عمرو الملاح – التاريخ السوري المعاصر
المفكر والشاعر السوري أورخان الميسَّر (1914 – 1965): رائد قصيدة النثر السورية.
ولد في إستانبول، وتوفي في مدينة حلب (سورية). وعاش في تركيا وسورية ولبنان وشيكاغو.
تلقى مراحله التعليمية من الابتدائي حتى الثانوي في مدينة حلب، ثم التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت متجهًا إلى دراسة الطب التي قضى بها مدة تحول بعدها إلى دراسة العلوم والفيزياء محرزًا في ذلك درجة البكالوريوس في العلوم، إضافة إلى حصوله على درجة الماجستير في التخصص نفسه.
اقتصر عمله – في بداية حياته – على العناية بأملاكه الخاصة بعد وفاة أبيه الراحل شكيب بك الميسَّر وزير النافعة (الأشغال العامة والمواصلات) في ثاني الحكومات التي شكلها رئيس الدولة السورية الداماد أحمد نامي بك في العام 1926. وفي أوائل الستينيات من القرن العشرين عين مديرًا للعلاقات العامة في وزارة الإعلام السورية.
نذر حياته لخدمة الأدب والوطن باذلاً – في سبيل ذلك – الوقت والمال، وقام بفتح صالون -دارته- لاستقبال الأدباء والمفكرين لتداول الأفكار والسجال عن المجريات الاجتماعية والتطورات السياسية والشؤون الثقافية، مكرساً الوقت الأعظم من حياته لرصد التحولات الاجتماعية والفكرية بالمجتمع السوري ومكافحة الاستعمار، وخاصة ما كان من حماسته في الدفاع عن حق العرب في فلسطين، فقد ذكر أنه كان يشتري قطع السلاح من ماله الخاص، ويمد بها المناضلين في فلسطين.
الإنتاج الشعري:
– له ديوان عنوانه: «سريال وقصائد أخرى» – منشورات اتحاد الكتاب العرب (ط2) – دمشق 1979، وقد صدرت طبعته الأولى في حياة المترجم عام 1948.
الأعمال الأخرى:
– له في مجال التأليف: «مع قوافل الفكر» – اتحاد الكتاب العرب» – دمشق 1974، و«شوقي وعصره»، وله في الترجمة: «التنمية القومية» – لديفيد كوشمان كوبل – دار اليقظة العربية – القاهرة، و«الرقص في أمريكا».
يحتفي شعره بعوالم الأحلام والبواطن الموارة التي تسترق من السرياليين شطحاتهم، ومن الرومانسيين رهافة إحساسهم، وتدفق مشاعرهم، وهو شاعر وجودي مؤرق بمصير الإنسان، وعذاباته على هذه الأرض. يغلف شعره حزن شفيف ينذر هدير سطحه بأعماق بعيدة. ساع إلى العلا، وراغب في مجاورة المثال، وله شعر ذاتي وجداني يحتفى بالمرأة، إلى جانب شعر له في الإشادة والمدح خاصة ما كان منه في قصيدته أم كلثوم.
يسعى – من خلال شعره – إلى محاولة إنتاج رؤية للعالم تتسم بالجدة والثراء. لغته طيعة مفعمة بالرموز، وخياله طريف. كتب الشعر ملتمسًا خطى الحداثيين فيما عرف بَعْدُ بقصيدة النثر.
ومن روائع شعره:
«بلادي يا أسطورة تجترّها أسطورة
يا أرزة يعانق أنفاسك النرجس والريحان
بلا لون ولا رائحة،
يا قمّة تطأ القمم، يا قمّة بلا قمّة،
بلادي يا روعة الوجود
يا عطرها الممزوج بشهقة دم،
بشريحة جلد، بولولة أرملة، بزفير دنّ، بحلم بنفسجة،
برتابة العقارب في ساعة لا تفقه الزمن،
يا عطرها المستحمّ في ذوب القمح
يا عارها،
لا عار،
بلادي،
إنها لم تولد بعد.»