هو ثمرة جمعية مشاريع الكلمة في حلب ، التي تأسست عام 1924م.
وقد وضع حجر الأساس للمشفى عام 1944 ، ودشن عام 1951م، وفتح أبوابه عام 1953 ، وأستكمل البناء عام 1983 ، ويتألف المشفى من ستة طوابق مجهزة بأحدث المصاعد ، وهو مشيد على أرض تقدر مساحتها ب 5500 م٢ ، تضم مبنى المشفى ودارا” لرعاية المسنين ، وحدائق غناء ومرافق أخرى ، ويقع في حي السبيل أرقى أحياء حلب .
يضم المشفى عيادات للأطباء لإستقبال مرضاهم ، وغرف للعمليات ، وغرف للمرضى بعدد 110 سريرا” ، بالإضافة لوحدة العناية المشددة ، كما أحدث مركز لعلاج العيون وفق أحدث التقنيات العالمية ، كما يوجد به مختبر للتحاليل وصيدلية ، وكافيتريا لخدمة مرافقي المرضى والزوار .
تسهر على إدارة المستشفى راهبات القديسة تيريزيا الطفل اليسوع من لبنان ، إلى جانب هيئة طبية إستشارية ، ونخبة من الأطباء الإستشاريين والمتخصصين والتقنيين والممرضين ، تعاونهم مجموعات طبية وتمريضية وفندقية ، يتم تدريبها باستمرار في أرجاء المستشفى .
شعار مستشفى الكلمة هي حكمة لباستور :
《 هل أنت عليل ؟ هل أنت بائس ؟ ليس لي أن أسأل عن عقيدتك ولا عن جنسيتك ولا عن مذهبك .. أنت تتالم .. وهذا يكفي .. تعالَ لأضمك إلى صدري .. تعالَ لأسعى أن أشفيك بكل ما أوتيت من علم .. وحب .. 》.
افتتاح مشفى الكلمة في السبيل
في كتابه بعنوان “ثلاثون سنة في خدمة الإنسان” يذكر المحامي فتح الله صقال (1970 – 1893) في فصل بعنوان “من ذكريات سنة 1951” مايلي :
كان يوم الأحد الموافق 17 حزيران 1951، يوماً مشهوداً في تاريخ الخير والرحمة في حلب....
في ذلك اليوم الأغرّ، كان قد تمّ بناء صرح خيري جميل، هو مستشفى الكلمة، الرابض بطبقاته الخمس، على هضبة السبيل.
وفي الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر اليوم المذكور، بدأ محسنونا ونصراؤنا يتوافدون إلى مرتفع السبيل، زرافات ووحدانا، ليشتركوا في حفلة تدشين مستشفى الكلمة.
وكان عدد الوافدين كبيراً جداً، وفي مقدمتهم عطوفة فؤاد الحلبي، محافظ حلب المحبوب، بالنيابة عن صاحب الفخامة هاشم بك الأتاسي، رئيس الجمهورية السورية، الذي تكرّم فوضع الحفلة تحت رعايته السامية.
وكان في مقدمة المدعوين أيضاً، دولة رشدي الكيخيا، الرئيس السابق للمجلس النيابي، ودولة ناظم القدسي، رئيس الوزارة السورية السابق، ومعالي الدكتور عبد الرحمن الكيالي، ومعالي رشاد برمدا، وكل من السادة : ناظم قطراغاسي، النائب العام، وعمر خان تمر، قائد المنطقة الشمالية، وبكري قوطرش، مدير الشرطة والأمن العام، وأصحاب السيادة المطارنة الأجلاء، ولفيف إكليروسهم المحترم، وعدد كبير من الراهبات والرهبان، وجمهرة من كبار رجال السياسة ةالإدارة ةالقضاء، وضباط الجيش ونواب الأمة، وقناصل الدول العربية والأجنبية، وحشد من وجوه القوم وحملة الأقلام، وفُضليات السيدات والأوانس، ورؤساء المصارف والمؤسسسات الثقافية والمالية والصناعية الكبرى في الشهباء.
وكان بناء المستشفى يرفل في حلة زاهية من الزينة، وكانت الرايات والأعلام السورية ترفرف فوق الأبواب والنوافذ، وتخفق في السماء الرحبة الصافية.
وقد تلطفت إدارة المحطة اللاسلكية السورية، فنصبت الآلات اللازمة لإذاعة الحفلة على أمواج الأثير، كما نُصِبت آلتان لاقطتان لتسجيل أقوال الخطباء والشعراء على شريط خاص، وآلة أخرى لتكبير الصوت وإذاعة البرنامج على ذلك الحشد العظيم، المجتمع في باحة المستشفى الرحبة الفسيحة.
وفي تمام الساعة الخامسة والنصف، وقف جميع الحاضرين بستمعون إلى النشيد السوري، الذي راحت ترسله بصوتها العذب، السيدة هيلين شدرفيان، ترافقها في ترديد اللازمة فئة من الآنسات، ويصحبها على البيانو الموسيقار الحلبي النابغ الأستاذ أنطوان زابيطا، وعدد من رفاقه الموسيقيين.
