عام
مدينة سلمية
سلمية – محافظة حماة
الموقع:
تقع مدينة سلمية على بعد 32 كم شرق مدينة حماة، في حوض يشغل جزءاً واسعاً من هضبة كلسية، وتمتد أراضيها المنخفضة نسبياً تجاه الشمال الشرقي كي تتصل بخرائب الاندرين، وفي الجنوب تسود أراضيها التموجات التي تقود إلى أراضي محافظة حمص. .
تحيط بالمدينة سهول زراعية واسعة ذات تربة لحقية توضعت في الأودية والمنخفات بين مرتفعات البلعاس شرقاً والعلا شمالاً والشومرية جنوباً.
وموقع سلمية على طرق البادية أكسبها أهمية استراتيجية تجارية حيث كانت محطة لفوافل التجار بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، وكان يعبرها طريقين تجاريين هامين، أحدهما يمتد من جنوب العراق “البصرة” إلى بابا ثم اري فالرصافة، فأسريا، فسلمية فالرستن ومنها إلى القريتين فالضمير فدمشق. كما كان هناك طريق يتجه إلى البقاع أو إلى الساحل السوري، والطريق الثاني من حلب إلى سفيرة، فالاندرين فقصر ابن وردان، ومنه إلى سلمية ليلتقي بالطريق السابق.
سبب التسمية:
تعددت الآراء حول سبب تسمية سلمية بهذا الأسم. فالبعض يشير إلى أن سلمية سميت بهذا الأسم تخليداً لذكرى معركة سلاميس البحرية عام 480م.
ويذكر ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان إلى أن أصل تسمية سلمية مشتق من كلمة “سلم مائة” نسبة إلى المائة رجل الذين نجوا من الموت عندما حل الدمار بمدينة المؤتفكة،وهؤ لاء نزلوا سلمية وعمروها وسكنوها وتحرفت الكلمة إلى سلمية.
والبعض يذهب إلى أن الأسم مشتق من كلمة “سيل مياه” نظراً للسيول التي تنحدر إليها من جبال البلعاس في فصل الشتاء.
يذكر أنها عرفت باسم “سلاميس” زمن الإسكندر المقدوني، كما عرفت في عهد السلوقيين بأنها من مدن السلام السبع.
الآثار في سلمية:
تقع سلمية في منطقة إعمار قديمة تشهد لها آثار كثيرة في المنطقة من بينها مقابر قديمة تعود إلى العصور الحجرية.
ففيها شواهد أثرية كثيرة تعود إلى العهد البيزنطي، منها: مقام إسماعيل الذي أصبح مسجداً “مسجد المحاريب السبعة” وحمام البنات “الحمام الروماني”، وحول المدينة يوجد مقام الخضر وقلعة الشماميش وعدد كبير من الكهوف والمغاور.
تعود المدينة الحديثة إلى عام 1848 عندما وفد إليها الناس من القلاع الممتدة بين مصياف والخوابي، ثم من مناطق أخرى من سورية، وبنوا بيوتاً طينية وحجرية- طينية ذات سقوف خشبية تطورت فيما بعد في منتصف الفرن العشرين إلى بيوت إسمنتية حديثة، وبخاصة إثر الرفاه الذي حدث في القرية في الخمسينيات بعد زراعة القطن.
امتدت بيوتها في جميع الاتجاهات مع محاور الطرق الرئيسية. وانتشرت فيها في الخمسينيات زراعة مرواة متقدمة قوامها زراعة القطن والخضر والبصل إلا أن الاستنزاف الكبير للمياه أدى إلى انخفاض مستوى المياه الباطني كثيراً وتقهقرت الزراعة مما أدى إلى هجرة عدد كبير من سكان المدينة والقرى المجاورة إلى المدن الأخرى سعياً وراء الرزق.
سلمية إدارياً:
تتبع سلمية 20 مزرعة منها: الصيادة، عين عزام، السبيل، سعن القبلي، عربيد، المزرعة، أبو حور، بركان، الكريم، عين الزرقا ، أبو رياح.
سلمية حتى أواخر العهد العثماني:
ذكرت سلمية في التاريخ القديم على أنها كانت عامرة في زمن السومريين عام 2400-3000 ق.م. وفي عهد الاموريين كانت تابعة لمدينة قطنا ” المشرفة اليوم شمال شرق حمص”، حيث تم العثور على العديد من القرى الأمورية.
