You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

محمود جديد: توءمة الهزيمة العسكرية عام 1967

محمود جديد- التاريخ السوري المعاصر

 قبل التطرّق إلى بعض ماجرى على الجبهة السورية أثناء عدوان حزيران 1967 لا بدّ من عرض موجز لبعض ماجرى على الجبهة المصرية نظراً لترابط الهزيمتين معاً من حيث الأسباب والنتائج والسياق العام ..

اعتبر المرحوم الفريق محمد فوزي ” أنّ قرار غلق خليج العقبة من قبل القيادة المصرية الذي اُعلِن عنه يوم 18/ 5 / 1967 هو السبب المباشر في قيام ( إسرائيل ) بالهجوم صباح يوم 5 / 6 / 1967 .. وقد نُفّذ هذا القرار من الساعة 12 من صباح يوم 23/ 5 /967، والذي حتّم بالضرورة تحوّل المواجهة العسكرية إلى صراع مسلّح .. لأنّه هيّأ (لإسرائيل) الأسباب والمبرّرات التي استندت إليها في اتّخاذ قرار الحرب .. ” وقدّم الفرصة السانحة للإمبريالية العالمية بزعامة أمريكا للإطاحة بالرئيس عبد الناصر ونظام حكمه .. ( هذا ماورد في مذكرات الفريق محمد فوزي ص : 83)

هذا وقد رافق ذلك دفع قوات مصرية ضخمة إلى سيناء ، وشرم الشيخ ، وغزة ، وانتشرت على عجل هناك في ظلّ أجواء عدم وجود تغطية جوية كافية من جهة ، وتغيير خطط العمليات أربع مرّات خلال الأسابيع الثلاثة التي سبقت العدوان ممّا أربك القوات وأجهدها ، وحرمها من إجراء تنسيق التعاون الكافي فيما بينها من جهة ثانية .. كما أنّها لم تكن بالجاهزية القتالية التي تؤهّلها لخوض صراع مسلح مفتوح مع العدو ، وفي الوقت نفسه لم تحصل على معلومات استطلاعية واستخبارية كافية عن القوات المعادية ومعرفة نواياه العدوانية الميدانية المحتملة واتجاه ضربته الرئيسية ، على الرغم من أنّ الرئيس عبد الناصر رحمه الله ، وبعد أن تشكّلت حكومة حرب في الكيان الإسرائيلي في أول حزيران / 967 توقّع استناداً إلى الحالة المشابهة قبيل العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 أن يكون العدوان خلال أيّام معدودة ورجّح الخامس من حزيران .. وبمعنى آخر لم يكن العدوان مفاجئاً بمنظوره الاستراتيجي .. وكانت القوات الجوية والبرية والبحرية بحالة الاستنفار القصوى استعداداً للحرب …

وفي الساعة 45، 8 من صباح 5 / 6 / 1967 ابتدأ الهجوم الجوّي الإسرائيلي مستهدفاً مطارات وطائرات وشبكات الرادار المصرية ، وبواسطة نسقين من الطائرات مكوّن كلّ منهما من 80 طائرة وتمّ ذلك من ارتفاع منخفض ( 50 م ) كانت حصيلته المأساوية تدمير جميع القاذفات الخفيفة والثقيلة المصريّة ، و85٪-;- من الطائرات المقاتلة ، والمقاتلات القاذفة خلال أربع ساعات ، ممّا أربك القادة الميدانيين وجعل قواتهم مكشوفة لضربات الطيران الإسرائيلي ، كما أفقد المشير عامر توازنه ، وجعله يطلب من الفريق فوزي ظهر يوم 6 / 6 وضع خطة انسحاب خلال 20 دقيقة ، وتنفيذه خلال الليلة التالية إلى غرب قناة السويس ، ولكنّ رئيس الأركان وضع خطة انسحاب تستغرق أربعة أيام ، وعندما عرضها على المشير رفع صوته قليلاً في وجهه : ” أربعة أيام وثلاث ليالٍ يا فوزي ” وهذا دليل على جهل المشير عامر في قيادة جيش بحجم الجيش المصري .. ثم دخل إلى غرفة نومه بطريقة هستيرية ، كما ذكر الفريق فوزي ، والذي اعتبر “أنّ قرار الانسحاب هذا هو السبب الحقيقي في اندحار القوات المصرية التي لم تُعطٓ-;- فرصة لقتال العدو” …

