مقالات
د. عادل عبدالسلام (لاش): الجولان في الضمير المكلوم
د. عادل عبدالسلام (لاش) – التاريخ السوري المعاصر
الجولان في الضمير المكلوم
عثرت في صيف 1963 في برلين على دراسة (الجولان) لـ:(غوتليب شوماخر Schumacher (1888) Gottlieb) باللغة الألمانية، فانكببت على قراءتها بشغف ولأكثر من مرة، لما أحيته من ذكرياتي الجميلة عن الجولان الذي عرفته منذ أيام طفولتي، وعن أقربائي وأبناء عشيرتي فيه، خاصة في قرية البريقة التي كانت أول قرية شركسية أزورها حدثاً سنة 1939-1940.
ولم تنقطع بعدها زياراتي للجولان وللبريقة وبقية القرى الشركسية، إلى أن تم تعيين والدي رئيساً لمخفر الدرك (الشرطة ) في مدينة القنيطرة في عامي 1944و 1945. حيث تعلمت في مدرستها، وحصلت منها على شهادة التعليم الإبتدائي (السرتفيكا). فزادت معارفي عن الجولان وتواصلت علاقاتي بأهلنا الأديغة وغيرهم من أبناء الجولان، وتطورت في العقد الخامس من القرن العشرين، لتشمل العمل الثقافي والاجتماعي والفني والرياضي في المجتمع الشركسي.
كما سنحت لي فرصة زيارة بحيرة طبريا والشمال الفلسطيني انطلاقاً من الجولان (سنة 1947). أي قبل تشنيف أذنيّ بشعار (فلسطين عربية وستبقى عربية ولو أطبقت عليها شعوب الأرض) الذي سمعناه من المرحوم شكري القوتلي بعيد قيام دولة (إسرائيل)، وذلك من شرفة القصر الجمهوري في المهاجرين عام 1948.
لكن اهتماماتي بالجولان اخذت منحى علمياً بعد تعييني في قسم الجغرافية في جامعة دمشق. وحين كلفت بتدريس مقرر جغرافية سورية التي كانت تفتقر إلى كتاب جامع وجامعي. إذ وضعت خطة لتغطية سورية بدراسات جغرافية إقليمية. فوقع اختياري على البدء بمنطقة الجولان، فقمت بمسحها ميدانياً من أواخر سنة 1966 وحتى شهرنيسان من عام 1967، أي قبل احتلالها بنحو شهرين. لكن الاحتلال أعاق دراستي للقرى فاقتصرت على تغطية نحو 40 قرية فقط، من بينها كافة القرى الشركسية.
ومع استحالة دراسة بقية القرى والتجمعات ميدانياَ، قررت استكمال دراستها بأسلوب مغاير. فلجأت إلى النازحين في شتى المخيمات والتجمعات التي استقروا فيها في محافظة دمشق وريفها، ومحافظة درعا وغيرها، فجمعت المعلومات من كبار السن والعارفين والعارفات من أبناء القرى غير المدروسة، مستعيناً في ذلك باستمارة حوت نحو 135 سؤالاً واستفساراً.
ولم أقتصر في ذلك بما كنت أنجزه شخصياً، بل كلفت طلابي في قسم الجغرافية من أبناء الجولان وقراه، ومن غيرهم أيضاً، بمسح قراه المحتلة مسحاً شاملاً باستخدام الاستمارة المذكورة. كما استعنت أيضاً بعدد من أعضاء رابطة خريجي الدراسات العليا في محافظة القنيطرة في هذا العمل.
ولما كانت المعلومات المستقاة من الأشخاص عرضة للتأثر بانتماءاتهم القبلية والأسرية والمذهبية والعرقية وغيرها، كنت أكلف أكثر من طالب بدراسة قرية ما، بأخذ المعلومات من أفراد مختلفين، للقيام بتقاطع المعلومات، بهدف الوصول إلى الصورة الصحيحة والصادقة للقرية قبل الاحتلال.
كذلك أوليت الجولان النصيب الوافي من العناية والتوسع في كتبي الثمانية عن جغرافية سورية، وبفصل كامل مستقل له في كتبي عن ” الأقاليم الجغرافية السورية ” . كما نشرت العديد من البحوث والدراسات حول الجولان، إضافة إلى الكثير من المحاضرات العامة عنه.
ولعل أهمها كتاب (الجولان دراسة لأرض والإنسان والمستقبل) الذي طبع طبعة رسمية خاصة بعدد محدود جداً، في دمشق سنة 1995. وآخر نشاطاتي عنه هو بحثي المزبور بـ: (الوسط الجغرافي الطبيعي للجولان وأهميته الاستراتيجية. دمشق. 2008.) الذي قُدم في الندوة الدولية لتاريخ الجولان وآثاره، التي أقامتها المديرية العامة للمتاحف والآثار في دمشق. ومقالتي عن نزوح الشركس عنه (2017).
وفي ما يلي قائمة بأعمالي عن الجولان لفائدة المستزيد:
الكتب المتضمة معلومات وفصول عن الجولان:
1- جغرافية سورية- الجزء الأول في الجغرافية الطبيعية والبشرية والاقتصادية-. دمشق 1973. ( مجلد ضخم يقع في752ص ).
2- جغرافية سورية الإقليمية. دمشق 1982.
3- جغرافية سورية الإقليمية- القسم الثاني، الوحدات الجغرافية الإقليمية- . دمشق 1982.
4- جغرافية سورية العامة. دمشق 1990. ( 472 ص).
5- الأقاليم الجغرافية السورية. دمشق 1990. (544 ص).
