافظة على الأمن تعرضت لها قوة فرنسوية ولكنها انهزمت تاركة مركبة نقل وسبعة قتلى وثلاثة جرحى.
وحامت طيارة اليوم فوق “مواقعنا” فأكرهتها مدفعيتنا على الانسحاب فارتدت نحو الغرب.
وزحفت قوة فرنسوية نظامية مؤلفة من كتيبتين إلى يحفوفا فقابلها الوطنيون وردوها إلى رياق بعد ما كبدوها خسارة).
وعاد الملك فيصل فأرسل يوم الثالث والعشرين من تموز البرقية الآتية إلى الجنرال غورو:
(نحن نأبي الحرب بيد أن قبولنا لمذكرتكم الأخيرة يعرضنا لحرب أهلية، ويجعلني أنا وكل عضو من أعضاء الحكومة عرضة للتهلكة. نحن على استعداد لتنفيذ إنذار 14 تموز بكامله، وقد نفذنا حتى الآن أربعة بنود من بنوده، ونتعهد بشرفنا بأن ننفذه بإخلاص إذا جلا الجيش الفرنسوي عن الأماكن التي احتلها).
ولما لم يرد جواب من الجنرال الذي كان مصمماً على متابعة الزحف إلى دمشق أدرك رجال الحكومة أنه لابد من القتال والمقاومة فذهب يوسف العظمة إلى ميسلون لملاقاة الجيش الفرنسوي، وتقلد ياسين الهاشمي قيادة موقع دمشق والأمير زيد القيادة العامة للجيش الذي كان مسرحاً.