هذا ، وقد جرى الانسحاب بصورة فوضوية مؤلمة ، وبقيت آلاف الدبابات والعربات في أرض المعركة وغيرها من العتاد بذخيرتها ووقودها ، وعٓ-;-بٓ-;-رٓ-;- قناة السويس مائة ألف جندي بدون سلاح ، وبصورة فردية ، وكانوا قد وصلوها من سيناء سيراً على الأقدام ، وتوجّهوا بوسائطهم الخاصّة إلى قراهم لمدة أسبوع قبل العودة إلى قطعاتهم العسكرية …. الخ وهذا يذكّرنا بما حدث في الجولان عقب بلاغ سقوط القنيطرة رقم 66 سيّئ الصيت وما تبعه من انسحاب مأساوي آخر … 
الأوضاع على الجبهة السورية قبيل العدوان :
—————————————

بعد قيام حركة 23 شباط /966 وتسوية الخلافات السابقة مع عبد الناصر ، وإقامة علاقات مرتكزة على الإحترام والثقة المتبادلة ، والتوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك ، تمّ التنسيق بين الجيشين المصري والسوري ، وبناءً على ذلك كان مقرّراً دخول الجيش المصري في القتال ضدّ القوات الإسرائيلية صباح اليوم التالي للعدوان على سورية ، ويتمّ تنفيذ العكس إذا ابتدأ الهجوم الإسرائيلي ضد الجيش المصري ، وهذا الكلام سمعته مباشرة من قائد اللواء 25 ميكانيكي العقيد اسماعيل هلال الذي كنت أخدم كقائد كتيبة تحت أمرته في ( معسكرات قطنا ) وقبل عدوان حزيران ، وعندما كنّا معه في استطلاع لتموضع اللواء في القطاع الأوسط من الجبهة لاحتلاله عند تلقي الأوامر بتعزيز القوات المدافعة فيه ، أوالانتقال إلى الهجوم …

وقبيل 5/ 6 / 967 تغيّرت مهام اللواء حيث تمّ فرز كتيبة ميكانيكية لدعم اللواء 70 المدرّع الذي كان يقوده المرحوم العقيد عزت جديد والذي انتقل من مكان تمركزه الأصلي في الكسوة إلى منطقة الصرمان شرق مدينة القنيطرة ليشكّل احتياط جبهة الجولان وعادة ما تكون مهمته الأساسية القيام بضربات معاكسة لسدّ أيّة اختراقات تحدث فيها ، وفقاً لقرارات قيادة الجبهة ..وليس كما ذكر بعض الحاقدين أنّ الحزب ترك اللواء 70 في دمشق لحماية النظام ..

وكانت الكتيبة التي أقودها مكلّفة بمهام على الحدود اللبنانية للمساهمة في صدّ أيّ خرق إسرائيلي محتمل من الأراضي اللبنانية ، وخاصة محور العرقوب وتلال كفرشوبا – رخلة السورية ، أو ميسلون ( طريق بيروت – دمشق ) …وعموماً ، كانت الجبهة في الجولان في الظروف العادية مؤلّفة من قوات بحجم فرقة مشاة تتمركز في النطاق الدفاعي الأوّل وتتألّف من ثلاث ألوية مشاة متمركزة في ثلاث قطاعات وعلى تماس مباشر مع العدو ، شمالي ، أوسط ، جنوبي ، وهناك وحدات استطلاع، وأفواج مستقلة من اختصاصات عديدة تابعة لقيادة الجبهة .. كما تُجهّز مواضع دفاعية احتياطية تحتلها ألوية متمركزة في الداخل السوري في حالات الطوارئ ،وفي هذا السياق ووفقاً للمعلومات التي أمتلكها تمركز لواء مشاة على المرتفعات الواقعة شرق بلدتي : مسعدة وبقعاتا ، وكان يقوده العقيد ممدوح عبٌارة ، وتحرّك لواء مشاة من مدينة إزرع وتمركز خلف القطاع الأوسط من الجبهة جنوب مدينة القنيطرة ، وكان بقيادة العقيد مصطفى شربا ، وانتقل اللواء المدرّع 70 المعزّز بكتيبة ميكانيكية من اللواء 25 ميكانيكي إلى الجبهة كما أشرت سابقاً ..