6- الجولان. دراسة للأرض والإنسان والمستقبل. دراسة موَسَعة (240 ص)، دمشق 1995.
7-جغرافية سورية الإقليمية (الأقاليم السورية).مع آخرين. اللاذقية. صدر عام 2003.
8-الحغرافية الطبيعية لسوري. اللاذقيلا 2004,
بحوث ودراسات ومقالات عن الجولان:
— الجولان قبل العدوان. الإدارة السياسية للجيش والقوات المسلحة، وزارة الدفاع السورية. دمشق 1971. (طبع باللغات : العربية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية).
— الجولان، مسرح الجبهة السورية. مجلة العربي 181. الكويت 1973.
– هذه هي الجولان. مجلة الرائد 152. الكويت 1973.
– الطبيعة الجغرافية لجبهات القتال السورية والمصرية. ألقيت على مدرج جامعة الكويت. الكويت 1973.
– الأوضاع الجغرافية الطبيعية في الجولان وجبل الشيخ. نادي الخريجين في البحرين. المنامة 1974.
– جغرافية الجولان، أهمية الموقع. منشورات ندوة الجولان التاريخية. القنيطرة 1987.
– مستقبل الجولان. دمشق 1995.
– شريط الـ3-4 كيلومترات. دمشق 1995.
– سدود في الجولان. دمشق 1995.
– إعمار الجولان واستيطانه. المركز الثقافي في مدينة البعث. 2001.
– مزارع شبعا، سورية الهوية . 2005.
– نزوح الشراكسة من الجولان في صيف1967. دمشق 2006.
– جغرافية الجولان. مجلة الفكر السياسي. العدد 27 . السنة الثامنة. اتحاد الكتاب العرب، دمشق 2006.
— الجولان ومستقبله بعد التحرير. المركز الثقافي العربي في الزبداني. أيار 2007..
– الجولان والمستقبل. المركز الثقافي العربي في التل. 17 كانون الأول 2007.
– جغرافية الجولان و آثار إعماره. مجلة مركز الباسل للآثار. دمشق 2007.
– مياه الجولان مياه دولية في إطار مياه حوض نهر الأردن. ندوة كلية الهندسة المدنية – جامعة دمشق، نيسان 2008.
– الوسط الجغرافي الطبيعي للجولان وإهميته الاستراتيجية. دمشق. 2008.
– الجولان السوري، ومأساة نزوح شراكسته عنه عام 1967(كي لاينسى الأبناء والأحفاد). دمشق 2017.
ندوة الجولان والتاريخ. القنيطرة- مدينة البعث 1987. (مع بحث)
الندوة الدولية، تاريخ الجولان وآثاره. المديرية العامة للآثار والمتاحف.-13 تشؤين الثاني. 2008. دمشق (مع بحث).
1) لوحة بحيرة طبريا من مزرعة الفاخورة في الجولان عند الغروب 1953. بالألوان المائية.
واليوم و بغض النظر عن الآراء والتحليلات التاريخية والسياسية والجيو بوليتيكية المتضاربة حول الجولان، وبعد تمرير قرار (إسرائيل) القاضي بضم الجولان سنة 1981 وبعد الإعلان اليوم عن سيادتها عليه في آذار 2019 ، يتساءل المرء هل ذهبت جهود ونضال الأمة العربية كلها أدراج الرياح ؟؟؟ وأصبحت حكايات من التاريخ المنسي ؟؟؟ ، و هل سيتأكد تصنيف العرب والمسلمين في قوائم مستحاثات الانهزامية والخنوع والفساد ….؟؟؟ ألا يصدق على الأمة ما قاله المرحوم الدكتور شاكر مصطفى عنها في مجلة العربي في (شباط 1995)
“إني ليصيبني الرعب حين أتصور هذه الملايين العربية (225 مليون إنسان) تتمدد أجساداً مسطحة على الأرض خدراً وضعفا واستكانة، بدلا من أن تكون مثل شجرالسرو مشرئبة للسماء… هل أصبحت غثاء أحوى، خرساء دون صوت ودون مردود كبير والأهم من ذلك دون تفكير بالغد أو وعي به”… ؟؟ إنه بالفعل رعب وفزع وذعر و وهل عضال لا أرى نهاية له.
لقد استنكرنا، واعترضنا، واحتجينا، واستهجننا، وثرنا، وحذَّرنا، وهددنا بالويل والثبور وعظائم الأمور، وقدمنا شكوانا، ورفضنا، وشجبنا، ونددنا، و انذرنا بالرد في الوقت المناسب و(تعنترنا)، وكلنا لترامب ونتنياهو أقذع الشتائم والسباب، ورمينا الأعداء بكلام كنكز الأنف، ودعونا عليهم بالسحق، وقطع النسل، وبأن يرميهم الله من كل أكمة بحجر، ويشل أيديهم، ويرد كيدهم في نحورهم… ودعونا من أقام إسرائيل أصلاً وأول من أعترف بها، لعقد اجتماعات لينصفنا…..و ما زلنا…ومع ذلك ومع كل هذا من مفرزات الظاهرة الكلامية لم يتأثر (البلاط).
إننا ما زلنا ننتظر تحقق نبوءة أن ينطق الشجر ويفضح اليهودي، وينادي المسلم يوما ما قائلاً : يختبئ ورائي يهودي تعال فاقتله ، ثم زوال إسرائيل بعد سنوات معدودات…. ورحم الله الشاعر جرير الذي سمع أن غريمه الفرزدق هدد بقتل أحد الفرسان المدعو مربع فقال:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً أبشر بطول سلامة يا مربع
عادل عبدالسلام (لاش)
دمشق 27 – 3 -2019.