خرائط ومصوراتدراسات وترجماتسلايد
د. عادل عبد السلام لاش- مراحل رسم الحدود السياسية لسورية منذ زوال الإمبراطورية العثمانية
د. عادل عبد السلام لاش- التاريخ السوري المعاصر
قبل نصف قرن وفي مثل هذه الأيام من عام 1967 وبالتحديد بين الخامس من حزيران إلى العاشر منه، عاشت سورية آخر مرحلة ( حتى الآن 2017 ؟؟؟؟) من مراحل قضم أجزاء من أراضيها وسلب ترابها الوطني، باحتلال الصهيونية أراضي الجولان السوري، الذي كان يشكل أكبر جزء من محافظة القنيطرة البالغة مساحتها 1860 كم مربع. إذ تم اقتطاع مساحة قدرها 1176 كم مربع من الأراضي السورية قام الكيان الضهيوني بضمها إلى أراضي فلسطين المحتلة رسمياً، ومن طرف واحد.
منذئذ والجولان بؤرة ساخنة في أتون الشرق الأوسط. لكن الأمر لم يبدأ مع هذه الكارثة ولم يتنه معها، ولاأعتقد أنه سينتهي عندها…؟؟ إذ أن المستقبل القريب لايبشر بالخير بل ينذر بعودة ما حل بسورية إيام الانتداب الفرنسي حين تم تقسيمها إلى دويلات قزمة، إن لم يكن أسوأ. ولما كان أغلب القراء الكرام بعيدين عن أحداث قيام سورية كدولة في العصر الحديث، وجدتها مناسبة لاستعراض مراحل رسم الحدود السياسية لسورية منذ زوال الإمبراطورية العثمانية التي كانت بلاد الشام أو سورية الكبرى جزءاً من مستعمراتها، وما تلا ذلك من رسم حدود سياسية لها في اتفاقية سايكس- بيكو سنة 1916، وإلى يومنا هذا. وتعريفهم بتلك المراحل بواسطة خرائط تبين ما مر على سورية من كوارث، واعتداءات على أراضيها وسيادتها الإقليمية من قبل قوى توسعية طامعة بالأرض السورية، منذ قيامها ككيان دولي معترف به.
تُظهر الخريطة رقم (1) تقسيم اتفاقية سايكس- بيكو للشرق الأوسط بين النفودين البريطاني (المنطقة B ) وما يليها، التي تغطي فلسطين والأردن والعراق الأوسط والجنوبي والكويت وأجزاء من شمالي شبه الجزيرة العربية. أما منطقة النفوذ الفرنسي (المنطقة A) فتشمل سورية وشمالي العراق مضافاً إليها لبنان ومساحة كبيرة من أراضي تركيا الحالية، تشمل سلاسل جبال طوروس وتصل إلى سيواس في العمق الأناضولي.
أي أن سورية بحسب الأطماع الفرنسية كانت تغطي سنة 1916 قرابة 355.000 كم مربع أي نحو ضعف مساحة سورية الحالية. بحيث يصح القول أن حدود سورية في الاتفاقية المذكورة كانت متفقة تقريباً مع ما كان يعرف بـ (الثغور) في العهود الأموية والعباسية. لكن سعي الأتراك إلى إقامة دولتهم على أنقاض الإمبراطورية العثمانية كان عل حساب منطقة الانتداب الفرنسي، أي على حساب الأرض السورية، التي اقتطعت تركيا منها مساحات شاسعة، فانزاحت الحدود السورية- التركية جنوباً سنة 1920 لتساير سلسلة جبال طوروس، كما تظهر في خريطة (2) (تغيرات الحدود السورية- التركية). لكن أطماع التوسع التركي لم تتوقف عند حدود سنة 1920، بل مكنتها الظروف الدولية، وتخاذل الانتداب الفرنسي وكرمه على حساب سورية، وغياب سورية والعرب وضعفهم، من دفع خط الحدود جنوباً ليساير مسار سكة حديد قطار الشرق السريع عام 1923، وبذا تكون تركيا قد اقتطعت شريطاً إضافياً من الأرض السورية يراوح عرضه بين 40-50 كم وسطياً، مساحته تزيد على 47.000 كم2. ولم تكتف تركيا بما اقتطعته من الأرض السورية، بل استغلت غياب الرادع السوري القوي، وموقف فرنسا المفرط بحماية ما انتدبت له من قبل عصبة الأمم من بقاع ومناطق، فتمكنت من إلحاق لواء اسكندورنة بأراضيها بصورة نهائية في 23 حزيران من عام 1939.
أي في الشهر نفسه الذي ضاعت فيه الجولان ولكن قبل 78 سنة.
وهكذا قضمت الأراضي السورية في الزاويتين الخارجيتين الشمالية الغربية والجنوبية الغربية، كما يظهر في الخريطة الثالثة (مصور الحدود السورية). فهل سيكون مصير الزاوية الشمالية الشرقية من الخريطة (منقار البطة وتوابعها في محافظة الحسكة) مشابه لهما في المستقبل ؟؟؟؟؟؟. وهل ما يتردد من وجود مخططات استعمارية جديدة، ومخططات تقسيم سورية ورسم خريطة جديدة للشرق الأوسط في إطار مصطلح (الفوضى الخلاقة) و(الشرق الأوسط الجديد)، ووثيقة برنارد هنري لويس التي أقرها الكونغرس الأمريكي سنة 1983 سيصبح أمراً واقعاً…؟؟؟ وهل سنشاهد خريطة جديدة للعالم العربي بعد مرور قرن على اتفاقية سايكس- بيكو.. ؟؟.
عادل عبد السلام )لاش) -دمشق- 9 حزيران 2017.
1- خريطة اتفاقية سايكس- بيكو 1916
2- مراحل تغير الحدود السورية – التركية بين 1916و 1939
3- حدود سورية بعد 1967وتطورها سنة 1974 وإلى اليوم 2017