وفي عهد الحوثيين والميتانيين (1600-2000 ق.م) تعرضت سلمية إلى غزوات الفاتحين، كما أنها خضعت فترة من الزمن لحكم الأشوريين وللهكسوس بعد عودتهم من مصر عام 1500 ق.م.
حكمها الآراميون في نهاية القرن الثامن قبل الميلاد، وقد ضموها إلى مملكة حماه.
أما في العهد اليوناني السلوقي فكانت عامرة زاهرة، وكانت المحطة التجارية على أبواب البادية يربطها بأفاميا طريق معبد، ومن أهم الآثار التي تعود إلى العهد السلوفي هذ قناة العاشق وسور سلمية، والقلعة، معبد زيوس اليوم المعروف بمقام الإمام إسماعيل.
في العهد الروماني سلخت سلمية عن أفاميا وضمت إلى حمص. وفي العهد البيزنطي ازدهرت سلمية، وأصبحت إحدى المراكز المسيحية في الشرق، إذ غدت مركزاً لأبرشية مسيحية كبرى تمتد سلطتها من طرابلس الشام حتى الرصافة، وكان يتبعها 76 كنيسة عثر على آثار العديد منها في قرى المنطقة، ككنيسة قرية الشيخ هلال، وعقارب. كما بنيت قربها العديد من الأديرة، منها: (تلدرة، دير مارجيوش، فوق جمل شمالي سلمية).
وفي أواخر العهد البيزنطي تعرضت بلاد الشام لهجوم فارسي، ولحق سلمية الخراب والتدمير، فغدت بعد اجتياح الفرس لها خاوية تجوبها القبائل متناثرة فيها.
بقيت سلمية طيلة القرن الأول الهجري غير مأهولة بالسكان إلى أن أعيد بناؤها عام 136 هـ على يد عبد الله صالح العباسي، وأصبحت مركز استقطب إليه العديد من الناس، وفي تلك الفترة وفد إليها مجموعة من الفاطميين “الإسماعيلين” أتوها من تدمرر وجعلوا منه قاعدة لدعوتهم السرية التي اتخذت سام “الفرمطية”.
وفي أواخر القرن الثالث الهجريي (874م) هجم القرامطة على سلمية وفتكوا بأهلها واستطاع عبيد الله من نسل عبد الله بن ميمون القداح – الذي أعلن عن نفسه أنه الإمام المنتظر من دفع القرامطة لهجومهم هذا. وقد استطاع أن ينجو بنفسه ويصل إلى شمال أفريقيا معلناً قيام الدولة الفاطمية.
بعد هذا الخراب الذي حل بسلمية على أيدي القرامطة لم يذكر من سكنها أو أعاد بناؤها، وهل كانت مأهولة بالسكان أم خالية في القرن الرابع الهجري.
كما لم يذكر عن سلمية شيئاً في النصف الأول من القرن الخامس الهجري حتى سنة 476 -1060 حيث ذكرت المصادر أنها كانت من مقاطعات الأمير البدوي خلف بن ملاعب الكلابي صاحب حمص. إلى أن جاء هاتنش أخو السلطان ملكشاه السلجوقي فاستخلصها وضمها إلى حمص، وبقيت تابعة إلى حمص حتى عام 1080 حيث دخلت في حوزة رضول بن تتش السلجوقي صاحب حلب.
في القرن السادس الهجري (1116م)دخلها عماد الدين زنكي وفي عهده أعيد بناء قلعتها استناداً لمواجهة الصلينيين.
وفي عام 1164 استخلص صلاح الدين الأيوبي سلمية من أيدي فخر الدين بن الزعفراني أحد أمراء نور الدين محمود “الشهيد”. وفي عام1168 أعطاها صلاح الدين إلى ابن أخيه الملك المظفر تقي الدين صاحب حماه.
في عام 626هـ انتزعت سلمية من ملك حماه، وسلمت إلى شيركو ملك حمص الذي عمل على بناء قلعة شميميس عام 627 هـ ومن حينها صارت سلمية موضع نزاع بين ملوك حمص وحماة.
