وثائق سوريا
كلمة شكري القوتلي في افتتاح مؤتمر الملوك والرؤساء العرب عام 1956
كلمة الرئيس شكري القوتلي في افتتاح مؤتمر الملوك والرؤساء العرب عام 1956م.
نص الكلمة:
ليس بمستغرب أن نشكر جميعاً فخامة الرئيس كميل شمعون على الدعوة التي وجهها إلى هذا الإجتماع في سبيل جمع الشمل، وتوحيد الكلمة، إذ أن فخامته يمثل هذا البلد الطيب الذي عرف أنه بلد الإشعاع والقومية، منذ أبعد السنين، وكان ومازال يحمل مشعل النور في وعيه القومي.
أصحاب الجلالة صاحب الفخامة إخواننا:
لا يسعنا إلا أن نقدم الشكر الجزيل إلى صاحب الفضل في دعوتنا إلى هذا الاجتماع الذي نعتبره موفقاً ومباركاً وميموناً بحول الله، هذا الاجتماع الذي يعقد اليوم على مستوى عال هو الأول من نوعه في هذه الظروف ونرجو أن يكون الأول أيضاً في تحقيق أهداف الأمة العربية وتحريرها بقية أقطارها ليتاح لها في يوم قريب إن شاء الله أن يجتمع ممثلوها معنا جنباً إلى جنب فإلى فخامة الرئيس كميل شمعون أوجه الشكر كما أتوجه بالشكر إلى أصحاب الجلالة ملوك العرب الذين تفضلوا وشاركونا في هذا الاجتماع.
وإذ كان سيادة الرئيس جمال عبد الناصر رئيس جمهورية مصر وقائدها ليس معنا الآن بسبب الظرف الخاص الذي تمر به الشقيقة مصر فإننا لنبعث إليه بالتحية من مكاننا هذا لأنه أدى للقضية العربية والقومية العربية خدمات جلى وكان من أهداف الاجتماع بل في مقدمة أهدافه معالجة الوضع الراهن في مصر والعدوان الذي تعرضت له كما أنه من أهم بواعثه يقظة رجال الحكم وحماستهم ووعي الشعوب العربية والشدائد التي تنزل بها ونرجو أن يكون الخير كل الخير وراء هذه الشدائد وبالشدة يمتحن عزم الرجال.
من هنا نتصل اتصالاً مباشراً بالوضع الذي ثارت فيه روح القومية العربية شعوباً وحكاماً، ورجالاً ونساء ونتطلع إلى صور من البطولة الرائعة في نضال مصر ضد دولتين كبيرتين وضد إسرائيل ربيبتهما، فقدمت الضحايا على مذبح الحرية والسيادة دفاعاً عن القومية العربية، فهي بذلك لم تدافع عن سيادتها فقط بل عن سيادة العرب قاطبة فإلى تلك البطولة العربية في أرض مصر نبعث التحية وحداداً على أرواح الشهداء الأبرار نقف دقيقة واحدة في مطلع اجتماعنا هذا. (وقف الملوك والرؤساء بخشوع دقيقة واحدة).
إننا إذ نذكر أرواح هؤلاء الشهداء ونؤكد سخطنا ونقمنا واستنكارنا على الذين سببوا هذه الضحايا وبيتوا هذا الاعتداء الغادر المشين، نذكر أيضاً إن الأمة العربية يا أصحاب الجلالة ويا صاحب الفخامة تجتاز وضعاً دقيقاً في تاريخنا الحاضر ولا أقول وضع محنة فالوضع وضع دفاع مجيد عن سيادتها وكرامتها، ولذا وجب عليها أن توطد العزم وتشحذ الهمم لتكون على استعداد لمقاومة كل ما يمس سيادتها وعزتها وإننا لنحمد الله على ما نشاهد من هذا الوعي العربي وما يتجلى لنا في نضال هذه الأمة من ايمان وحماس وقوة والدفاع في أحياء تاريخها ومجدها وتأدية رسالتها رسالة الحضارة، رسالة تليق بها وبمكانتها.
أعود فأقول نحن في وضع لا نسميه محنة ولا غنى لنا عن أن نجتاز مثله طريقاً إلى تحقيق سيادتنا فهذا التجاوب بين جميع البلاد العربية من الخليج حتى الأطلسي ترفع فيه الأعلام في ساعة واحدة ويضرب الناس فيه في وقت واحد معاً هذا التجاوب بالشعور القومي في أيام الشدة نعتره فالاً حسناً ونستبشر به كل الاستبشار ولن تستطيع إسرائيل فصل العرب في آسية عن إخوانهم في أفريقية وتشتيت وحدتهم وإعاقة سيرهم والتجربة القاسية التي قاستها الأمة العربية في محنة فلسطين لن تعاد ولن تتكرر بإذن الله بعد أن استيقظ الشعور القومي وأدرك الجميع أن وضع هذا السرطان في قلب الأمة العربية كان عملاً فاشلاً وأمامنا المثال الواضح على فشل هذه المحاولات في العدوان الأخير على مصر حيث بيتت الشر لنا دولتان كبيرتان بالاتفاق مع إسرائيل على بدء العدوان على الأراضي المصرية ثم تدخلتا لمساعدة المعتدي ضد المعتدى عليه بحجة حماية الأمن وحماية مصالحها ونحن إزاء هذه المؤامرات والمحاولات المكشوفة سنقدم كل تضحية ونركب كل مركب وعر للدفاع عن سيادتنا وكرامتنا وقوميتنا ونرجو أن تتحقق أهدافنا بأسرع ما يمكن.
لقد تلقينا دروساً بالغة من العدوان المبيت على مصر، أهما: ان جميع العرب جابهوا الموقف مع مصر جبهة واحدة بل تألب معنا العالم بأسره ضد المعتدين ولولا هذه الجبهة العربية الواحدة لأصيبت القومية العربية بأذى كبير وإننا لنحمد الله على أن كيد من أراد بنا السوء قد رد إلى نحره وانتصرت الفكرة القومية العربية وان قوى الشر لم تتمكن من التغلب علينا ونحن بحول الله أقوياء بايماننا وعزائمنا وقادرون ان نعد انفسنا أحسن اعداد لمجابهة كل ما يراد بنا من أذى وكيد وعدوان.
أما جدول الأعمال المعروض أمامنا في هذا الاجتماع هو برنامج قيم حافل بشتى المواضيع التي يجب أن تحاط بالدرس بكل عناية واهتمام ولهذا فإني اقتراح أن تؤلف لجنة تضم المسؤولين من ممثلي الحكومات العربية لدراسة هذا الجدول وتقديم تقرير عاجل يعرض على رؤساء الدول المجتمع هنا على أن يتم هذا الدرس بأسرع ما يستطاع وعلى أن نجتمع بعد ظهر هذا اليوم لاستئناف الاجتماع والبحث لأن السرعة من مقتضيات هذه الظروف، ليكون كل منا في بلده وعلى رأس عمله وواجباته.
مكرراً الشكر لفخامة الرئيس اللبناني وأصحاب الجلالة والملوك وأعضاء الوفود المحترمين.
المراجع والهوامش:
(1). صحيفة بردى - دمشق، العدد 2204 الصادر يوم الأربعاء الرابع عشر من تشرين الثاني 1956
المراجع والهوامش:
(1). صحيفة بردى - دمشق، العدد 2204 الصادر يوم الأربعاء الرابع عشر من تشرين الثاني 1956