وثائق سوريا
كلمة ناظم القدسي رئيس مجلس الوزراء في حفل افتتاح مؤتمر المغتربين عام 1950م
كلمة ناظم القدسي رئيس مجلس الوزراء في حفل افتتاح مؤتمر الأحلاف عام 1950م.
نص الكلمة:
فخامة الرئيس،
سيداتي سادتي
إن اجتماعنا الليلة لاجتماع تاريخي إذ للمرة الأولى يتنادى المغتربون من أبناء الوطن ليلتقوا تحت سمائه، وليجددوا معاً صلات البنوة التي تربطهم به.
وقد كان من الطبيعي للحكومة السورية وللشعب السوري، أن يرحبا بهذه البادرة الطيبة كل الترحيب، وأن يستقبلا المغتربين إلى الوطن الأول بأخلص ما يكنانه من ود واخلاص ومحبة.
وإني لأقف بينكم الليلة لأعرب باسم الحكومة السورية عن هذا الترحيب الخالص ولأبث أعضاء المؤتمر تحية الوطن واغتباطه بهم وبهذا الاجتماع التاريخي الأول يعقدونه في أرضه وتحت لوائه.
أحيي أولاً الأحلاف السورية، اللبنانية، الأميركية للولايات الشرقية التي كان لها الفضل في إعداد هذا المؤتمر وتنظيمه ودعوة سائر المغتربين إليه.
فلقد رعى رؤساء هذه الأحلاف وموظفوها هذه الفكرة منذ سنوات وبذلوا في سبيلها من جهدهم ووقتهم ومالهم إلى أن أخرجوها إلى حيز التنفيذ فاستحقوا شكر اخوانهم في الوطن وفي المهجر كافة.
وأحيي أيضاً ممثلي الأحلاف الأخرى في الولايات المتحدة الذين استجابوا دعوة أخوانهم في الولايات الشرقية وشاركوهم في تحقيقها، وكذلك ممثلي الجمعيات والهيئات في بلاد أميركا الجنوبية، وسواها الذين أضفوا على هذا المؤتمر باشتراكهم فيه، معنى الاتحاد الوثيق الشامل بين أبناء هذا الوطن في سائر أنحاء العالم.
وأحيي أخيراً أولئك الذين لم تتح لهم ظروفهم حضور هذا المؤتمر أو تمثيلهم فيه أملاً أن نراهم في فرصة تالية موجهاً لهم أينما كانوا جماعات وأفراداً عاطفة هذا الوطن وولائه الدائم.
وإني إذ أتوجه بهذه التحية لا أميز بين أبناء القطر الشقيق في لبنان أو أي من البلاد العربية الأخرى، فلقد جمعتهم هناك كما جمعتنا هنا – عرى لا تنفصم من دم وتقاليد. ومن أهداف وآمال وارتبطوا كما ارتبطنا بروابط من أخوة واتحاد هي عدتنا جميعاً في الحاضر والمستقبل.
وانتهز هذه الفرصة لأرحب بمعالي وزير الخارجية اللبنانية الذي تلطف فقبل دعوتنا لحضور هذا الاحتفال موجهاً بواسطته إلى القطر الشقيق أطيب العواطف وأخلص التمنيات.
أيها السيدات والسادة
لقد غادرتم هذه البلاد عندما كانت تثن تحت وطأة حكم أجنبي جائر استنفذ مواردها وأسد عليها غشاوة كثيفة من الجهل والظلام. لكن النزعة إلى التحرر النزعة التي لا يمكن أن تخنق مهما تضافر عليها من عوامل الظلم والفساد ظلت تتحرك في صدور العرب وتقوى يوماً بعد يوم إلى أن حققت البلاد العربية استقلالها وسارت في طريق الاتحاد والتقدم.
وقد لقيت هذه البلاد ومازالت تلقي في جهادها لبلوغ هذه الغايات القومية مصاعب جمة، تحملت آلاماً، ومحناً جسيمة، والعون والمشاركة في الألم والآلم. فلم تقطعوا – على بعدكم – صلتكم بوطنك الأول، رافقتم تطوره، وقمتم بنصيبكم في تحقيق أهدافه لتغتبطون بلا شك بما ينعم به من استقلال وبما يعده وينفذه من أسباب الحياة القومية المتقدمة، وهو حريص بمناسبة هذا المؤتمر الذي تعقدون على أن يعترف لكم بنصيبكم وعلى أن يدعوكم مع المحافظة على ولائكم لأوطانكم الجديدة، إلا أن تبقوا صلتكم به قوية فعالة للخير المشترك والمصلحة الشاملة.
وليس الجهاد القومي أمراً قصير الأمد أو يسير التحقيق لا نزال في مطلع هذا الجهاد يحدونا العزم إلى المضي به إلى غايته هذا العزم الذي يتجلى في ماننشده من نهضة في مختلف نواحي حياتنا هو عدتنا وذخرنا، وهو الذي يبشر بالمستقبل الزاهي الذي نطمح وتطمحون انتم معنا إليه.
بهذا الروح نبني الوطن الجديد : هذا الذي كان مؤئل المدنيات وحامل مشعل الحضارة في العصور الماضية. والذي ينبعث الآن ليتخذ مكانه اللائق به بين أسم العالم.
ولا شك عندنا أنكم إذ تقومون يجولاتكم وتتصلون بأخوانكم ستلمسون هذه الروح وستحسون اندفاعات الحياة ووثبات التقدم.
فأهلاً وسهلاً بكم، وعسى أن يكون سروركم بزيارتكم على قد سرورنا بكم، واغتباطنا بمجيئكم وأن يكون نتاج عملكم مؤدياً لما تنشدون وننشد من دعم نهضة وتوطيد محبة وأخوة.
عاش المغتربون. عاشت سوريا، والبلاد العربية جمعاء.
انظر:
كلمة هاشم الأتاسي رئيس الدولة في حفل افتتاح مؤتمر الأحلاف عام 1950م



المراجع والهوامش:
(1). صحيفة البلد - دمشق، العدد 1005 الصادر في يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من آب عام 1950م.
مصطفى الشهابي
قرار دمج قريتين في محافظة إدلب عام 1997م