توفي حافظ الأسد في العاشر من حزيران 2000م. وفي اليوم الثاني نشرت صحيفة الأهرام المصرية الخبر التالي:
الرئيس السوري حافظ الأسد في رحاب الله
بيان رئاسي سوري يعلن وفاة الأسد إثر أزمة صحية خطيرة
مبارك ينعي الأسد صديق ورفيق الكفاح ويدعو الله أن يحفظ سوريا من كل سوء
مجلس الشعب السوري يقر تعديل الدستور
لتصبح سن المرشح للرئاسة34 عاما تمهيدا لاعتلاء بشار مقاليد الحكم
إسرائيل تعلن أنها ستواصل مسيرة السلام مع القيادة السورية الجديدة في دمشق
فقدت الأمة العربية أمس واحدا من أبرز زعمائها الذين لعبوا دورا أساسيا في مسيرتها القومية علي مدي عدة عقود مضت, هو الرئيس السوري حافظ الأسد, الذي توفي إلي رحمة الله عن عمر يناهز69 عاما, إثر إصابته بأزمة صحية خطيرة بعد حياة طويلة حافلة بالعطاء لوطنه وأمته, وفور إعلان نبأ وفاة الزعيم العربي الكبير, عقد مجلس الشعب السوري جلسة استثنائية أعلن فيها السيد عبدالقادر قدورة رئيس المجلس تشكيل لجنة نيابية لتعديل المادة رقم83 من الدستور حول سن الرئيس السوري, كخطوة لاختيار خليفة الرئيس الأسد. وأقر المجلس بعد وقت قصير من عقده جعل سن المرشح للرئاسة34 عاما, فيما يتيح الفرصة للعقيد بشار الأسد ابن الزعيم الراحل لخلافة والده, باعتباره من أبرز المرشحين. وكانت المادة83 من الدستور تنص علي ضرورة أن يكون المرشح للرئاسة قد أتم الأربعين من العمر. ويبلغ عمر بشار نحو35 عاما, وعقب إقرار التعديل الدستوري, أعلن رئيس المجلس رفع الجلسة حتي يوم25 يونيو الحالي.
وقد نعي الرئيس حسني مبارك الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد, ووصفه بأنه الصديق ورفيق الكفاح الذي قدم لوطنه خدمات جليلة, وظل يناضل في سبيل الأهداف القومية الكبري حتي فاضت روحه, وهو في قمة شموخه وعزته. ودعا الرئيس مبارك الله تعالي أن يحفظ سوريا الشقيقة من كل سوء, وأن يهيئ لها أن تواصل مسيرتها في ظل وحدة وطنية شاملة, وتضامن قومي كامل.
وكانت شبكة سي.إن.إن التليفزيونية الأمريكية هي أول من أذاعت نبأ رحيل الرئيس الأسد, في السادسة إلا خمس دقائق, ثم نقلته عنها وكالة الأنباء الفرنسية في السادسة, وبعد خمس وعشرين دقيقة تقريبا أذاع التليفزيون السوري والإذاعة السورية النبأ الحزين, قبل أن ينتقل التليفزيون السوري إلي جلسة مجلس الشعب, حيث أعلن النبأ رسميا علي النواب الذين أخذ بعضهم في البكاء بصوت مسموع.
ووفقا للقواعد المتبعة في سوريا, فإن إجراءات الترشيح لمنصب الرئاسة تصدر من مجلس الشعب, بناء علي اقتراح القيادة القطرية لحزب البعث, ويعرض الترشيح علي المواطنين للاستفتاء, لذلك ينتظر أن ترشح القيادة القطرية بشار الأسد رئيسا لسوريا.
وجاءت وفاة الأسد قبل أسبوع من عقد المؤتمر القطري التاسع لحزب البعث الذي كان يفترض أن ينتخب الدكتور بشار الأسد عضوا بالقيادة القطرية, حيث كان يتوقع أن يقوده ذلك ليكون نائبا للرئيس الأسد.
