مذكرة أكراد سورية إلى حكومة الانتداب، تموز ـ حزيران 1932 :
نطالب بإدارة خاصة مناسبة لمنطقتنا
نشرت في مجلة “الحوار”، العدد 56 ، صيف 2007
تم التوقيع على العريضة المنشورة هنا (1) من قبل أكثر من مئة من رؤساء العشائر، من المحافظين والتجار الكرد، وكذلك من قبل الوجهاء المسيحيين في الجزيرة وذلك في حزيران 1932. كان النص الأصلي للعريضة والذي كتب بالعثمانية، موجهاً إلى المندوب السامي الفرنسي، حيث تم إرسالها إلى عصبة الأُمم، وسُلمت كذلك باليد من قبل كل من كاميران بدرخان و حاجو آغا شخصياً في بيروت.
يذكر الموظف الفرنسي Helleu الذي نقل العريضة إلى وزارة الخارجية في باريس في كتابه المُرفق معها بأن موصليها أُستقبلوا بحفاوة، لكن وفي الوقت نفسه تم نصحهم بالتصرف بإعتدال وحذر، حيث أن سلطة الإنتداب لن تستطيع التسامح مع أية قلاقل سياسية.
يشير الموظف الفرنسي في كتابه بأن استقلال الشعوب الأوروبية قد أثر على القادة الكرد، كما يعبرعن تصوراته الإيجابية بخصوص الخطط التي ترمي إلى رفع مستوى التعليم بين صفوف الشعب الكردي، لكن ذلك ممكنٌ فقط ـ يقول الموظف ـ إذا دعمت الحكومة الفرنسية تلك الخطط (2). وبالفعل فقد قدم الفرنسيون الدعم المالي لمجلة “هاوار” التي أصدرها جلادت بدرخان منذ عام 1932 تحت شرط عدم تطرق المجلة للقضايا السياسية (3).
تأتي أهمية العريضة كونها تعكس تحولا في الإتجاه السياسي للكثير من القوميين الكرد المُقيمين في سوريا. فهؤلاء الذين قاموا بالمشاركة في انتفاضة آغري، أي بنشاطات حصلت في تركيا، أصبح من الواضح لهم وبعد فشل الإنتفاضة، بأنهم لن يستطيعوا العودة إلى هناك في الوقت القريب، فقاموا بالتركيز على الوضع في سوريا، وطالبوا بإدارة ذاتية كردية للجزيرة تحت حماية فرنسية، متخذين من مناطق الإدارة الذاتية التي أسسها الفرنسيون منذ عام 1922 في جبل أنصاريا، ذو الغالبية العلوية، وجبل الدروز، منطقة سكن الدروز مثالاً لهم.
ما يشد الانتباه هنا هو العدد الكبير من الموقعين، الذي جاء قبل تفاقم العلاقات السياسية بين الحلف القومي (العربي) والحلف (الكردي ـ المسيحي) ذي الطبيعة المناطقية في عام 1936، حين أصبح استقلال سوريا أقرب للتحقيق إثر الإتفاق السوري ـ الفرنسي.
أصبح إثنان من الموقعين على العريضة وهما حاجو آغا زعيم عشائر الهفيركان ومحمود بي زعيم عشائر الملليين بالإشتراك مع محافظ القامشلي المسيحي ميشيل دومه، من الرؤوس القيادية لحركة الحكم الذاتي الكردي ـ المسيحي.
نص المذكرة
نحن الموقعين أدناه من رؤساء عشائر، تجار، مخاتير قرى وسكان الجزيرة، يشرفنا أن نلفت انتباهكم إلى القضايا التالية:
1ـ نحن سكان الجزيرة من مسلمين ومسيحيين، ننتمي إلى العرق الآري وإلى الأُمة الكردية، التي وبالنظر إلى تاريخها، أصلها، عاداتها وتقاليدها تشكل خصوصية كاملة وقائمة بحد ذاتها، وتشكل مقارنة بالسوريين في الداخل مجموعة متميزة.
2ـ لما كان سكان جبل الدروز والإسكندرونة وكذلك العلويين ينعمون بعطف حكومة الإنتداب، فإننا نسمح لأنفسنا أن نلتمس من فرنسا أم الحضارة والنور، أن تعترف لنا بإدارة خاصة مناسبة لمنطقتنا وذلك حتى تُضمن حقوق سكان الجزيرة البؤساء وتٌصان.
