اضراب السويداء تضامناً مع مصر عام 1951
في يوم الأربعاء ١٤ تشرين الثاني ١٩٥١ نفذت السويداء اضراباً عاماً تعبيراُ عن وقوفها الى جانب الشعب المصري في نضاله ضد الاستعمار البريطاني.
صحيفة الجبل نشرت خبراً عن ذلك الحدث فذكرت على احدى صفحاتها :
(اضربت السويداء صباح امس الاربعاء اضرابا شاملا عاماً استمر الى ما بعد الظهر مشاركة لمصر في نضالها ضد الاستعمار وللبلاد العربية في شعورها بإزاء القطر الشقيق . وشهدت تظاهرة كبيرة ، تعد في ضخامتها و نظامها او الذين اشتركوا فيها اروع ما شهدته من تظاهرات في تاريخها فقد اجتمع الاساتذة والمعلمون في الساعة التاسعة كما اجتمع عدد كبير من طلاب التجهيز على الرغم من انها لم تفتح بعد ومشوا بالتظاهرة يتبعهم طلاب المدارس الابتدائية واخترقت هذه التظاهرة التي تقدمها رجال التعليم شوارع المدينة الرئيسية ، ثم عادت الى ساحة دار الحكومة حيث القيت عدة خطب وواصلت بعدئذ سيرها الى ميدان مدرسة الاستقلال حيث تفرقت بعد ان استغرقت ساعتين من الوقت دون وقوع اقل حادث وكانت الهتافات ضد الاستعمار تتعالى طوال الوقت .
وقد بدأ الكلام امام دار الحكومة الاستاذ صالح ابو الحسن بكلمة ألم فيها بسيرة الاستعمار البريطاني في مصر ، وحمل على بريطانيا وغيرها من دول الاستعمار ثم تحدث عن مشروع الدفاع المشترك فتجبه قائلا انه اسوأ من الاستعمار وفند مزاعم دوله وذكر اساءات كل منها للعرب، وهي معروفة تتحدث عن نفسها، وطالب الحكومات العربية بان تستجيب لرغبات الشعوب وترفض كل مشروع استعماري مهما كان شكله ولونه ، وعقبه الاستاذ صياح ابو عسلي فارتجل خطاباً حماسياً استهله بابيات من الشعر ، وقد تساءل ما معنى الدفاع المشترك ، وضد اي عدو هو وهل للعرب عدو غير هؤلاء الذين يدعونهم للاشتراك في المشروع وهل هنالك اقبح وافظع من مشروع يقيد البلاد العربية كلها بقيود الاستعمار ويضعها بجانب اسرائيل عدوتها و مغتصبة افضل بقعة من بقاعها ، ثم دعا الشعوب العربية الى الوقوف بجانب مصر الى النهاية قائلا انها تستطيع ان تفعل الكثير لاجل ذلك وان تقاطع الاستعمار و تطرد ممثليه من بلادها وترد عليه بعقد معاهدة صداقة وعدم
اعتداء مع روسيا التي لم تسيء الى العرب قط، وعقبه السيد محمود نوفل بكلمة حماسية ايضاً حمل فيها على من قال( اننا لا نستطيع ان نقدم شيئاً لمصر الا الكلام ) وقال بل نستطيع ان نقدم لها الدماء والارواح لان قضيتها هي قضية العرب جميعاً ، وثورتها ثورة العرب كلها ، ثم اعلن ان الكلمة للاستاذ كامل الحسيني مفتش المعارف فوقف مخاطباً جماهير المتظاهرين والطلاب بلقب ( الاشبال وابناء الاسود ) وجال جولة موفقة في الحملة على الاستعمار مؤكداً ان الشعوب العربية لن تستكين بعد الان ، وان العرب ليسوا لقمة سائغة يستطيع الاستعمار ابتلاعها بل هم لقمة خشنة تقطع احشاءه وتجر عليه الدمار ، ثم وعد الطلاب بابلاغ
شعورهم للمسؤولين.
وعندما انتهى الاستاذ الحسيني من خطابه ارتفعت الأصوات تطلب كلمة من عطوفة المحافظ الاداري الاول في المحافظة وممثل الدولة فيها ولكن لم يستجب احد لذلك لان المحافظ لم يكن هناك مع انه كانت قد مرت ساعة كاملة على وقوف المتظاهرين امام دار الحكومة ، فكان ذلك مثار شعور غير حسن نحو عطوفتــــــه ولا سيما انه انبيء بقيام التظاهرة منذ الصباح وشوهد في اثناء طوافها الاسواق مارا ومعه قائد الدرك امام دار الحكومة ، لذلك كان المنتظر من عطوفته ان ينتظر المتظاهرين ويستقبلهم مهما كانت مشاغله ، لانه مسؤول عن حسن التوجيه كما هو مسؤولا عن الادارة
ونحن اذا ألمحنا الى ذلك فلاننا نريد ان نصدق عطوفته القول ، ولانه ساءنا ما سمعناه من تعليقات ذوي القيمة
والشأن من المتظاهرين على غيابه في مثل هذه المناسبة القومية العظيمة ولا سيما انه ليس هنالك رئيس ديوانينوب عنه.
هذا وقد ارسلت عقب المظاهرة الى المراجع المسؤولة في العاصمة البرقيات الاتية :
۱ – ابناء جبل العرب المتظاهرون يعلنون استعدادهم للدفاع في سبيل مصر ويرفضون الدفاع المشترك الاستعماري ويستنكرون تصريحات حسن الحكيم وتخاذل محافظ السويداء لعدم مقابلة المتظاهرين .
٢ – مدارس صلخد المضربة تستنكر العدوان البريطاني على الشقيقة مصر وتنتصر لها) .