ملفات
سورية وقضية تحويل مياه نهر الأردن
سورية وقضية تحويل مياه نهر الأردن
طرحت إسرائيل في عام 1953 فكرة تحويل مياه نهر الأردن وروافده إلى صحراء النقب لريها بهدف إقامة مستوطنات جديدة فيها، ولكن الدول العربية عارضت ذلك بقوة، مما حدا بالرئيس الأميركي أيزنهاور إلى التدخل وإرسال المبعوث الخاص إيريك جونستون إلى المنطقة ونتج عن تلك الزيارة ما عُرف بـ “مشروع جونستون” لاقتسام مياه النهر والروافد، إضافة إلى:
– إنشاء سد على نهر الحاصباني في الأراضي اللبنانية لتخزين الفائض السنوي للنهر وتحوله إلى ترعة لري أراضي حوض الحولة وتلال الجليل في فلسطين المحتلة.
– إنشاء محطة لتوليد الكهرباء من مياه هذا النهر تقام داخل فلسطين.
قدمت الإدارة الأميركية عام 1954، هذا المشروع إلى الدول المعنية، ولاقى رفضاً حازماً من الجانب العربي، في قرار موحد اتُّخذ في شباط 1955، وكانت “إسرائيل” قد رفضته قبل ذلك لأنه لا يتضمن نهر الليطاني.
ومنذ عام 1956 باشرت إسرائيل بتنفيذ ما عُرف باسم مشروع المياه الوطني بهدف تحويل مياه نهر الأردن العلوي إلى المنطقة الساحلية ومنها إلى صحراء النقب، وقد تضمن المشروع عدة مراحل منها: تجفيف بحيرة الحولة، وتحويل نهر الأردن قبل دخوله بحيرة طبرية وضخ مياه البحيرة في قنوات عبر سهل بيسان، وكان هذا المشروع يعني الاستيلاء على ما يساوي 50% من مياه النهر وروافده، ويجسد الأطماع في مياه هضبة الجولان.
وضعت الدول العربية، بالمقابل، مشروعاً عربياً لاستغلال مياه الروافد يقضي بإنشاء سدود وخزانات على أنهار اليرموك والحاصباني والبانياسي، ولم ينفذ العرب شيئاً مما قرروه، بينما مضت إسرائيل، قُدماً، في تنفيذ مشروعها الذي أوشكت في نهاية عام 1963 على الانتهاء منه، وهذا دفع بالرئيس جمال عبد الناصر في خطابه في بور سعيد يوم الثالث والعشرين من كانون الأول عام 1963م إلى دعوة ملوك ورؤساء العرب، رغم التناقضات القائمة بينهم، لعقد اجتماع لهم في إطار الجامعة العربية في القاهرة ، لتدارس أمر مشروع سرقة المياه، والتأم عقد المؤتمر “مؤتمر القمة العربي الأول” في الفترة ما بين 13-16 كانون الثاني 1964، ومما قرره:
– اعتبار أن قيام “إسرائيل” هو الخطر الأساسي الذي أجمعت الأمة العربية بأسرها على دفعه، وبما أن وجود “إسرائيل” يُعتبر خطراً يهدد الأمة العربية، فإن تحويلها لمياه الأردن سيضاعف من أخطارها على الوجود العربي.
– إقرار مشروع تحويل روافد نهر الأردن في المنطقة العربية لقطع الطريق على المشروع الإسرائيلي.
– إنشاء قيادة عربية موحدة لجيوش الدول العربية فوراً، وتشكيل جيش عربي موحد مزود بأحدث الأسلحة والمعدات تجعله قادراً على حماية المنشآت التي ستقام على روافد نهر الأردن وردع أي عدوان إسرائيلي محتمل.
وكان الهدف من انعقاد المؤتمر الثاني للقمة 5-11 أيلول 1964 في الإسكندرية، هو البحث عن ما تم تحقيقه من مقررات المؤتمر الأول، وخاصة:
إعداد مشروع عربي لتحويل مياه روافد نهر الأردن وتنفيذه بدءاً من شهر أيار 1964 وخلال مدة لا تزيد عن 18 شهراً.
ومما قرره هذا المؤتمر:
– البدء الفوري بتنفيذ مشروعات استغلال مياه روافد نهر الأردن، وإعطاء المقاولين الإذن بالمباشرة فوراً.
قيام منظمة التحرير الفلسطينية واعتمادها ممثلة للشعب الفلسطيني. –
وفي مؤتمر القمة الثالث الذي انعقد في الدار البيضاء في المغرب ما بين 13-17 أيلول 1965، تابع المؤتمرون ما أنُجز في موضوع استثمار المياه وقرروا:
– استمرار الدول المعنية “سورية – الأردن – لبنان” في أعمال المشروع العربي الموحد لاستثمار مياه النهر وروافده وفقاً للخطة المرسومة، وطبقاً لما تقرر بشأن الحماية العسكرية للمشروع.
– الموافقة على خطة تحرير فلسطين المقدمة من قائد القيادة العربية الموحدة للجيوش العربية الفريق علي علي عامر.
وكان هذا القرار في غاية السرية، ولكنه وصل فور إقراره إلى الولايات المتحدة الأميركية من قبل ثلاث دول عربية، لا تخفى أسماؤها على القارئ المتتبع، “الأردن، السعودية، المغرب” كما وصل في الوقت نفسه إلى حكومة “إسرائيل”.
المراجع والهوامش:
(1). مروان حبش: حرب حزيران 1967 .. مشروعات التحويل