الأديب الشاعر جورج صيدح
ولد جورج صيدح في دمشق قرب مكتب عنبر عام 1893م.
والده جورج بن ميخائيل بن موسى صيدح وسُمّيت أسرته بصيدح لاشتهار بعض جدوده برخامة صوته.
دخل إحدى المدارس الابتدائية، وكان مبرّزاً باللغة العربية، فأرسله ذووه إلى كلية عينطورة بلبنان ليتعلّم الفرنسية.
تخرج سنة 1911، وترك الدراسة ليلتحق بإخوته في مصر ويعمل في التجارة.
أقام في مصر ثلاثة عشر عاماً، وأصيب بنكبة مالية بعد نجاح كبير، فاتجه إلى أوربا سنة 1927، وتزوج من فتاة فرنسية.
سافر في نهاية عام 1927 إلى كراكاس عاصمة فنزويلا، فأقام فيها عشرين عاماً يعمل بالتجارة.
لما بلغ الخمسين انصرف إلى المطالعة والسياحة، فانتقل في عام 1947 إلى الأرجنتين، وأسّس فيها «الرابطة الأدبية» (1949ـ1951) التي ضمّت مجموعة من الأدباء المهاجرة في الأرجنتين.
انفرط عقد الجمعية التي كانت تجتمع مساء كلّ أربعاء في منزله بعد عودة صيدح إلى الوطن.
أنشأ صيدح في كرا كاس مجلة «الأرزة»، كما أنشأ فيها صحيفة «الرابطة الأدبية». وأصدر خمس مجموعات شعرية ودراسة في الشعر المهجري، وهي: «النوافل» طبعها في بوينس أيرس عاصمة الأرجنتين سنة 1947، و«النبضات»، صدرت بباريس سنة1950، و«حكاية مغترب في ديوان شعر»، طبع في بيروت 1960، و«شظايا حزيران»، بيروت، 1969، و«شظايا أيلول»، باريس 1971، الشعر العربي المعاصر، (بالفرنسية)، 1968م.
وكتابه «أدبنا وأدباؤنا في المهاجر الأمريكية»، طبع ثلاث طبعات في القاهرة وبيروت (1956 و1957 و1965) فهو يعدّ من الدراسات الأكاديمية الجادة في الأدب المهجري، وهو في الأصل محاضرات ألقاها المؤلف على طلبة الدراسات العليا في معهد الدراسات العربية العالية في القاهرة سنة 1956 بدعوة من مديره ساطع الحصري،
جورج صيدح شاعر الحنين والقومية، كما هي منظومة شعراء المهجر الجنوبي ، واكبوا الأحداث القومية ،فللشاعر قصيدة يصف فيها جهاد فلسطين في مجموعة «النوافل»، ومنها هذه الأبيات:
أرضٌ تحجُّ لها الدنيا مبايعــة بيعتْ بفلسِ مرابٍ غيرِ محتشــمِ
واهاً فلسطينُ كم غازٍ قهرتِ وكم جيشٍ رَدَدْتِ عنِ الأسوارِ منهزمِ
فأين سيفُ صلاح الدين يَرْدَعُـهُمْ أمالَهُ خَلَفٌ في العربِ كلِّهــــِمِ
شارك جورج صيدح في الدعوة إلى الوحدة والتضامن، ووقف ضد الاستعمار الفرنسي الذي ضرب دمشق بوحشية في قصيدته «دمشق الجريحة»، ثم غنّى لها أغنية النصر المؤزر حين تمّ الجلاء، وأوصى المحتفلين بالوحدة العربية الشاملة وبالنهوض لاسترجاع فلسطين، وهذا ما جاء في قصيدته «جلوة الحرية» في مجموعته «حكاية مغترب»، ومنها هذه الأبيات:
هيّئي يا دمشقُ أقواسَ نصــــر من عناقِ الأعلامِ والمشرفيّهْ
وانظمي موكبَ الجلاءِ وسيري أمّةً بالجهادِ تُبعثُ حيـــّه
إنْ أراقتْ يومَ الزفافِ دموعــاً ففلسطينُ بالدموعِ حَرِيـــــَّهْ
أما حنينه إلى دمشق موطن أجداده وملعب صباه فهو مبثوث في كثير من قصائده، وهو مقيم على حبّه لوطنه مسقط رأسه، ويتمنّى ألاّ يقضي نحبه بعيداً عنه، فيقول:
يا مسقطَ الرأسِ، والأرحامُ تجمعُنا حاشا تغيِّرُني في حُبِّكَ الْغِيَـــرُ
أنسى يميني ولا أنساكَ يا وطنـا فيكَ ابتدا ـ ليتَهُ فيك انتهى ـ العُمُرُ
ومن جميل ما قاله هذا الشاعر في صلة المهاجر بوطنه دمشق هذه الأبيات:
دمشقُ أعرفُها بالقبَّةِ ارتفعتْ بالمرجةِ انبسطتْ، بالشاطىء ِابتردا
عاد الشاعرواستقرّ في بيروت ما بين عامي 1952و1959، ثمّ عاد إلى باريس.
الوفاة
توفي في باريس عام 1978(1).
(1) م. حسام دمشقي – التاريخ السوري المعاصر