مقالات
د. عادل عبد السلام (لاش) – مسيرة تربوية تعليمية.. زرعنا فحصدنا
د. عادل عبد السلام (لاش) – التاريخ السوري المعاصر
كان جدي لأبي أول معلم في قريتنا مرج السلطان، وأول من فتح مدرسة فيها وفي منطقة المرج كلها سنة 1882. لم أدركه لكنني أدركت تلاميذه وحفظت أخبارهم عنه. منهم من أشاد بعلمه وتعليمه وآخرون تحدثوا عن شخصيته وتشدده في نشر المعرفة والعلم بأسلوب ناعم محبب، ومنهم من يذكر معاقبته له بضربات الدرة التي لم تكن تفارقه. ويبدو أنني ورثت عن السلف ما رسم سراط حياتي عاملاً في التربية والتعليم في عمر مبكر.إذ انتسبت إلى المعهد العالي للمعلمين في جامعة دمشق (السورية سابقاً) سنة 1951. واليوم وبعد مرور نيف وستة عقود على انخراطي في التعليم في مراحله المختلفة أقف أمام ظاهرة واحدة توجت مسيرتي، وأعتز بنتاجها، هي وفاء ومحبة من ضمتني وإياهم غرف المدارس والجامعات التي عملت فيها.
لم يكن التلميذ والطالب في صفي مجرد اسم أو رقم، لقد كان إنساناً له كيانه وشخصيته ومشاعره وتفكيره، أنقل إليه المعرفة والعلم الحي المبسط، محرضاً فيه روح السؤال والتقصي. مع عدم التهاون معه ومحاسبته حين التقصير بحق نفسه. وباختصار كنت أرى فيه رجل مستقبل له دور في بناء أمة يحلم المرء أن يكون أحد أبنائها. الأمر الذي كان يقربني منهم ويشدهم إلي. ويبقيهم على تواصل معي مهما طال الزمن وبعدت الشقة بيننا.
ثلاث حالات من حالات كثيرة لايمكن أن أمر عليها مرور الكرام.
أولها حين عملت أستاذاً معاراً في جامعة الكويت، حيث فوجئت بوجود الكثيرين من طلابي في ثانوية القلمون وأهاليهم يعملون هناك، ممن لم يتوان أي منهم عن تقديم خددماته لي، كل بحسب مهنته أوتخصصه طوال ثلا ث سنوات.
والثانية حين قامت مجموعة طيبة من طلابي المتخرجين منذ خمسة عقود، بتشكيل (جمعية ) من الأصدقاء والمحبين الجغرافيين تجتمع شهرياً في لقاءات ذكريات ومحبة و عشاء دسم، وكرموني رئيساً فخرياً لها. فقدنا من أعضائها الصديق الطيب المرحوم مروان عرفات (أبو وحيد) الذي اغتالته يد الغدر ، أما الحالة الثالثة فهي أحدثها وأعجبها. المتمثلة بطلابي الذين اصبحوا اليوم في سن التقاعد، من الذين تمرسوا بالتعامل مع التقنيات المعاصرة فأصبحوا من أصدقائي المقربين على صفحات التواصل الاجتماعي. وهم كثر أخص منهم طلابي في جبل العرب وجبال الساحل السوري وبقية أقاليم سورية وخارجها. ولعل أكثرهم تواصلاً معي (مع حفظ الألقاب) آمال اشتي وهي أكثرهم نشاطاً وتعاملاً مع المعلومات الجغرافية والفلكية الحديثة و تواصلاً مع المجموعات العلمية على الفيسبوك، وكذلك علي صعب، وغادة الدبس، ومرود الدبيات، وناهي بحصاص، وعلي سعود، وحسن نباص، ونصر حيدر، وظافر أحمد، وفؤاد ديوب، وعبدالكريم حليمة، وحسن القطريب، وهادي عطار، ونذير شق، وعشرات العشرات. الذين أقدر فيهم ما قدموا لبلدهم من خدمات تربوية واجتماعية، على الرغم من قسوة الظروف والأوضاع التي عملنا ونعمل فيها، فتحية للجميع، ممن ذكرت ولمن لم يتسع المجال لذكرهم.