You dont have javascript enabled! Please enable it!
قراءة في كتاب

محمد معروف شاهداً على زمن الانقلابات

 

مفيد نجم – صحيفة الاتحاد عدد 8 كانون الأول 2011

تميزت مرحلة ما بعد الاستقلال في سوريا بكثرة الانقلابات العسكرية التي افتتحها حسني الزعيم عام 1949 واختتمها حافظ الأسد عام 1970. وقد كتب الكثير عن تلك المرحلة، وقدِّمت شهادات عديدة من قبل رجال تلك المرحلة انطوت على شهادات وروايات متعددة عن وقائعها وشخصياتها التي لعبت دورا أساسيا في صنع أحداثها وتحديد اتجاهاتها لاسيما منها الشخصيات العسكرية وقادة الأحزاب والكتل الوطنية.

وفي هذا السياق يأتي كتاب “أيام عشتها 1949 ـ 1969/ الانقلابات العسكرية وأسرارها في سورية” لمحمد معروف أحد الرجالات العسكرية التي شاركت وخططت لأكثر من انقلاب ليقدم شهادته على مرحلة امتدت من انقلاب الزعيم عام 1949 وحتى عام 1969، ولا أدري لماذا توقف عن هذا التاريخ الذي أعقبه بعام واحد انقلاب حافظ الأسد على رفاقه وشركائه في انقلاب 1966 والذي شكل بداية النهاية لتلك الحقبة الطويلة من الانقلابات المتتالية. ولعل الصورة الإيجابية التي يقدّمها عن الأسد تفسر سبب هذا التوقف في حين يقدّم صورة أقرب إلى السلبية عن صلاح جديد دون أن يخوض في الحديث عن انقلاب 1966 الذي فتح الباب أمام القيادة العسكرية لاحتكار السلطة والجيش والحزب في سوريا مما أدى إلى حدوث انقسامات حادة في صفوف البعث استمرت حتى بعد الانقلاب الأخير فكان انقلاب الرئيس الأسد 1970 تتويجا لها.

توطئة وتوضيح

في مستهل كتابه يحاول الكاتب توضيح بعض النقاط وتسجيل بعض الملاحظات المتعلقة بالمعلومات التي يقدمها في هذا الكتاب عن تلك المرحلة الزاخرة بالاضطراب السياسي الذي عاشته سوريا بما فيها مصدر المعلومات وكيفية تقديمها للقارئ، فهو يعتمد على الذاكرة وعلى ما سبق ما دونه في دفاتره معتمدا في ذلك على ما قرأه أو سمعه دون أن يكون في نيته القيام بعلمية توثيق لتلك الوقائع والأحداث التي شارك فيها أو عاشها عن قرب، إذ تأتي هذه الشهادة نابعة من شعوره بغنى تلك المرحلة التي يسرد تفاصيلها من خلال موقعه فيها كمشارك وعلمه بما كان يجري من انقلابات وتحولات وتحالفات سرعان ما كانت تختفي لتظهر مكانها تحالفات جديدة تقود البلاد إلى انقلاب جديد على رفاق الأمس، ما جعل الأحداث تتداخل وتتميز باستمراريتها، لكنه رغم ذلك يشير إلى أن ما يكتبه ليس مذكرات بل هي ذكريات يقدِّمها بعين الشاهد ويدّونها في إطار سياقها التاريخي. يفتتح الكتاب بالحديث عن نشأته الأولى وصولا إلى التحاقه بالكلية الحربية والمناطق التي خدم فيها أثناء الانتداب الفرنسي على سوريا، ومن ثم التحاقه بالجيش الوطني. كما يقدِّم تعريفا بعدد من الشخصيات السورية الفاعلة التي كانت تمثل رموزا شعبية في مناطقها، وتلعب دورا هاما في مناطقها، ومن أهمها شخصية سليمان المرشد التي قيل عنها الكثير إذ يحاول الكشف عن ملابسات حركته وعلاقته بالفرنسيين واعتقاله والحكم عليه بالإعدام.

المشهد العسكري

يكشف الكاتب أن موقعه كضابط فيما كان يعرف بالشعبة الثانية (المخابرات العسكرية) قد سمح له بالاطلاع على كل ما كان يجري من فتن، وما يدبر من مؤامرات لاسيما الفتنة بين آل الأطرش وآل العسلي من جهة والحركة الشعبية من جهة ثانية في جبل الدروز، ثم يتحدث عن حرب فلسطين التي شارك فيها وكان شاهدا عليها بدءا من تمسك الملك عبدالله في الأردن بأن يكون قائدا للجيش العربي، ومرورا بالمعارك التي كانت تجري على مختلف الجبهات والدور الذي لعبته بريطانيا وأمريكا في إنقاذ العصابات الصهيونية من الهزيمة، إلى جانب ندرة السلاح التي خلقت واقعا من عدم التوازن في القوى العسكرية على الأرض.

