محمد صالح بن عبد الله بن محمد صالح الفرفوري الدمشقي الحنفي، من ذرية بني فرفور – بضم الفاءين – الذين كثر فيهم العلماء والأدباء والقضاة في القرن الثامن فما بعده.
ولد بمحلة العمارة الجوانية بدمشق سنة ( 1318) هـ – (1901)م
تعلم في المدرسة الكاملية، ولما تخرج منها أخذ عليه العهد أن يطلب العلم ليحيي مجد آبائه وأجداده، فعاهده على ذلك، ولازم كبار علماء دمشق.
قرأ على علماء دمشق، في مقدمتهم العلامة المحدث الأكبر الشيخ محمد بدر الدين الحسني، فقد لازمه ملازمة تامة سنوات، قرأ عليه خلالها علوم الحديث والتفسير والفقه والأصول، والعقيدة وعلوم العربية وعلوم الفلسفة، وعلوم الفلك والميقات والرياضيات، وغيرها من العلوم الشرعية والعربية والعصرية، وانتفع به كثيراً، وقيد عنه كثيراً من الفوائد والإملاءات.
وقرأ على الشيخ صالح بن أسعد الحمصي، وتخرج به في علوم الفقه الحنفي وأصوله والتصوف، وانتفع به وبعلومه وزهده، وكان له أكبر الأثر في حياته.
وحضر أيضاً في الفقه الحنفي على مفتي الشام الشيخ محمد عطاء الله الكسم.
وقرأ علوم الفلك والميقات على مفتي الشراكسة في مرج السلطان – شرقي دمشق – الشيخ محمد الساعاتي، وبه تخرج في هذه العلوم.
قرأ القرآن الكريم على الشيخ محمد سليم الحلواني. كما حضر دروساً مختلفة عند عدد من علماء الشام، اجتهد في تحصيل العلوم مطالعة وبحثاً وتحقيقاً، واعتزل الناس من أجل ذلك اقتداءً بعزلة شيخه البدر، فقرأ خلال عزلته الكثير من الكتب العلمية والأدبية، وحفظ من أشعار العرب الشيء الكثير.
وبعد أن أتم تحصيله على الشيوخ التفت إلى التعليم والإرشاد، فدرس أولاً في الكلية الشرعية في بيروت سنوات، ثم تركها وأسس في دمشق نهضة علمية، بدأت في المساجد لا سيما المسجد الأموي ومسجد فتحي في القيمرية، واستمرت هذه النهضة سنوات، نبغ خلالها عددٌ جـمٌّ من طلبة العلم، استطاع أن يعتمد عليهم في التأسيس لنهضة علمية كبيرة.
وفي عام 1956 م أسس جمعية الفتح الإسلامي مع نخبة من كبار تلاميذه ، وثلة من صلحاء التجار، ثم أسس معهد الفتح الإسلامي ليضم طلبة العلم فيعلمهم فيه أصناف العلوم، ويفقههم في دينهم ويربيهم على الصلاح والتقوى، وينفق عليهم من أموال الجمعية ليتفرغوا عن مشاغل الدنيا، ويصرفوا سائر أوقاتهم إلى تحصيل العلوم.
أسس في عام 1957 معهداً خاصاً بالإناث، ليعلمهن العلوم الشرعية، وهي أول نهضة من نوعها تقام في دمشق آنئذ.
ولا زال هذا المعهد المبارك بفرعيه قائماً مستمراً بفضل الله، يخرج المئات من طلبة العلم والدعاة والداعيات.
من أشهر تلاميذه الذين لازموه السادة الأعلام:
الشيخ عبد الرزاق الحلبي، والشيخ رمزي البزم ـ ت (1411)هـ ، والشيخ محمد ديب الكلاس، والشيخ إبراهيم اليعقوبي ت (1406)هـ ، والشيخ صبحي القيسي البغجاتي ت (1413)هـ، والشيخ شعيب الأرناؤوط، والشيخ عبد القادر الأرناؤوط ت (1426)هـ، والشيخ سهيل الزبيبي، والشيخ أحمد رمضان، والشيخ نور الدين خزنه كاتبي، والشيخ موفق النشوقاتي ت(1421)هـ، والشيخ أحمد نوناني القتابي، والشيخ صبحي النمر، والشيخ عبد الفتاح البزم .
ومن تلامذته أبناؤه الأكارم، لا سيما الدكتور محمد عبد اللطيف، والدكتور حسام الدين، والدكتور ولي الدين، والسيدة فاطمة، والسيدة لطفية، وسائر أبنائه وبناته.
تولى رحمه الله عدداً من الوظائف الدينية، أبرزها:
1ـ عمل بالتدريس الديني في وزارة الأوقاف بمديرية الفتوى العامة منذ (1944)، وكان تدريسه مقررًا في الجامع الأموي تحت قبة النسر حتى وفاته، وعمل بالتدريس في الكلية الشرعية في بيروت، ومن بعد في دمشق، غير أنه استقال منها (1966).
2ـ وظيفة الإمامة في مسجد سنان آغا في المناخلية.
3ـ وظيفة الخطابة في المسجد المذكور، ثم انتقل منه إلى مسجد السادات أقصاب.
لم يلتفت الشيخ رحمه اله إلى التأليف إلا متأخراً، لانشغاله بتربية الطلاب وتأسيس النهضة. وله تصانيف مطبوعة ،وتآليف مخطوطة،ومجموعهما( 12)، وقد كتب رحمه الله مقالات في عدد من المجلات من أبرزها: مجلة التمدن الإسلامي بدمشق.
عني الشيخ رحمه الله بقرض الشعر مبكراً منذ الخامسة عشر من عمره، لكنه كان آنذاك مبتدئاً في هذا الباب، فلما نمت مواهبه وصقل شعره أتلف الكثير من نظمه القديم.
مـن أشهـر قصائده: قصيدة في مدح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مطلعها :
أحياناً حبك يا مختار أحيانا …. وأصبح القلب من ذكراك نشوانا
في نيف وأربعين بيتاً .
توفي في التاسع من أيلول سنة (1986)م، وصلي عليه في المسجد الأموي، ودفن في مدفن مسجد الشيخ أرسلان الدمشقي(1) .
(1) م. حسام دمشقي – التاريخ السوري المعاصر
موقع “معهد الفتح الاسلامي” و”معجم البابطين”