شهدت سلمية حينها ازدهاراً ملحوظاً في عهد الأيوبيين إلى أن جاء التتر في هولاكو فجعوا منها ممراً لجيوشهم الزاحفة من حلب باتجاه حمض ودمشق.
وبعد هزيمة التتر في معركة عين جالوت عم 1242 أقطع الملك المظفر سلمية للأمير مهنا آل الفضل نظراً للاشتراك معهم في محاربة التتر.
وبقيت سلمية في أيدي الأمير منها ابنه عيسى وحضره مهنا، وفي عهده تعرضت سلمية للانحطاط بسبب المنازعات على الرئاسة، وقد ازداد انحطاطها وخرابها مع غزو تيمورلنك عام 1387م.
سلمية في القرن التاسع عشر والعشرين
يعود إعمار سلمية الحالية إلى عام 1847-1848 عندما صدر عن السلطان العثماني عبد المجيد قراراً يقضي بالعفو عن كل من يقوم بأعمار أية منطقة شرقي نهر العاصي. وحينها تقدم الاسماعيون وكانوا يقطنون في جبال الساحل ” مصياف – القدموس- الخوابي- عكار” بطلب لإعمار سلمية الخربة، فسمحت لهم السلطات العثمانية بذلك على أن يسموها “مجيد اباد” إشارة إلى بنائها في عهد السلطان عبد المجيد.
فجاء الأمير إسماعيل إلى سلمية ورفقته ست عشرة أسرة عام 1848 وسكنوا في البادية في قلعة سلمية خوفاً من غارات البدو، وأخذوا يزرعون الأرض وبالتالي بدأت سلمية بالتوسع والانتشار.
في عام 1900 جعلت الدولة العثمانية سلمية قضاء ملحق بمتصرفية حماه، وكان الأمير إسماعيل الشهابي أول قائمقام فيها.
بنى القائمقام بناء خاصاً جعله مقراً له وفي عام 1906 وهو بناء المخفر والقائم والذي مايزال موجوداً. وجعل من طابقه السفلي مركزاً لإدارته، ومن طابقه العلوي مسكناً له. ولد أخذ السكان بعد ذلك يتوسعون خارج القلعة التي هدمت وقام مكانها دار للحكومة عام 1926م.
في تلك الفترة تمت هجرة عدد كبير من أهالي القدموس إلى سلمية واستوطنوا في جزئها الغربي الذي يعرف حاليا بمجئ القدامسة، بالإضافة إلى جزء آخر سكن في القرى الشرقية التابعة لها.
استمرت الهجرات إليها طوال عهد الانتداب الفرنسي ورافق ذلك توسع كبير في عمرانها.
وفي عام 1950 غدت سلمية تزيد عن 15 ضعف على ما كانت ليه في أواخر العهد العثماني.
ازدهرت سلمية في تلك الفترة بسبب طفرة زراعة القطن ورافق ذلك توسع عمراني كبير.
وفي عام 1958 – 1961 جرت هجرة معاكسة بسبب الجفاف.
وفي عام 1974 وضع محطط تنظيمي صودق عليه عام 1977، وبموجبه قسمت سلمية إلى عدة أحياء،هي:
1- الحي الغربي. 2- الحي الشرقي. 3- الحي الشمالي. 4- الحي الجنوبي. 5- حي ظهر الغز. 6- حي المنطار. 7- حي تل الغزالة. 8- أبية عشوائية لا نريد أن ندخل في تفاصيلها .
انظر:
المراجع والهوامش:
(1). أمين (محمد)، الآثار الحضارية في منطقة سلمية، محاضرة ألقيت في سلمية في العاشر من تشرين الأول عام 1980.
(2). المعجم الجغرافي للقطر العربي السوري، المجلد الثالث، الطبعة الأولىى – دمشق عام 1992م، صـ 648-649
(3). موسى (علي), حربة (محمد) محافظة حماة، منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1985م، صـ 258-262
المراجع والهوامش:
(1). أمين (محمد)، الآثار الحضارية في منطقة سلمية، محاضرة ألقيت في سلمية في العاشر من تشرين الأول عام 1980.
(2). المعجم الجغرافي للقطر العربي السوري، المجلد الثالث، الطبعة الأولىى – دمشق عام 1992م، صـ 648-649
(3). موسى (علي), حربة (محمد) محافظة حماة، منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1985م، صـ 258-262