3ـ أُسست الجزيرة قبل حوالي ست سنين بفضل الجيش الفرنسي، الذي عمل على تحقيق الأمن، وقام تحت سلطة العلم الثلاثي الألوان بتأسيس حوالي مائتي قرية والعديد من المدن، وذلك بمساعدة المساعي الكبيرة للاجئين الذين لحقوا بأخوتهم في الدم الذين كانوا يسكنون المنطقة من قبل. لكن وللأسف قامت الحكومة المحلية آنذاك بإرسال موظفين حكوميين غير مؤهلين لا يجيدون لغتنا وليسوا جزءاً من هذا الشعب البائس. لن يستطيع السكان تحمل هذا الظلم أكثر من ذلك ولن يستطيعوا كذلك القيام بمساندة موظفين يريدون أن يحكموا بشكل مخالف للأنظمة والقوانين. لقد أصبح الكثير من أخواننا ضحايا أبرياء للجشع غير المشروع لهؤلاء الموظفين، بل وصل الأمر حد زجهم في السجون. إن الموظفين شوفينيون، ولا يقبلون أن يأتي لاجئون ينتمون إلى قومية أخرى ويسكنوا في سوريا، و هم في الغالب لا يخفون هدفهم بتنفيذ برنامج يضع نصب عينيه تصفية الأشخاص الذين لا ينحدرون من العنصر العربي في أول وقت ممكن.
كنتيجة للتصرفات اللاشرعية لهؤلاء الموظفين المحليين اضطرت مئات العائلات إلى ترك منازلها في قامشلي وعين ديوار في منطقة الجزيرة والتجأت إلى مناطق الحكومات المجاورة.
4ـ يأمل سكان الجزيرة بالعيش تحت حماية الشعب الفرنسي، أٌم الحضارة والتقدم والمدافعة عن الحقوق القومية. سيكون هؤلاء السكان ملتزمين ومدينين إلى الأبد لفرنسا التي تأمل منها الجزيرة التي تعيش حاليا وضعا بالغ السوء، انتعاشا اقتصاديا يجعلها تزدهر وتنمو.
لقد فتحت الجزيرة من قبل خيرة جنود الجيش الفرنسي والمئات من المقاتلين الكرد الذين ضحوا بدمائهم في سبيل ذلك وسيكون مصيرهذه المنطقة الخراب والدمار إذا بقيت في قبضة الحكومة المحلية الجائرة، لذلك فإن ازدهارها وسعادة السكان ستتحقق إذا حظيت بإدارة خاصة.
وهكذا ستقوم العشائر التي تستوطن المناطق المحاذية للخط الحديدي، بترك تركيا وستنضم إلى أبناء عشائرها الذين يتواجدون من قبل في الجزيرة، وسوف يجلبون الاعتراف لهذه المنطقة غير المأهولة.
نذكر مرة أخرى بأهمية مطالبنا ونأمل من حكومة الانتداب أن تجيز لنا إدارة تليق بعاداتنا الاجتماعية وشعبنا المضطهد.
الموقعون:
ملاحظة: أخذت الأسماء التالية من صورة عن النسحة العثمانية للمذكرة. لم يكن بالإمكان تدوين جميع الأسماء التي وقعت على المذكرة و ذلك بسبب صعوبة قراءة الخط في عدد من المواضع. إكتفينا بوضع (….) عوضا عن الأسماء التي لم يكن بالإمكان قراءتها بشكل واضح وكامل. كما أن العديد من الشخصيات ترد فقط بذكر منصبها الإداري أو الإجتماعي أو التجاري، دون ذكر كامل الإسم. وقع العديد من الشخصيات بإمضاء اليد، بينما إكتفى عدد آخر بوضع خاتمه. هذه القائمة لا تضم أسماء جميع الموقعين و الذين تجاوز عددهم المئة. (المترجم . ف. أ).
