You dont have javascript enabled! Please enable it!
مختارات من الكتب

حقيقة السلطان عبد الحميد الثاني في شهادة تنشر للمرة الأولى

من كتاب (صبحي العمري - الأوراق المجهولة)

سعد فنصة – التاريخ السوري المعاصر

في الكتاب المثير الذي قمت بتحقيقه ونشره من واشنطن، في الولايات المتحدة الأمريكية، الصيف الماض، من بقايا الأوراق المجهولة، شبه التالفة، التي خطها المؤرخ “صبحي العمري” اخترت هذه الصفحة التي دوِّنَتْ وثائقها قبل مئة عام، عن السنوات الأخيرة من حياة السلطان “عبد الحميد” نَقَلَ بعضها عن والده الشيخ “أحمد العمري” الذي قابل السلطان “عبد الحميد الثاني” في قصر يلدز، حين أقره قاضيا ومنحه راتبا باسم (شرافت معاشي) وخصصت له والدة السلطان راتبا شهريا باسم (دعاء كو) نظرا لإتصال نسبه بالخليفة الراشدي “عمر بن الخطاب” لذلك تُعَد شهادة والده ذات قيمة توثيقة عالية بما عرفه وشهده عن السلطان العثماني … يقول “صبحي العمري”:

“ان السلطان عبد الحميد الذي حمل لقب خليفة المسلمين لمدة 33 عاما يرسل له الإتحاديون يهوديا وأرمنيا ليبلغوه خلعه من الخلافة الإسلامية والسلطنة … في 27 نيسان 1909 ليُنَصب بدلا عنه أخوه “محمد رشاد” الخامس، في الليلة التي أعقبت خَلعِهِ بدون أن تعطى له الفرصة لاستدراك حوائجه وملابسه الضرورية، وتم نقله مع زوجاته الأربع وإثنين من أولاده وبناته وعدد من الخدم والمعية بلغ مجموعهم ثلاثون شخصا، أركبوهم قطارا الى سالونيك حيث وضِعَ في قصر لأحد اثرياء الطليان، وبقي فيه تحت الإقامة الجبرية ممنوعا من الاتصال بأحد، وعندما أصبحت سالونيك تحت خطر الوقوع بيد الأعداء في حرب البلقان، نُقِلَ الى استانبول ووضع في سراي بيلربي بتاريخ 1 تشرين الثاني 1912 حيث بقي فيه الى أن توفاه الله في 10 شباط 1918. وقد جرى له تشييع جنازة رسمية، بكته استامبول بأسرها بعد أن زالت عنه الدعاية التي نشرتها الصحافة الأوربية مدعومين بأموال الصهيونية الدافقة بغزارة.

كانت الوف الناس في وداعه تنادي على جانبي الطريق ( الى من تتركنا ) لقد شعرت الأمة التركية فيما بعد بأن السلطان “عبد الحميد” كان عكس ما أشيع، عنه ليس أدل على اهتمامه بشؤونهم، وإحساسه العال بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عهده من قيامه في الأيام الأولى من ارتقائه العرش، بدراسة أحوال البلاد المالية وتلقيه دروسا بالقواعد المالية، وقع اختياره على شخص من كبار رؤساء المصارف المالية في الأستانة يدعى (جورج ظريف) ليعلمه أصول القواعد العلمية لإدارة الاقتصاد، وسَمَحَ لمعلمه هذا بالدخول عليه بدون استئذان، أما فيما يخص سفكه للدماء فتبين أن الإعدام القانوني في عهده كان بحكم المعطل، وأنه لم يصادق في خلال حكمه من أحكام الإعدام، سوى حكم واحد صدر بحق رجل قتل والديه، وبعد تصديقه للحكم كسر القلم الذي وقع به التصديق، وأمر موظفيه أن يكسروا الأقلام التي حكموا بها في هذه القضية، بينما الدعاية التي ملئت الدنيا عنه، بأنه ملأ البوسفور بمن أغرقهم فيه. لقد كان في حقيقته متدينا لا ينقطع، ولا يأت ما يتنافى والوجائب الدينية، يأمر بالخير وينهى عن الشر والظلم.