كما تمّ استدعاء اللواء الخامس المدرّع بقيادة العقيد مصطفى طلاس من مكان تمركزه في حمص للانتشار في منطقة الكسوة ليكون جزءاً من احتياط قيادة الجيش المكلّف بالقيام بالضربات المعاكسة على العدو المخترق في أيّ اتجاه محتمل من محاور وقطاعات الجبهة مع العدو الإسرائيلي .. وتحرّك اللواء 72 ميكانيكي من معسكرات قطنا إلى الأردن بقيادة المرحوم العقيد صلاح نعيسة وفقاً لخطة القيادة العربية المشكلة على عجل في الجبهة الشرقية بقيادة المرحوم الفريق عبد المنعم رياض ( نائب القائد العام ) .. وبالإضافة إلى هذه التشكيلات العسكرية المذكورة كانت توجد كتيبة مظليين ، وكتيبة مغاوير ، ووحدات استطلاع تابعة مباشرة لقيادة الجيش ، وتشكيلات الدفاع الجوّي المتواجدة في منطقة ريف دمشق وحول المطارات …

وفي الوقت نفسه ، تواجد رئيس أركان الجيش اللواء أحمد سويداني ، ونائبه اللواء عوّاد باغ وقسم من ضباط عمليات الجيش في مقرّ عمليات متقدم شرق القنيطرة ، بينما بقي وزير الدفاع حافظ الأسد ، واللواء عبد الرزّاق الدردري رئيس شعبة العمليات في مقرّ عمليات الجيش في ضواحي دمشق … أمّا بعض أعضاء القيادة الحزبية والسياسية وعلى رأسهم المرحومين : الدكتور نور الدين الأتاسي ، واللواء صلاح جديد فقد بقوا في دمشق يمارسون دورهم من المقرّ الخاص في القصر الجمهوري المجهّز لحالات الطوارئ .. وسافر القسم الأكبر من القيادة الحزبية إلى المحافظات للمساهمة في تعزيز المقاومة الشعبية ورفع المعنويات هناك ضد أيّ عدوان إسرائيلي محتمل على الأراضي السورية ، والعمل على إرغام العدو على خوض حرب طويلة الأمد لإنهاكه واستنزافه ، وحرمانه من أيّة (مكاسب ) يحقّقها نتيجة ضرباته العدوانية الخاطفة التي يعتمدها في عقيدته القتالية ، وثمّ خلق الظروف الملائمة لهزيمته اعتماداً على أسلوب الحرب الشعبية ….

– ابتدأ العدوان الجوّي الإسرائيلي على سورية في منتصف يوم الخامس من حزيران واستهدف المطارات السورية ووسائط الدفاع الجويّ ، وخاصة بعد أن حقّق أهدافه ضد الطيران المصري وأخرجه من المعركة . علماً أنّ القوى الجوية السورية كانت قد قصفت مصفاة حيفا وبعض المطارات شمال فلسطين المحتلة في اليوم الأول من القتال . وفي صباح 6 / 6 / 1967 قامت المدفعية السورية المتمركزة في الجولان بقصف الأهداف الإسرائيلية وفقاً للخطة الموضوعة ، ولكنّ الهجوم البرّي لم يُنٓ-;-فّذ .. ولكن حسب تقديري الشخصي لاحقاً ، أنّه بعد انقطاع التنسيق مع القيادة العسكرية المصرية بسبب تعذّر عمل المحطات اللاسلكية نتيجة التشويش الذي حصل ، وخاصة من الباخرة الأمريكية ” ليبرتي ” المتواجدة مقابل الشاطئ المصري ، وغموض الموقف على الجبهة المصرية ، ثمّ تأكّد حدوث الهزيمة العسكرية هناك، والتي انتشرت أخبارها في معظم المصادر الإعلامية في العالم ، فإنّه يصبح في هذه الحالة ترك المواضع الدفاعية في المرتفعات ، وتنفيذ القوات السورية هجوماً على القوات الإسرائيلية بمفردها في ظل التفوّق الجوّي والبرّي المعادي وبدرجة كبيرة ، نوعاً من مغامرة خطيرة العواقب ، وقراراً عسكريّاً خاطئاً … هذا، وقد أشار الفريق محمد فوزي إلى الدعم الفنّي الأمريكي للعدوان الإسرائيلي ، والدور الكبير الذي لعبته الباخرة الأمريكية ” ليبرتي ” في مجال الاتصالات اللاسلكية ، وتأثيره السلبي على القيادة والسيطرة للقوات المصرية بمختلف صنوفها .. وعلى التنسيق والتعاون مع الجيوش العربية الأخرى …

وسنتابع في حلقة تالية “حول الهجوم البري الإسرائيلي على سورية ، وبلاغ سقوط القنيطرة ، واحتلال الجولان ” 



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى