مقالات
باسل عمر حريري- تأسيس إذاعة حلب
باسل عمر حريري – التاريخ السوري المعاصر
تأسيس إذاعة حلب – هنا محطة إذاعة حلب الإضافية
لا تجد منظرا أجمل من أن تقف على جبل الأنصاري (جوشن) وتسرح النظر حيث تمتد أمامك مدينة المآذن حلب الشهباء بأحيائها القديمة والحديثة وشوارعها وعمائرها الأثرية وقلعتها التاريخية .
هنا يقوم مبنى إذاعة حلب، وهنا تشم عبق التاريخ .
إذاعة حلب بالرغم من ضعف المجال والإمكانيات بمهمات جمع التراث الغنائي والموسيقي ، وبأن تكون منطلقا وطريقا إلى الشهرة لعدد كبير من الأدباء والفنانين.
بعد سنة من تأسيس إذاعة دمشق كان لابد من إنشاء محطة إضافية وبذلك تعتبر إذاعة حلب واحدة من أقدم الإذاعات العربية، و كانت البداية من غرفتين في مبنى الهاتف اليدوي في شارع اسكندرون
وفي الساعة السابعة من مساء الأول من كانون الأول عام 1949م طلع مذيع دمشق يقول: والآن أعزاءنا المستمعين ننتقل بكم إلى زملائنا في محطة إذاعة حلب الإضافية.
وتلاه مذيع حلب عادل أشرفي ليقول:
هنا محطة إذاعة حلب الإضافية
وقرأ الشيخ عبد الجواد العطار آيات من الذكر الحكيم
وقدم الدكتور الفنان فؤاد رجائي آغة القلعة كلمة بهذه المناسبة.
قال الفني بكري حيصو رحمه الله وهو أقدم فني فيها:
” كنا جميعاً نعيش على أعصابنا قبل أن يلفظ المذيع لأول مرة هنا حلب، إذ لم تكن هنالك أشرطة تسجيل، وكان البث على الهواء مباشرة، ولا نعلم هل سيطلع الصوت من الراديو أم لا، كنا خائفين أن تخذلنا الخطوط الهاتفية المعدنية القديمة بين حلب ودمشق” وفي عام 1950م انتقلت الإذاعة من شارع اسكندورن إلى الطابق الثالث من مبنى البريد في ساحة سعد الله الجابري، وكانت مؤلفة من غرفتين واستديو، وخلال الخمسينيات كان الفنان المسرحي فاتح غضنفر مدير الفرقة القومية للتمثيل مذيعا تعود الناس على سماع صوته الجهوري.
وشهدت إذاعة حلب فترة ذهبية من الإنتاج الفني والأدبي ، غير أن كل ذلك ضاع لأنه كان يبث على الهواء مباشرة، وعندما دخلت تقنيات التسجيل الصوتي عام 1955 استمر ذلك التراث العظيم من وصلات الغناء والموشحات والقدود والبرامج والأحاديث في الضياع لأن عدد الأشرطة كان محدودا، والشريط الواحد يمحى ويسجل عليه باستمرار.
في عام 1964م تم إنجاز مبنى الإذاعة على جبل الأنصاري وانتقلت الإذاعة إليه بشكل نهائي وسط حديقة غناء تأخذ مساحة واسعة من مرتفع الجبل مزروعة بأشجار التوت والزيزفون والكرمة والزهور، وتطل على مشهد الحسين ومشهد الدكة اللذين يعودان إلى العهدين الحمداني والزنكي، في هذا المبنى يقوم ثلاثة استديوهات للتسجيل والمراقبة وغرف أخرى للأرشيف والمراقبة والصحافة والمذيعين والموسيقيين والمستودعات. وفي الطابق الثاني يقوم قسم الهندسة حيث يعاد بث الشارة التلفزيونية القادمة من دمشق وتقويتها، ونقل الصورة والصوت إلى دمشق وبالعكس عن طريق خط مكروي، فقد وفد إلى مبنى الإذاعة ضيف جديد هو المركز التلفزيوني شاركها غرفها واستديوهاتها، أما المبنى الضخم الجديد في حديقتها فقد توقف العمل فيه هيكلاً مهملاً.