ولدت في حلب عام 1885
نشأت في بيت عرف بالعلم والأدب والكرم فأبوها “جميل المدرس” من وجهاء حلب المعروفين نهاية القرن التاسع عشر، يتصل نسبه بالحاج “عطاء الله أفندي” ابن الحاج “عبد الرحمن أفندي المدرس” من أوائل مدرسي حلب كما تشي كنيته وفقاً لكتاب “كنز الذهب في تاريخ حلب”، والدتها “شريفة الشعباني” تعود بنسبها العريق إلى كبرى عائلات حلب.
عاشت السيدة في بيت يجمع أطراف المجد فتعلمت القراءة والقرآن والشعر، وافتتحت أولى المدارس النسائية في حلب وهي مدرستها الشهيرة “الصنائع” في عام 1919 في بيتها في منطقة “الفرافرة” ، وقد تبرعت بكل ما تملك من المال في سبيل بناء هذه المدرسة وتجهيزها، وكان هدفها في البداية إيواء اليتيمات وتعليمهنَّ الحرف والخياطة والتطريز والطهو وجميع لوازم المنزل والمرأة، وقد قدمت لهن على نفقتها آلات الخياطة ليتعلمن العلوم، فضلاً عن بعض ألوان الفنون (الموسيقا، الخياطة، الرسم)، فكانت مدرستها هذه أول مدرسة نموذجية للإناث وكان عدد طلابها أكثر من مئة طالبة.
تحول بيتها إلى خلية نابضة بالحياة مقارعة للمستعمر الفرنسي، فمن بيتها بدأت التظاهرات النسائية ضد هذا المستعمر، فقد شاركت مع حـميدة بنت عبد الحميد الجابري، مندوبة النساء الحلبيات لمقابلة لجنة «كرايين» بشأن مستقبل سورية عقب الحرب العالمية الأولى وقائدة وخطيبة المظاهرات النسائية ضد الاستعمار الفرنسي بحلب، كما يذكر كتاب “حلب في مئة عام 1850-1950” من تأليف الباحث المرحوم “محمد فؤاد عينتابي” والمهندسة “نجوى عثمان”.
عام 1929 انتقلت إلى دار صلاحية في منطقة «مستدام بك» وكان من أبرز المدرسات فيها: “عائشة غنام، مفيدة مرعشي، صبحية قناعة”، ومن المدرسين: “منيب النقشبندي، ومصطفى برمدا، ومحمد فائق المدرس” الذي انتقل إلى دمشق، وقد ضمت إلى المدرسة كل أبناء الشهداء الذين سقط آباؤهم في الدفاع عن الوطن، وفي كل عام كانت المدرسة تقيم تمثيلية يعود ريعها للأطفال الفقراء. كما أسهمت المدرسة في إحياء التراث الغنائي الحلبي الأصيل من موشحات ورقص السماح.
فائقة المدرس” كانت من أول المناضلات في ميدان تعليم المرأة في حلب الشهباء، و”الحاجة فائقة” كما يلقبها كبار الكبار من أعلام حلب تبوأت مكانة بارزة في ميدان التعليم والخدمة الاجتماعية والعمل الخيري حتى بلغت درجة التخصص في هذا الميدان، فكل اهتماماتها انصبت على تحقيق أهدافها الخيرية في هذه المدينة، وبالتالي فإن أعمالها جاءت متكاملة وذات فائدة كبيرة وامتدت إلى دمشق عن طريق “سامية علبي” التي كانت تعمل مديرة في مدرستها، حيث تعرفت المديرة “سامية علبي” على السيد “فائق المدرس” في دمشق، وكان يعمل في محكمة التمييز وهو ابن عم الحاجة “فائقة المدرس” وعاشت “سامية علبي” عشرسنوات عند القاضي “فائق” في دمشق، وافتحت مدرسة الشهداء في دمشق، ولقبت بـ”سامية المدرس”».
استمر عطاء “فائقة المدرس” طوال سنوات حياتها، وقد سكنت في آخر حياتها في حي الشيخ طه بحلب، وتوفيت في الساعة الثالثة صباحاً من يوم 17 تموز 1986، ودفنت في حلب، ولم يدر أحد بموتها، رغم أنها صاحبة أول مدرسة للبنات وصاحبة أول دار للأيتام في حلب(1).
(1) باسل عمر حريري – الموسوعة التاريخية لأعلام حلب