ـ الرئيس الروحاني على السريان الكاثوليك في الحسكة ، توقيع
ـ القس ….، الرئيس الروحاني على الكلدان في الحسكة، توقيع
ـ الرئيس الروحاني على السريان القديم في الحسكة، خاتم
ـ جميل بك زادة ، صاحب أراضي (ملاك) في الحسكة، توقيع
ـ عضو مجلس إدارة الحسكة، توقيع
ـ مصطفى بك زادة، رئيس المقيمين من عشيرة ميران في الحسكة، خاتم
ـ رئيس المقيمين من عشيرة هفيركان في الحسكة، التوقيع: حاجو
ـ …. إبراهيم باشا، رئيس عشائر الملية، خاتم
ـ إسكندر مرشو، تاجر من الحسكة، خاتم
ـ إلياس مرشو، تاجر من الحسكة، توقيع
ـ سعيد كروم، تاجر من الحسكة، توقيع
ـ ألياس أدمو، من تجار الحسكة، توقيع
ـ عبد الأحد قريو، من أشراف الحسكة، توقيع
ـ عبدالمسيح موسى آغا، من أشراف الحسكة، خاتم
ـ إسكندر عامون، مختار السريان في الحسكة، خاتم
ـ أندراوس ….، مختار الكاثوليك في الحسكة، خاتم
ـ عبدي خلو، رئيس عشيرة مرسينيا، توقيع
ـ عزو عثمان، مختار قرية كردو، من عشيرة مرسينيا، خاتم
ـ مختار قرية شدى، من عشيرة مرسينيا، خاتم
ـ يعقوب مكلمو، من تجار الحسكة، توقيع
ـ حنا آدمو، من تجار الجسكة، توقيع
ـ من أشراف الحسكة، توقيع
ـ ألكسان ….، تاجر، توقيع
ـ شيخ الطريقة في آشيتا، توقيع
ـ رئيس عشيرة عاليان، توقيع
ـ تاجر من رأس العين، توقيع
ـ تاجر من رأس العين ، توقيع
ـ جورج خباز، تاجر من رأس العين، توقيع
ـ تاجر من رأس العين، توقيع
ـ تاجر من رأس العين، توقيع
ـ إسماعيل حسين، مختار ديركا حمكو، خاتم
ـ مختار كرزين، خاتم
ـ مختار ….. ، خاتم
ـ مختار ريحانيك، خاتم
ـ عبدو، مختار كاسان
ـ صالح عبده، رئيس عشيرة آليان، خاتم
ـ مختار عين ديوار، خاتم
ـ إسماعيل، مختار سرمساخ
ـ عبدالله، مختار بانه قصر، توقيع
ـ رشيد، مختار باسوط،
ـ حسين ….، مختار قرية بوريز، خاتم
ـ مختار قصار رجب، خاتم
ـ إبراهيم، مختار كرزرك
ـ حسن، مختار كاني كرك
ـ إبراهيم، مختار روباري
ـ من أشراف عين ديوار، خاتم
ـ عبد الأحد، من أشراف عين ديوار، توقيع
ـ إبراهيم، مختار حماكا
ـ من أشراف عين ديوار، توقيع
ـ واهان ….، من أشراف عين ديوار، توقيع
ـ عبد الكريم، من أشراف غين ديوار، توقيع
ـ الخوري عبد الأحد، الرئيس الروحاني و الوكيل الناطوري في عين ديوار، توقيع
ـ مختار حلكو، خاتم
ـ من أشراف عين ديوار، توقيع
ـ من تجار عين ديوار
ـ أفرام طوراني، من تجار عين ديوار
ـ من تجار عين ديوار
ـ أنطون ….، من أشراف ديريك
ـ الرئيس الروحاني في رأس العين، خاتم
ـ سليم….، من تجار عامودا، توقيع
ـ جرجس ….، من تجار عامودا، توقيع
ـ الرئيس الروحاني على السريان القديم في عامودا
ـ القس يوسف رزقو، البطرك الوكيل للسريان الكاثوليك في عامودا
ـ المختار فرحان العيسى، خاتم
ـ …. خضر موسى، مختار قرمانية، خاتم
ـ درويش خضر موسى، رئيس عشيرة كيكان، خاتم
ـ عبد الأحد يعقوب، من تجار عامودا، توقيع
ـ …. كورو، من تجار عامودا، توقيع
ـ من أشراف السريان في عامودا، توقيع
ـ جورج سركيس، من أشراف عامودا، توقيع
ـ ملك إسحاق، من أشراف عامودا، توقيع
ـ إبراهيم آغا بن عثمان، رئيس عشيرة و من أشراف عامودا، توقيع
