You dont have javascript enabled! Please enable it!
سلايدمقالات

د. عزة علي آقبيق : صالح عبد الرحمن الحيلاني

1882 - 1991

 

د. عزة علي آقبيق – التاريخ السوري المعاصر

تعثر إنشاء المطابع في ولاية سورية، بسبب الرقابة الصارمة والقيود المفروضة، على المطابع والكتب معاً؛ وهذا ما يفسر قلة عدد المطابع فيها، حيث نرى أن ثلاثاً أسست قبل تولية السلطان عبد الحميد في 1876، وخمساً أقيمت في عهده، توقف معظمها عن العمل، ليصل العدد إلى تسعاً بعد صدور دستور 1908 وتسلُّم جمعية الاتحاد والترقي التي راحت تروّج للطباعة، بهدف إقناع الواعين بموقفها المعارض لسياسة الحكم السابق، وعلى العموم، بقيت الكتب وبخاصة النافعة منها قليلة، وذلك لتفضيل أصحاب المطابع أرباحهم الشخصية على نوعية الكتاب وقيمته الأدبية أو التراثية.

 وفي ذلك يقول محمد كرد علي: (ولولا الكتب المطبوعة في الخارج لما وجدنا بين أيدينا شيئاً من تركة السلف الصالح بالرغم من وجود ألوف المخطوطات والكتب القديمة التي لا تزال محفوظة). من أهم المطابع في دمشق، مطبعة (الترقي) لصاحبها محمد كرد علي في حي القيمرية، حيث أصدر منها صحيفة المقتبس عام 17 كانون الأول 1908، ومطبعة صالح الحيلاني (الاتحاد والترقي)، في منطقة سيدي عامود، الحريقة حالياً.

وهنا لابد لنا من وقفة؛ فالكل يعرف العلامة محمد كرد علي، إلا أن قلة يتذكرون، ذلك الدمشقي العتيق، المفعم بحب الوطن المفاخر بعروبته، المحب لمدينته دمشق، قلة مازالوا يتذكرون ذلك الشاب اليافع الكهل، صالح عبد الرحمن الحيلاني، مواليد حي القيمرية، حارة تلة سوق القاضي 1882، نديم من ندماء دمشق، ترعرع في كنف أسرة دمشقية متواضعة، تأدب بأدب الرعيل الأول، تميز بحبه للعلم والثقافة، شغف بالإطلاع على كل ماهو جديد، شهم وطني ثائر، رفض خلال فترة الانتداب الفرنسي أن يطبع كتاباً واحداً باللغة الفرنسية، وأصر على عدم امتلاك الحروف اللاتينية، تبرع بجزء كبير من إيرادات مطبعته لدعم الحركة الوطنية، ومساندة الثوار في غوطة دمشق، حكمت عليه السلطات بالإعدام أكثر من مرة، لاستمراره في طباعة المنشورات المناهضة للاستعمار، امتلك المترجم له صفات إنسانية قل نظيرها، بما كان له من باع كبير في مؤازرة مواطنيه؛ فكان أباً عطوفاً ومواطناً كريماً، أسهم في النهوض بمجتمعه المدني من خلال ترأسه للجمعية الخيرية بدمشق، امتلك مطبعة (الاتحاد والترقي) خامس مطبعة بعد مطبعة الولاية، ليفاجأ بإحراقها من قبل مستعمر غاشم، بسبب طباعته لمنشورات تحرض جيل فترة الثلاثينيات على النضال في سبيل الحرية؛ لكن ذلك لم يزده إلا إصراراً، فعاد بتشجيع من أخيه ورفاق دربه، منهم سعيد السادات، عبد الحفيظ العلبي، عبد الرحمن الإمام، الدكتور فؤاد العتقي، رضا القضماني، نوري العاقل، عبد البديع هيكل؛ نصر الدين البحرة؛ ليشتري مطبعة (الترقي) من صاحبها محمد كرد علي، ليباشر العمل بهمة أعلى، ناشراً مئات الكتب، ليوقظ مجتمع أعيته الظلمة، وعليه يكون الحيلاني، من أوائل القائمين على تحسين صناعة الكتاب، بل يمكن القول، بأن مطبعة الترقي، غدت مدرسة لحرفي صناعة الطباعة، تخرج منها حرفيين كثر أتقنوا مهنتهم بفضل إدارة ثابتة، أساسها الحب والتعاون المشترك، حيث تقاضى العاملون أجورهم بنظام المحاصصة، استطاعوا بعدها الخروج إلى الحياة العملية، وتأسيس العديد من المطابع، بمنهجية سليمة؛ منهم، الأديب وجيه بيضون الذي بدأ بتعلم الحرفة عام 1915 بدءاً من صف الأحرف ليستمر في العمل مدة اثنتي عشرة سنة اكتسب خلالها خبرة واسعة وأتقن مهنة فن الطباعة، مما ساعده على تنمية ميوله الأدبية من خلال قراءة المؤلفات الأدبية أثناء إعدادها للطبع؛ فانكب على المطالعة بشغف؛ وتعلق بالأدب والصحافة بعد قراءته لعشرات الكتب؛ فكتب المقالات ونشرها في جريدة المقتبس وألف باء اللتين كان ينضد موادهما في المطبعة؛ ليبدأ كتاباته الأدبية، ولينشئ مطبعته الخاصة (مطبعة ابنزيدون)، وليكون فيما بعد كاتباً أديباً نقيباً لأصحاب المطابع بدمشق لسنوات عدة. ‏ انفردت مطبعة الترقي بتنوع مواضيع مطبوعاتها، ابتداءً من الكتب المدرسية؛ وانتهاءً بالمادة الأدبية والعلمية، ولا غرابة في ذلك، فقد استمر الحيلاني وحتى أيامه الأخيرة مولعاً بحرفته هاوياً لها. من أهم إصدارات المطبعة، صحيفة المقتبس، مجلة المجمع العلمي العربي، صحيفة التمدن الإسلامي، صحيفة ألف باء بالإضافة إلى كتب أدبية وتاريخية. ‏  

وبزيارة خاصة لكريمته السيدة رضوان صالح الحيلاني أفادت بالقول واليوم نحن نحيي ذكرى والدي صالح عبد الرحمن الحيلاني، لنذكر بمدرسته مطبعة الترقي، وبدوره في تطور الحركية الإعلامية في سورية، لكونه أحد أعمدتها، توفي الحيلاني عن عمر يناهز المئة عام، قضى جلها داعياً للتحرر؛ وتطور الحياة الفكرية والثقافية في وطنه، وبالرغم من توقف مطبعته عن العمل؛ إلا أن مطابع بلاد الشام ستظل شاهد عيان على مراحل النهوض العربي من عصور التخلف؛ إلى نور المعرفة والحرية والوعي، من خلال الكتاب المطبوع.
 وعليه يكون الأستاذ صالح الحيلاني قد أسهم في تطوير الحركة الفكرية، بما وفره منكتب التراث، والأدب، والتاريخ والحضارة، والعلوم، حيث تمكن من خلال إصداراته منإثارة دعوات إصلاحية، واتجاهات فكرية، خلقت نهضة شاملة، في مطبعته لكونها ملتقى للمثقفين العرب، منهم، محمد كرد علي، شكري العسلي، وعبد الرحمن الشهبندر، ورفيق العظم، ومحب الدين الخطيب، صالح عبد الرحمن الحيلاني، وغيرهم… ممن كان لهم تاريخ فاعل في تاريخ سورية المعاصر. 



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى