(كان عدد سكان حماة في نهاية الحرب العالمية الأولى لا يتجاوز العشرين ألفاً، فقد فرغت المنازل الكثيرة من أهلها بسبب الجوع والأمراض.
وكثيراً ما كان الناس الجياع يخطفون أكياس المارة التي تحوي شيئاً من الطعام. كانت المجاعة تجتاح حماة خلال الحرب العالمية الأولى، وفي الطريق شاهدت امرأة تقطع اللحم من جيفة متفسخة وحولها أطفالها الصغار يتضورون جوعاً ويبكون. كانت تلك المشاهد مألوفة في ذلك الحين، كما كان موت الناس على الطرقات من الجوع والمرض أمراً عادياً، حيث كانت الجثث تجمع “بالطنابر” وتنقل إلى ظاهر مدينة حماة ليدفن العشرات في قبر واحد، وكان طرق أبواب المنازل وصراخ الشحاذين: “جواعانين .. من مال الله” لا ينقطع لا ليلاً ولا نهاراً.
كان الجوع ومرض التفئيد والكوليرا والجدري منجلاً يحصد الناس، وكانت أعشاب البرية في الربيع مرعى للناس والبهائم معاً، وكانت الدولة العثمانية حينها توزع الخبز في خان تسميه” المطعم” ويسميه الفقراء الجائعون “المطعن” لأنه كان مباءة لانتشار الأمراض، بالإضافة إلى أن التوزيع كان نذراً يسيراً، وبالرجاء والالتماس).