عام
د. عزة علي آقبيق: دمشقيون في ذاكرة الوطن – السيدة قمر قزعون شورى
د. عزة علي آقبيق – التاريخ السوري المعاصر
أجمعت قواميس اللغة العربية على أن أنثى الصقور تدعى الصقرة؛ الأنثى الشديدة الذكاء والبصر والبصيرة، الأكثر قدرة على التحليق والأكثر شجاعة والأكثر تحمل.
ونحن في موقعنا هذا لسنا بصدد الدخول في حديث عن الصقور؛ إلا أننا سنتحدث عن صقرة سورية ملأت فضاءات سورية وطنها الذي أحبته بجليل فعل استحقت أنت تكون صقرة الشام بجدارة.
كم كان نهاري جميلاً عندما ساقني القدر إلى الأجتماع بذلك الوجه الصبوح الوضاح؛ كم كانت سعادة غامرة عندما أطلت علي تلك السيدة المهيبة بابتسمتها الرقيقة العذبة لتقول لي بصوت جميل أهلاً وسهلاً، كتابتي عنها لاتعطيكم ولو بارقة بسيطة عن طبيعتها، إمرأة دمشقية أصيلة بامتياز. إنها السيدة قمر قزعون شورى، صاحبة مسيرة العمل الطوعي لما يقارب 70 عاماً
ولدت صاحبة الترجمة في دمشق عام 1917 ، وعاشت طفولتها ضمن عائلة تؤمن بالعلم والأخلاق وحب العطاء؛ عشقت وطنها من خلال معايشتها لوالدها ذلك الوطني المثقف المسؤول عن تأمين الخبز لثوار الثورة السورية الكبرى فتشبعت بحب الوطن والإيثار
أحبت والدها بحبه لوطنه ونبله وحنانه ودماثة خلقه، فواكبت دربه في حب التعلم لتصل إلى دار المعلمات حيث نالت شهادة في الفلسفة وعلم النفس؛ بالإضافة إلى إتقانها للغات عدة.
لبت نداء الحرية لتشارك وهي إبنة الستة عشر ربيعاً زميلاتها في المرحلة الثانوية مظاهرات عدة تهتف بخروج قوات الاحتلال الفرنسي من سورية ، حيث قامت وزميلاتها بكتابة (عريضة) بدمائهن تطالب فرنسا بإعطاء سورية حريتها تماشياً مع ماتنادي به فرنسا من حرية وديمقراطية.
بدأت العمل الطوعي عام 1940 فشاركت بتأسيس جمعية الندوة الثقافية النسائية لمساعدت الفتيات ذوي الدخل المحدود، مثابرتها وطموحاتها أهلتها عام 1944 لحضور المؤتمر الأول للاتحادات النسائية في الأقطار العربية في القاهرة الذي انبثق عنه الاتحاد النسائي العربي العام برئاسة السيدة هدى الشعراوي، وبالرغم من عبء المسؤوليات العائلية والوطنية، إلا أنها شاركت عام 1945 سيدات الاتحاد النسائي على إسعاف وتأمين الغذاء للمحتاجين أثناء قصف البرلمان السوري، لتسهم في منحن آخر عام1946 مع مجموعة من رجال وسيدات سوريا في تأسيس الهلال الأحمر العربي السوري ،وهو منظمة انسانية مهمتها مساعدة الجرحى في الحروب وتأمين حياة الأسرى والمدنيين. وخلال عملها في الهلال وتقاطعا” مع عملها في الاتحاد النسائي قامت بجمع التبرعات للاجئين الفلسطينيين وتأمين مأوى لهم إثر نكبة عام 1948
ظلت قضايا المرأة السورية شغلها الشاغل لتحقق ضمن فريق التحاد النسائي عام 1949 الحصول على حق المرأة في الانتخاب دون الترشيح وكانت هذه هي الخطوة الأولى في حصول المرأة على حقها الكامل.
واكبت السيدة شورى تطور حقبة الخمسينيات من القرن المنصرم وعليه دخلت مجال البث الإذاعي كمتطوعة عام 1950 للعمل كموجهة اجتماعية في الإذاعة السورية.
دفعها حسها الوطني إلى المشاركة عام 1954 بحملات لجمع التبرعات في أسبوع دعم الثورة الجزائرية.
كذلك شاركت في عام 1956 في مؤتمر الاتحاد النسائي العام في القاهرة الذي تقرر فيه مشاركة المرأة في الدفاع الفعلي عن أرض الوطن، فشاركت مع زميلات لها في المقاومة الشعبيةالنسائية حيث تدربن على استعمال الأسلحة الخفيفة أثناء العدوان الثلاثي على الشقيقة مصر، وفي نفس العام شاركت بحضور حلقة دراسية أقامتها لجنة حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدة في موسـكو.
ونظراً للجهود النسائية المبذولة أصبحت دمشق في عام 1957 المقر الدائم للاتحاد النسائي العربي العام ، برئاسة السيدة عادلة بيهم ولتشغل السيدة قمر شورى أمانة السر حتى العام 1963.
كذلك أسهمت السيدة قمر شورى عام 1958 مع زميلاتها في استفتاء شباط حول الوحدة بين مصر وسورية
أما في عالم الأمومة فقد انتخبت الأم المثالية عن الإقليم السوري أثناء الوحدة عام 1960
ونظراً لمشاركتها وجهودها في تأسيس عدد من الجمعيات السورية (جمعية مكافحة السل السورية والجمعية السورية لمكافحة السرطان )؛ انتخبت عام 1965كرئيسة للهلال الأحمر العربي السوري / فرع دمشق لتنتخب عام 1980 نائبا” لرئيس منظمة الهلال الأحمر العربي السوري لغاية 1998 ولغاية عام 2002 وبعدها اسندت إليها رئاسة فرع دمشق الفخرية مـدى الحياة.
كذلك أسهمت في تأسيس جمعية أصدقاء دمشق، وجمعية الفنون النسوية فيها.
للسيدة قمر شورى مشاركات في العديد من مؤتمرات الهلال والصليب الأحمر في عمان، بيروت، الرياض ،الكويت بودابست ،جنيف، دمشق، المغرب والجزائر.
ونظراً لجهودها نالت مجموعة من الأوسمة
– وسام الإخلاص السوري عام 1948 بسبب جهودها لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين أثناء الحرب
– وسام الفارسة من الملك الحسن الثاني عام 1974 للخدمات التي قدمتها لجنود التجريدة المغربية التي دافعت إلى جانب الجيش العربي السوري في حرب 1973
– وسام جوقة الشرف الفرنسي 1982 لمساهمتها في إغاثة المهجرين اللبنانيين القادمين إلى سوريا
– وسام الهلال الأحمر العربي السوري تقديرا” لخدماتها خلال 30 عام
– وسام هنري دونان وهو أعلى وسام في حركة الصليب الأحمر وذلك لخدماتها التطوعية لمدة 46 عام تحت راية الهلال الأحمر العربي السوري
كرمت عام 2003 من قبل السيدة الأولى(السيدة أسماء الأسد) من خلال المنتدى الذي أقيم في دمشق / إمرأة وتربية – وطن وتنمية /
اختيرت عام 2007 من قبل السيدة أسماء الأسد حرم السيد رئيس الجمهورية، لتكون المرأة المميزة السورية لتنال وسام المرأة العربية المميزة من ملك البحرين ، من خلال المؤتمر الثاني لمنظمة المرأة العربية برعاية السيدات الأول في الوطن العربي.