ـ يوسف ….، من أشراف عامودا، توقيع
ـ حجي محمود، من أشراف عامودا، توقيع
ـ حجي يوسف كرو، من أشراف عامودا
ـ حجي محمود درويش، من أشراف عامودا
ـ شيخ …. خلف، من أشراف عامودا
ـ حمد المخلف، من أشراف عامودا
ـ عيسى محمد، أحد روؤساء عشيرة الملية، توقيع
ـ شلال بن حجي سليمان، رئيس عشيرة دوركا
ـ رئيس عشيرة حجي سليمانا، خاتم
ـ خليل آغا بن حجي إبراهيم، رئيس عشيرة محلمية، خاتم
ـ محمد آغا بن أحمد، رئيس عشيرة كاسكان، خاتم
ـ رئيس عشيرة دقورية، خاتم
ـ حسين، مختار، خاتم
ـ مختار خربة رنك و أعضاء مجلس الإدارة
———————————————————————————–
التقديم: إيفا سافلسبيرغ و سيامند حاجو
الترجمة عن الألمانية: فرهاد أحمي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- الترجمة عن مجلة ـ دراسات كردية Kurdische Studienـ التي تصدر بالألمانية من قبل مؤسسة برلين لدعم الدراسات الكردية(Berliner Gesellschaft zur Förderung der Kurdologie)، السنة الأولى، العدد الأول 2001. تنشر الترجمة العربية بالإتفاق مع مجلة و موقع حجلنامة (www.hajalnama.com)
الهوامش:
1ـ Archives Diplomatiques Nantes: Syrie-Liban, CP 571. إعتمدت الترجمة الألمانية للعريضة على الترجمة الفرنسية التي قام مُقدمو العريضة بإنجازها والموجودة في Archives Diplomatiques Nantes: Syrie-Liban, CP 413. جانب ذلك توجد على الأقل ثلاث ترجمات أُنجزت من قبل إدارة الإنتداب الفرنسي Archives Diplomatiques Nantes: Syrie-Liban, CP 413; CP 571; CP 572 ، في الترجمة الأخيرة يُدونُ عام 1931 بشكل خاطئ كتاريخ للعريضة.
2ـ Archives Diplomatiques Nantes: Syrie-Liban, CP 571.
3ـ Archives Diplomatiques Nantes: Syrie-Liban, BEY 1055
المصادر
ـ دافيد مكدوال : أكراد سوريا: ص 10 . لندن 1999 )بالإنكليزية(. McDowall, David 1999: The Kurds of Syria: 10. London
ـ نليدا فوكارو: “أكراد سوريا. بدايات اليقظة القومية” بالألمانية . نشر في
ُEthnizität, Nationalismus, Religion und Politik in Kurdistan:
Carsten Borck, Eva Savelsberg Münster, S.301-326, Siamend Hajo (Hrsg.)..
تعقيب المحرر في موقع التاريخ السوري المعاصر:
معظم الأسماء التي وردت بشكل صريح في العريضة، تنتمي إلى ما كان يعرف بالكتلة الانفصالية التي كانت على نقيض المجموعة الموالية للكتلة الوطنية في الجزيرة، وحدث نزاعات بين المجموعتين اكثر من مرة ابرزها حادثة طوشة عامودا التي زهفت فيها ارواح.
والكتلة الانفصالية عموماً كانت تضم عناصر من المهاجرين السريان والأكراد الذين تم توطينهم في سورية ضمن السياسة الأثنية الفرنسية، ومعهم ايضاً بعض مشايخ العشائر العربية الذين همشتهم الظروف، ومن أبرز اعضاء الكتلة الانفصالية الذين لعبوا دوراً في الاحداث السياسية إلياس مرشو، ورؤساء الطوائف المسيحية في الحسكة ” مثل مطران حبي، القس تبوني” ، عبد الأحد قريو) وأيضاً ( العناصر الكردية متمثلة بزعماء بعض العشائر الكردية مثل : حاجو آغا، ابن ابراهيم باشا المللي، عبدي خلو.