وكان الأسد يعاني تدهورا في صحته في الفترة الأخيرة, حيث لوحظ أنه كان يتحدث بصعوبة, وإحدي يديه لا تتحرك بشكل طبيعي. كما كان قد أصيب بنوبة قلبية منذ سنوات, وقد تباينت أمس المعلومات عن سبب الوفاة, فبينما ذكرت بعض المصادر أنها نتيجة أزمة قلبية حادة قال بعضها الآخر إنها نتيجة سكتة دماغية.
وكان التليفزيون السوري قد قطع إرساله بعد ظهر أمس, وأذاع نبأ وفاة الرئيس السوري, في وقت سابق من صباح أمس, ثم صدر بيان رسمي نعي إلي الأمة العربية والشعب السوري انتقال الرئيس حافظ الأسد إلي الرفيق الأعلي. وقال البيان: إن القيادة المركزية لحزب البعث ومجلس الشعب ومجلس الوزراء, والقيادة العامة للقوات المسلحة, والمنظمات الشعبية, والنقابات, ينعون إلي الأمة العربية والشعب العربي السوري الأمين العام لحزب البعث الرئيس القائد حافظ الأسد, الذي قضي الله تعالي أمره أمس.
وعقب البيان عقد مجلس الشعب البرلمان جلسة استثنائية وقف الأعضاء في بدايتها حدادا علي وفاة الأسد, تلا ذلك تغيير الدستور لضمان الانتقال السلمي للسلطة في البلاد.
وقد سادت حالة من الحزن العام كل أنحاء سوريا وفي العواصم العربية وتابع المواطنون السوريون نبأ الوفاة بأسي بالغ, واحتشدوا في الجامع الأموي للاستماع لتلاوة الذكر الحكيم, بينما عمت حالة أخري من الترقب للاطمئنان علي المستقبل السياسي في البلاد وسط تأكيدات بالانتقال السلمي للسلطة في البلاد.
وقد توالت أصداء وفاة الأسد في خارج سوريا, حيث أفادت شبكة سي.إن.إن الإخبارية الأمريكية, أن الرئيس الأمريكي بيل كلينتون أبلغ علي الفور بوفاة الأسد. وفي تل أبيب قطع التليفزيون الإسرائيلي برامجه العادية ليذيع خبر وفاة الأسد, ثم صدر بيان عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك. وذكرت شبكة سي.إن.إن الإخبارية الأمريكية أن الحكومة الإسرائيلية أكدت في البيان تفهمها لمشاعر الحزن التي تنتاب الشعب السوري لوفاة الرئيس الراحل حافظ الأسد. وأضاف البيان أن إسرائيل تعاونت في الماضي مع سوريا من أجل التوصل إلي اتفاق سلام, كما أنها سوف تواصل العمل في المستقبل في الاتجاه نفسه مع القيادة الجديدة في سوريا أيا كانت. وقال البيان إن إسرائيل تعلق أهمية كبيرة علي الحفاظ علي حالة الهدوء في مناطق الحدود التي تربطها بكل من سوريا ولبنان, وتأمل في أن تنظر سوريا إلي هذا الموقف بالطريقة نفسها.
وأصدر البيت الأبيض بيانا أكد فيه شعور الرئيس كلينتون بالحزن العميق إزاء وفاة الرئيس الأسد, مشددا علي احترامه له. وقدم تعازيه لأسرة الرئيس السوري وللشعب السوري.
وذكر البيان أن الرئيس كلينتون يتطلع إلي العمل مع سوريا من أجل تحقيق هدف السلام الشامل في الشرق الأوسط.
وأعلن البيت الأبيض أن مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية ستمثل الولايات المتحدة في جنازة الأسد.
وقال جو لوكهارت المتحدث باسم البيت الأبيض ـ الذي كان يرافق الرئيس بيل كلينتون في مينيسوتا ـ إن الرئيس رأي أن أولبرايت هي الشخص المناسب للذهاب إلي دمشق للمشاركة في الجنازة.
وفي موسكو, ذكر مسئول كبير بوزارة الخارجية الروسية أن روسيا تشعر بالحزن العميق إزاء وفاة الرئيس السوري, وتأمل في ألا يكون لرحيله تأثير سلبي في عملية السلام, والتي قام الرئيس الأسد بدور بارز فيها.