ولما انتهى النشيد السوري، وقف واضع هذه الذكريات وارتجل كلمة الافتتاح، باسم الله والوطن.
وبعد أن انتهينا من إلقاء كلمتنا، المنبعثة من أعماق قلبنا، تقدم الأستاذ عبد الله يوركي حلاق عريف الحفلة، من منصة الخطابة، وتلا برقيات ورسائل وردت على جمعية الكلمة، من ديوان فخامة الرئيس الأول، ومن دولة فارس الخوري، ومن معالي وزبر الداخلية السورية، ومن معالي ادمون الحمصي، وزير سوريا المفوض في إنكلترا، ومن عطوفة سعيد حيدر، نائب رئيس المجلس النيابي السوري.
ثم أعلن العريف، أن أسرة الطيب الذكر والخالد الأثر، المغفور له ألبير الحمصي، قد تبرعت لمستشفى الكلمة بأربعين ألف ليرة سورية، وأن اسرة العلامة الكبير المغفور له قسطاكي الحمصي، قد تبرعت بأربعة آلاف ليرة سورية، وأن الشاب المحسان المحبوب السيد جورج رزق الله طحان، نجل محسننا الخالد المغفور له رزق الله جورج طحان، قد تبرع بخمسة آلاف دولار، فصفق الجميع لهذه المفاجأة السارة، وشكروا للمحسنين أريحيتهم الإنسانية.
ثم وقف الأستاذ يوسف اليان، نائب حلب السابق، وألقى خطاب الأب بولس قوشاقجي نزيل بترسن. وبعد ذلك تقدمت الأديبة الراقية الآنسة ماري عزيز صبري، فألقت بصوتها الجذاب خطاباً رائعاً.
وألقى الأستاذ عبد الله يوركي حلاق، قصيدة عامرة الأبيات. ثم أسمعتنا السيدة هيلين شدرفيان نشيد الكلمة، ألّفه الشاعر المطبوع جورج ميخائيل صقال المقيم في نيويورك، ولحّنه فقيد الفن المرحوم كميل شمبير.
وعلى اثر ذلك، ألقى السيد سليم أيوب، الرئيس الفخري للجنة الكلمة في بروكلين، خطاباً ممتعاً، وعقبه محسننا الكبير المحبوب جورج رزق الله طحان، رئيس لجنتنا في أميركا الجنوبية، ففاه بخطاب عاطفي بديع.
وألقى المحامي نزار الكيالي، قنصل سوريا السابق في نيويورك، خطاباً تحدث فيه عن الجالية السورية في العالم الجديد. ثم تبعه السيد رزق الله كيلون، نائب رئيس لجنتنا في بروكلين، فأشاد بذكر الوطن الأم.
أما خطاب جمعية الكلمة في حلب، فقد ألقاه الأديب الكبير يوسف شلحت، فكان مجيداً وموفقاً كل التوفيق. وتلطف عطوفة فؤاد الحلبي، محافظ حلب، فألقى كلمة لطيفة بليغة، أعلن فيها أن حكومتنا السَنية ، قد منحت كلاً من السادة : جورج جبيلي، وجورج صائغ، وجورج رزق الله طحان، وسليم أيوب، ورزق الله كيلون وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى، فدوّت الأكف بالتصفيق الحاد. وعندئذ تقدم السادة المشار أليهم من عطوفته، فعلق على صدورهم الوسام المذكور. أما السيد جورج جبيلي، فقد سلم وسامه إلى كريمته.
وعلى أثر ذلك، أمسك عطوفة المحافظ مقصاً من الفضة الخالصة، وقطع به السفيفة (الريبانة) المربوطة على المدخل، وفتح الباب، باسم الله الكريم العظيم، ودخله، فتبعه كبار المدعوين، ثم تدفق جمهور الحاضرين، فطافوا بأروقة ذلك البناء الفسيح، وتنقلوا بين قاعاته وغرفه، وشاهدوا ما هو عليه من دقة الهندسة وجمال المظهر، وروعة التجهيزات الصحية الحديثة.
وحوالي الساعةالثامنة من مساء ذلك اليوم، وكان البدر يتلألأ في قبة السماء الصافية، ومئات المصابيح الكهربائية تشع في باحة المستشفى، عاد القوم إلى بيوتهم، وهم معجبون كل الإعجاب، بمؤسستنا الخيرية الجديدة.
وقد أصدرنا في تلك المناسبة، عدداً ممتازاً من مجلة الكلمة ، أهديناه إلى صاحب الفخامة هاشم الأتاسي رئيس الجمهورية السورية العزيزة.
مشفى الكلمة الخيري – حي السبيل – حلب، الصورة من أرشيف دار الوثائق التاريخية.
المراجع والهوامش:
(1). عبد الرحمن الجاسر - التاريخ السوري المعاصر
سلطان الأطرش وإعلان الثورة 1925
دمشق- ساحة محطة الحجاز عام 1955