لقد كان “عبد الحميد” عفيف اليد والنفس، ولم يُعرف عنه أنه مد يده للخزينة أو لمال أحد، أو غنم مغنما لنفسه، بل كان لا يقصر بالعطاء لمن يستحقه، حريصا على الإنفاق مقتصدا فيه، ورث عن عمه السلطان “عبد العزيز” عبئا ثقيلا من الديون تقدر بأكثر من مئتين وخمسين مليون من الليرات الذهبية، وكان له عدة هوايات تدلل على نفسيته واستعداده لهواية العلم والمطالعة بحيث تجمعت في مكتبات قصره واحدة من أهم مخازن الكتب من مختلف اللغات، يقضي في مكتبته كل يوم زهاء ساعتين أو ثلاث يقرأ لفرطِ ولعه بمكتبته، كان يستقبل فيها كبار الضيوف والوزراء والشخصيات الرسمية، وكان له في قصر يلدز معامل صغيرة حديثة وكاملة لممارسة هواياته منها معمل للخزف ومرسم لممارسة الرسم وآخر لولعه الشديد بالساعات، ومشغلٌ فيه كامل الأدوات لإصلاحها وآخر لإجراء التجارب الكيميائية، وآخر للحدادة وللنجارة، وكانت حديقة قصره تعج بأنواع نادرة من الطيور مرتبة في أقفاص منتظمة حرص على العناية بها بنفسه، كل ذلك يدُل على أن هذا الرجل كان متفتحا متعلما، فيه الكثير من المزايا التي تؤهله للقيام بأعباء الواجب العظيم الذي وضع على كاهله، ولا يمكن إغفال أن “عبد الحميد” إرتقى عرش السلطنة بأحرج الأوقات وأسوأ الظروف التي يمكن ان تمر بها السلطنة في أمورها الداخلية والخارجية….

الصورة أعلاه  ( صورة الغلاف ) تمثل السلطان عبد الحميد مع باشواته ويجثو أمامه شقيقه الأصغر “محمد وحيد الدين” – السادس-  السلطان العثماني قبل الأخير  )1861-1926) بعد إلغاء السلطنة ونفي أفراد الاسرة في العام 1924  اضطرت زوجته السلطانة “شفيقة” وابنتها “عائشة” للعمل غاسلة للصحون مع ابنتها لقاء اجر زهيد، في أحد المصانع الفرنسية، الى أن قام رئيس الوزراء التركي المنتخب لأول مرة في تاريخ الأمة التركية “عدنان مندريس” بالبحث عن زوجات السلاطين المنفيين فوجد السلطانة “شفيقة” وقد بلغت الخامسة والثمانين وابنتها في الستين، بأوضاع  مأساوية شديدة البؤس فبكى بحرقة، وهو يعتذر، عندما سألته: “من أنت” فأجاب : “أنا رئيس وزراء تركيا” فسقطت الصحون من يدها قائلة: “لقد تأخرت كثيرا يا بني” …

وتفضلت السيدة الكريمة Fatima Adib Doğangün من مرسين بتركيا، بإرسال الوثيقة التاريخية لزوجة السلطان “عبد الحميد الثاني” في رسالة وجهتها من منفاها بسالونيك، الى ناظر الحربية “محمود شوكت باشا” تسترحمه على الأوضاع البائسة التي تُركت فيها مع زوجها السلطان المخلوع وأولاده، مؤرخة في العام 1328 “رومي” والموافق للعام 1911 ميلادي، تؤكد على مصداقية الشهادات التي دونت حول القسوة الشديدة التي عومل فيها السلطان “عبد الحميد” وأشقائه السلاطين وزوجاتهم وأولادهم .. وهي تنشر للمرة الأولى …!!

 



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى