ولد حسني الزعيم في حلب عام 1889م، من عائلة كردية الأصل، وانتسب في مطلع شبابه إلى الكلية الحربية في استنانبول وتخرج منها. وفي عام 1921، وعلى أثر فرض الانتداب على سورية ولبنان، التحق بالقوات الخاصة التي قامت السلطات الفرنسية بتشكيلها كجزء من الجيش الفرنسي في بلاد المشرق، ثم أوفد بعد ذلك إلى فرنسا في دورة تدريبية، وعاد بعدها للخدمة في القوات الخاصة.
وأثناء الحرب العالمية الثانية، عندما قامت القوات البريطانية والفرنسية الحرة باحتلال سورية في حزيران 1941م، لوضع حد لنشاط البعثة العسكرية الألمانية فيها، انضم حسني الزعيم إلى القوات الفرنسية التابعة لحكومة فيشي التي عهدت إليه كضابط في القوات الخاصة بمهمة تنظيم عمليات المقاومة الشعبية لقوات الحلفاء، ووضعت تحت تصرفه مبلغ (300000) ليرة سورية لتنفيذ هذه المهمة. ولكن حسني الزعيم رأي أن خطة حكومة فيشي يائسة ومحكوم عليها بالفشل، فآثر أن يستولي على هذا المبلغ لنفسه. ولما علمت القوات الفرنسية الحرة بهذا الأمر في عام 1942، قررت إحالة حسني الزعيم إلى القضاء العسكري الذي أجرى محاكته، وقضى بمعاقبته على هذا الجرم الشائن بعقوبة السجن مع الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.
ومن المفارقات أن حسني الزعيم ظل سجيناً إلى أن أصدر شكري القوتلي، بعد انتخابه رئيساً للجمهورية السورية، أمراً بالعفو عنه في عام 1944، فأطلق سراحه وأعيد إلى الخدمة في الجيش السوري الناشئ الذي تم ضم القوات الخاصة إليه، بعد تسليمها من قبل السلطات الفرنسية الحرة إلى الحكومة السورية.
وفي عام 1948، استدعى الزعيم حسني الزعيم الذي كان يتولى قيادة اللواء الثالث، إلى دمشق ليتولى رئاسة الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة بالوكالة خلفاً للزعيم عبد الله عطفه الذي أحيل إلى التقاعد.
كان الزعيم حسني الزعيم ضخم الجثة، حسن الهندام، سليط السلطان، وكان يضع على إحدى عينيه مونوكلاً وذلك تمشياً مع تقاليد الجيش البروسي، كما كان معروفاً في أوساط الجيش بشجاعته الفائقة، وميله إلى البذخ وولعه بالمظاهر.
وبعد نجاح إنقلابه العسكري واستلامه مقاليد الحكم في سورية، زاد الزعيم حسني الزعيم غلواً وصلفاً،وأصيب بجنون العظمة، حتى راح يقارن نفسه بالجنرال نابليون بونابرت الفرنسي وكمال أتاتورك التركي، وأضحى يعتقد بأنه سيكون القائد المنقذ لسورية من الميوعة والفساد.
ولكن سرعان ما تبين للناس عامة، ولمساعديه المقربين خاصة، بُعد الفارق بينه وبين من كان يقارن نفسه بهما. وبعد انتخابه رئيساً للجمهورية السورية قام بترفيع نفسه مباشرة إلى رتبة مشير، وهي الرتبة العسكرية العليا في الجيش، وأوصى في فرنسا على صنع عصا ثمينة للمشيرية بلغ ثمنها وقتذاك خمسة آلاف دولار أميركي، وكان يختال بها كالطاووس أمام وزرائه ومستشاريه وضباط الجيش.
وقد روى أنه وقف مرة إلى جانب زوجته أمام المرآة فصاح بأعلى صوته: “أنا الملك .. وسأجعلك ملكة”. كما أمر بإنشاء قصر جديد لرئاسة الجمهورية وذلك بعيد توليه هذا المنصب[1].
[1] الكيالي (نزار)، دراسة في تاريخ سورية السياسي المعاصر 1920- 1950، دار طلاس، دمشق، الطبعة الأولى 1997، صـ 335