إن أول ما يكشف عنه في تاريخ الانقلابات في سوريا هو العلاقة المضطربة بين الطبقة السياسية والبرلمانية والمؤسسة العسكرية إذ يتهم بعض رموز القيادات الأولى بالتعالي والإساءة إلى القيادة العسكرية ما جعلها تتدخل عبر الانقلابات لإعادة الاعتبار لتلك القيادة كما حدث في انقلاب حسني الزعيم مثلا. ولئن كان فهم تلك المرحلة يستدعي رسم صورة وافية للمشهد السياسي في سوريا فإنه يحاول تسليط الأضواء على واقع الأحزاب الرئيسية قبل الاستقلال وبعده كالكتلة الوطنية وحزب الشعب المنشق عن الكتلة وحزب البعث والحزب السوري القومي في حين يغفل الحديث عن الحزب الشيوعي وحركة الأخوان المسلمين. وربما كان من أسباب هذا التجاهل غياب دورهم عن حركة الانقلابات التي كانت تتم آنذاك.

يركز الكاتب في هذا السياق على الدور الخطير والأساسي الذي لعبه أكرم الحوراني في صنع تلك الانقلابات الذي كما يصفه سرعان ما كان يتحول إلى معارض للانقلاب بعد أن كان يقف وراءه، الأمر الذي يجعله يقدّم صورة سلبية لشخصيته الغريبة سواء من خلال ما يسوقه من وقائع أو يقدّمه من أراء لشخصيات سياسية معاصرة له. كذلك يقدّم شخصية حسني الزعيم بوصفها شخصية شاذة وتسلطية ليس لها أي عقيدة سياسية.

انقلابات.. انقلابات

دشن حسني الزعيم مرحلة الانقلابات في سوريا بانقلابه على شكري القوتلي عام 1949 لكن ممارساته الفردية وشخصيته دفعت شركاءه إلى الإعداد لانقلاب جديد كان المؤلف واحدا من المشاركين والمخططين له، إلا أن الجانب الأخطر في هذا الانقلاب هو اللجوء إلى التصفية الجسدية لحسني الزعيم ورئيس وزرائه من قبل أحد ضباط الانقلاب بأمر خاص منه. ويضيء على شخصيات عديدة لعبت دورا مهما في تاريخ سوريا الحديث كأكرم الحوراني وأديب الشيشكلي وغسان جديد وعدنان المالكي وعبد الحميد السراج الذي يبدي استغرابه حيال إعطاء الزعيم عبد الناصر له مكانة خاصة في عهد الوحدة السورية ـ المصرية جعلت منه حاكما خاصا على سوريا على الرغم من الدور الذي لعبه في الانقلابات السابقة.

ومن المواضيع الهامة التي يسهب في الحديث عنها موضوع الاتحاد السوري مع العراق كما تجلى في المواقف المختلفة للقوى السياسية والاقتصادية السورية، إضافة إلى التصورات التي قدّمت لشكل هذا الاتحاد، كما شرح الأسباب التي كانت تكمن وراء انقلاب أديب الشيشكلي على سامي الحناوي الذي حاول إعادة الحياة النيابية والديمقراطية إلى سابق عهدها قبل انقلاب حسني الزعيم، وفي مقدمتها محاولة الدول الغربية إفشال أي مشروع للوحدة أو التقارب مع مصر أو العراق. وبعد أن يوضح مواقف نوري السعيد المناهض للتقارب العراقي مع سوريا بسبب إدراكه لرفض الغرب وأمريكا لأي مشروع من هذا النوع يتحدث عن الانقلاب الرابع الذي أعلن عنه لأول مرة من مدينة حلب، ثم انضمت إليه مناطق مختلفة من سوريا ما دفع بالشيشكلي إلى إعلان الاستقالة حقنا للدماء بعد التظاهرات التي عمت دمشق والمعارك التي حدثت في مناطق جبل الدروز. ومن الوقائع الهامة التي يتناولها حادثة مقتل عدنان المالكي واتهام غسان جديد بالوقوف وراءها حيث ربطت الكاتب بالأخير علاقة قوية حتى مقتله.

إن ما يلفت النظر بغض النظر عن وجهة النظر الشخصية في الشخصيات والمواقف والأحداث التي يرويها المؤلف أن مرحلة الانقلابات التي يتناولها تتجاهل مرحلة الانقلابات الحاسمة في تاريخ سوريا بدءا من انقلاب اللجنة العسكرية للبعث بالتعاون مع الضباط الناصريين في 1963 ومن ثم انقلاب اللجنة على الناصريين وتصفيتهم، إلى جانب انقلاب 1966 وتفرد صلاح جديد وحافظ الأسد بالسلطة وبعده بأربع سنوات انقلاب الأخير على جديد ووضع نهاية لتاريخ الانقلابات في سوريا.



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

‫2 تعليقات

  1. بستعراض كتابه لم تذكر فقرة هامة . عن علاقته بمحمد مخلوف الذي كان يحضر العشاء السنوي للوبي الأرمني بالبيت الأبيض . فيها صورة معروف وزوجته يصافحوا الرئيس جيمي كارتر بالبيت الأبيض , حين كلفه مخلوف الحضور بلد عنه ذاك العشاء لمشاغله . ان دل فعن علاقة قديمة بين أرمن سوريا وحكم الطائفي وشراكة أغنى رجل بالعالم سركيس أصوله من كيليكيا وعائلة الأسد . سبب انحيازهم السافر لبشار قبل الثورة وخلالها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى