وثائق سوريا

بيان حكومة ناظم القدسي الثالثة في أيلول 1950

بيان حكومة ناظم القدسي الثالثة التي تشكلت في الثامن من أيلول 1950 واستمرت حتى السابع والعشرين من آذار 1951م

نص البيان:

حضرات الزملاء المحترمين،

يشرف هذه الحكومة أن تكون أول حكومة تتألف تنفيذاً لأحكام الدستور الجديد الذي وضعته الجمعية التأسيسية والبلاد تنعم في ظلال الحرية والسيادة، فجاء محققاً لرغبات الشعب وحاجاته، ضامناً مصالحه وحقوقه، مسجلاً نهضته وتطوره، وهي إذ تتقدم إلى مجلسكم الموقر ببيانها ومنهاجها تضرع إلى الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لأن نفتتح في تاريخ سورية الفتية صفحة جديدة، ونتعاون بصدق وإخلاص وعزم موطد على أن لا نحط فيها إلا ما يرفع شأن أمتنا، ويمجد ذكر بلادنا.

والحكومة تشعر شعوراً عميقاً أن إنشاء سوريا الحديثة يستوجب مع الإخلاص في العمل، والصدق في القول، والاستقامة في السلوك تضافر جميع الجهود، وتجمع سائر القوى، وتكريسها لخدمة المصلحة القومية والصالح العام، وأن يسمو الأفراد والجماعات، ولاسيما قادة الفكر والعمل، عن الآفاق الضيقة، والرغبات الطارئة. لذلك فإن الحكومة ستمهد السبل للمواطنين، وتأخذ بالوسائل اللازمة، وتهيئ الجو الصالح، ليشعروا بمثل ما تشعر به، ليكون التعاون وثيقاً والتجارب مثمراً.

حضرات الزملاء المحترمين:

لقد تضمن دستور البلاد الجديد مبادئ وأسساً وأحكاماً للنهوض بأمتنا، وإصلاح أوضاعنا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، وتحقيق ذلك كله لا يحتاج فقط إلى الجزيل من الجهد، والوفير من المال، والمديد من الوقت، بل يحتاج أيضاً إلى تكريس كل إمكانيات الشعب والمجلس النيابي والحكومات المتعاقبة في تعاون وثيق، وعزم أكيد مستمر، وليس لهذه الحكومة أن تنثر لديكم كثيراً من الوعود، وتقدم بكم فيضاً من العهود، وحسبها أن تتعهد إليكم بأنها ستبدأ العمل، وتتعاون، وإياكم على الاستمرار فيه، ما بقيت حائزة على ثقتكم، واجدة فيكم التأييد والتعضيد، وهي ترجو أن يسرع مجلسكم الموقر في انتخاب اللجنة التي نصت عليها المادة 162 من الدستور لوضع النصوص التشريعية اللازمة لتحل محل القوانين المخالفة لأحكامه، وستبذل الحكومة أقصى الجهد لتسهيل مهمة هذه اللجنة وتزويدها بما تحتاج إليه من خبرة واختصاص، ومعامنتها المعاونة الواجبة.

تطبيق الدستور بنصه

ومن نافلة القول أن تعلن الحكومة بأنها سترعى بعين يقظة تطبيق الدستور بنصه وروحه، وهي في سبيل ذلك ستتولى الدراسات اللازمة وتضع البرامج الواجبة التي نص عليها الدستور لتنفذ خلال عدد محدود من السنين، وهذه البرامج تتناول:

1- القضاء على الأمية.

2- تعميم التعليم الابتدائي،وتوسيع التعليم الريفي، والمهني.

3- إنشاء مزارع نموذجية.

4- تعميم الخدمات الصحية والاجتماعية.

5- مكافحة الأمراض المستوطنة والسارية.

6- إنجاز أعمال التحديد والتحرير.

7- تحضير البدو.

مجلس المحافظات:

وستولي الحكومة عنايتها لتأليف مجالس المحافظات وتنظيمها بمشروع قانون تقدمه دون إبطاء لمجلسكم الموقر لتحقيق الأعمال التي نصت عليها المادة 129 من الدستور وتقدم أيضاً مشاريع القوانين اللازمة للضمان الاجتماعي وتأليف المجلس الاقتصادي ومجلس المعارف.

وترى الحكومة أن السياسة الاقتصادية هي المحور الذي يرتكز عليه العمل الإنشائي في مشاريع الدولة، وفي المشاريع الوطنية المختلفة، وستضع محدودة وتتقدم إلى مجلسكم الموقر بمشاريع القوانين التي ستحدد مراحل تنفيذها موارد تمويلها سواء أكان ذلك في الموازنة السنوية العامة أو في موازنات استثنائية.

وتعمل الحكومة على تنشيط الإنتاج الوطني، واستثمار خبرات البلاد وإمكانياتها الاقتصادية الواسعة التي تؤمن الرخاء العام للمواطنين، وتنمي الثروة القومية ويحقق التوازن بين الاستيراد والتصدير، والحكومة ترى أن المصرف الزراعي بوضعه الحاضر لا يؤمن الغاية التي أنشئ من أجلها فلابد من تزويده بالمال الكافي وإصلاح وضعه وستتخذ الحكومة الوسائل اللازمة، والتسهيلات الواجبة لتقوية التجهيز الصناعي وتوجيه لتأمين حاجات البلاد.

إصلاح الجهاز الحكومي

والحكومة عازمة على جعل الجهاز الحكومي فعالاً منتجاً لتسيير أعمال الحكومة ليشعر المواطنين بأن هذا الجهاز يؤدي لهم الخدمة الواجبة على أحسن وجه، وبالسرعة المرغوبة من غير إسراف ولا تبذير. وسنكافح العوامل التي تدخل الخلل في الإدارة، باستبعاد المداخلات ومختلف المؤثرات لاتي تفد الإدارة الحكومية وتعرقل استقامة عملها وانتظامه.

تقوية وسائل الدفاع

وسنولي عنايتنا لتقوية وسائل الدفاع عن حرية وطننا وسيادة أمتنا، وتحقيق التعميم والمساواة في شرف خدمة العلم بغية غرس حب النظام بين جميع المواطنين وسترعى الحكومة الحريات الدستورية رعاية كاملة، وتسهر على الطمأنينة العامة والأمن الداخلي الذي تنعم البلاد بظلاله الوارفة، وتفرض احترام النظام والقانون على الأفراد والجماعات ويصون حريات المواطنين وستقدم الحكومات مشروعات القوانين اللازمة لدعم سلطان القضاء وتنفيذ المبادئ التي نص عليها الدستور لتجعل من القضاء ضامناً لحقوق المجتمع والأفراد.

هذه هي الخطوط العامة لخطة الحكومة ولا يعني ذلك أنها لا تهتم الاهتمام الواجب بالمشاريع الإنشائية والعمرانية والأمور الأخرى التي هي قيد التنفيذ أو تحت الدرس كما أنها تعتزم تحقيق مجانية التعليم الثانوي.

الموازنة ستتأخر عن موعدها:

والحكومة لا تستطيع في أن تكون علاقاتها مع حكومات الأقطار العربية داعية للوئام والوفاق ووحدة الكلمة ضمن ميثاق جامعة الدول العربية.

وأما سياستها الخارجية مع بقية الدول الأخرى فستقوم على أساس ميثاق منظمة الأمم المتحدة بما يتفق ومصلحة سوريا وسائر الأقطار العربية.

جهود الشعب والمجلس والحكومة:

وختاماً فإن هذا البيان يبقى في مرحلة العهود و الوعود إذا لم تتضافر جهود الشعب والمجلس والحكومة على تنفيذ ما جاء فيه فواجب الحكومة يقتضيها ان تهيئ التشاريع اللازمة، ووجوه تمويلها وكيفية تنفيذها.

وواجب المجلس أن يسعى دون إبطاء لإقرار هذه التشاريع حتى تقوم الحكومة بدورها على حسن تنفيذها بصورة تضمن مصلحة الشعب.

ولن تستطيع هذه الحكومة ولا أية حكومة أخرى بدون هذا التعاون والتضامن أن تنتج أو تحقق للبلاد شيئاً مذكوراً.

وعلى هذا نطلب الثقة:

إن الظروف التي تمر فيها أمتنا تدعونا إلى أن نكون ضيفاً واحداً حتى نحقق لبلادنا العزيزة ما تنشده في ظل دستورها العتيد من سؤدد وتقدم ورخاء، ونحن إذ نتقدم لمجلسكم الكريم بطلب الثقة نتوسل إلى الله العلي القدير أن يسدد خطانا ويوفقنا إلى ما فيه مرضاته وخير أمتنا وبلادنا.

دمشق في 9 أيلول 1950م.

 

المراجع والهوامش:

(1). صحيفة البلد - دمشق، العدد 1017 الصادر في يوم الأحد العاشر من أيلول عام 1950م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى