شهادات ومذكرات
أكرم الحوراني: العسكريون يعودون الى ثكناتھم والقوتلي يأمل بالعودة الى دمشق
من مذكرات أكرم الحوراني
من مذكرات أكرم الحوراني
العسكريون يعودون الى ثكناتھم
في صبیحة الیوم التالي، أي في يوم 15 آب عام 1949 ، ذھبت الحكومة الى بیت ھاشم الاتاسي، وعقدنا اجتماعا حضره الزعیم سامي الحناوي مع اللواء عطفة وزير الدفاع ثم انتقلنا بموكب رسمي من بیت ھاشم الاتاسي الى سراي الحكومة.
وفي بھو رئاسة الوزراء في السراي ادلى سامي الحناوي لاصحاب الصحف والمراسلین بالتصريح التالي: “أنا رجل عسكري ولا علم لي بالشؤون السیاسة، وانني قمت بحركتي ھذه مدفوعا بعامل انقاذ الوطن من الخطر المحدق به، واني لا أطلب أجرا ولا شیئا سوى خدمة الوطن ورفاھیة الشعب، واني بعد أن تألفت حكومة قومیة سأترك لھا مقالید الامور وأعود الى وظیفتي في الجیش”.ورد علیه ھاشم الاتاسي بقوله: “باسمي وباسم اخواني الوزراء وباسم ھذا الوطن أشكر لكم ما أقمتم من دلیل على صدق نواياكم وسلامة مقاصدكم. اذ حرصتم كل الحرص على اسلام الأمور الى حكم مدني يطمئن الشعب ويمھد عاجلا للحیاة الدستورية في البلاد… ولا أشك في ان البلاد واجدة دائما في جیشھا الباسل ما يحمي ذمارھا ويصون كرامتھا”.
وانسحب سامي الحناوي عائدا الى قیادة الجیش بینما عقد الوزراء أول اجتماع للحكومة الجديدة.
القوتلي يأمل بالعودة الى دمشق
اتجھت جماعة شكري القوتلي ومن يؤازرھا عربیا ودولیا بعد الانقلاب للمطالبة بدعوة المجلس النیابي السابق، بداعي انه لا يزال المجلس الشرعي المنتخب، وان حسني الزعیم كان مغتصبا للسلطة، وان الاستفتاء الذي أجراه على نظامه لا قیمة له من الناحیة الدستورية والقانونیة على أن يتقدم القوتلي لھذا المجلس باستقالته ويجري انتخاب رئیس جديد للجمھورية.
وقد كان القوتلي يھيء نفسه للعودة الى دمشق، فقد أرسل برقیة تھنئة توطئة لعودته، وكان يتخیل ان جماعته سیھیئون له الاستقبالات والحفلات بمجرد وصوله الى دمشق.
وقد جاء في برقیته لھاشم الاتاسي: “شكري للجیش لموقفه الاخیر، اكباري لحركته الموفقة، تھاني الخالصة لفخامتكم ولزملائكم وللشعب النبیل، أرجو ان يكون النجاح والتوفیق حلیفكم، تمنیاتي الخالصة للوطن بدوام مجده وعزته وللشعب بصیانة سیادته ورفاھیته.
وفي الوقت نفسه كانت وكالة اسوشیتدبرس الامیركیة تنسب حديثا زورا على لسان ھاشم الاتاسي تزعم انه قال ان وزارته قد تستدعي مجلس النواب القديم لغرض واحد فقط ھو الاقتراع على الثقة بوزارته وتأيیدھا.
كان القوتلي واھماً في تقديراته اذ لم يكن له مؤيدون لا في أوساط الجیش ولا بین الوزراء ولكن رغبته بالعودة أوقعت الحزب الوطني بالحرج والازدواجیة ما بین خجلھم من نكوثھم به وبین طمعھم باستغلال انقلاب الحناوي وارتباطھم بحكم نوري السعید ومشاريع بريطانیا، وقد كان اشراك عادل العظمة بعد اعتذار نبیه العظمة تفاديا للانقسام وتأيیدا لتحقیق مشروع نوري السعید في آن واحد.
وفي الجلسات الاولى لمجلس الوزراء ألمح ھاشم الاتاسي وعادل العظمة الى ان القوتلي قد يعود الى دمشق، ولم أنتبه الى الغرض من ھذا التلمیح، فعارضت عودته السريعة في ھذه الفترة، وقد استغل عادل العظمة معارضتي فنشرھا مشوھة في الأوساط السیاسة والظاھر ان الأتاسي والعظمة كانا يريدان ان يضعا مسؤولیة منع عودة القوتلي على عاتقي بینما كان الطرفان لا يرغبان بعودته ومع ذلك استمرت العلاقات الودية بینھم وبینه، وعندما ذھب الدكتور ناظم القدسي لحضور اجتماعات اللجنة السیاسیة في القاھرة قام بزيارة لشكري القوتلي رحب بھا القوتلي قائلا: “انني ارحب كل الترحیب بزيارة اخینا الدكتور ناظم القدسي وأحییه واحیي اخوانه الذين ادوا مھمتھم في الجامعة العربیة لخیر الشعب السوري”.