التراث اللاماديمحافظة دمشق
الحماة والصهر .. من الحكايات الشعبية الشامية
الحماة والصهر .. من الحكايات الشعبية الشامية
توثيق الباحث نزار الأسود
كان ياما كان حتى كان، ننام وإلا نصلي على النبي العدنان، حتى كان، كان في قديم الزمان امرأة فقيرة ولها ثلاث بنات يغزلن، ويأكلن من غزلهن، فدعت الأم ربها ذات ليلة أن يبيض بخت بناتها بزيجة جيدة.. فاستجاب الله تعالي دعاءها، وحقق أمنيتها، وتزوجت بناتها، وجاءها كل عريس أحسن من الآخر.
وظلت الأم وحيدة في البيت وهي تسمع الناس يقولون.. جاءت ستي الكبيرة راحت ستي الكبيرة.. وتتردد على أذنها عبارات مثل بنت أحمى أخي، وحماة ابني وحماة أخي.. فأحبت أن تقوم بزيارت لبناتها.. حتى تنادى بمثل هذه العبارات وتنال ما تستحق من تقدير وتعظيم، وأخذت معها هدية، واشترت فجلاً بفرنك، وبفرنك آخر قضامة.. وذهبت إلى بيت البنت الأولى.
البنت بهدية أمها الفقيرة، وأخفتها.. وقالت لأمها: تفضلي على الأكل، وكان الوقت صباحاً، فقالت الأم بحياء: الحمد الله أنا آكلة وشبعانة. وكانت العادة أن من العار أكل الحماة عند الصهر.. كذلك استحت الأم من طول زيارتها.. والمثل يقول : (لا تقعدي عند الصهر من الصباح للظهر)، ومع ذلك ظلت حتى العشاء.
وعند العشاء، جاء صهرها، والرجل لا يعود إلا مساء ومُدت المائدة، وأكلوا وشبعوا إلا الأم، فكانت تقول لا أعرف (لم نفسي تعاف الطعام)؟ وبعد السهرة جاء وقت النوم.. فنامت جائعة، بيد أنها تسللت في الظلام إلى المطبخ..!! وكان الأكل يوضع في ما يسمى (القبق) وهو طبق من شبك يعلق في السقف، فأخذت تأكل من اليبرق ومن السجق حتى امتلأت.
ووجدت الأم السجق طيباً، فأخذت منه، ولفت على رأسها ووضعت طاقيتها فوق لفائف السجق، ووضعت غطاءها ثم أوت إلى فراشها وبعد مدة شمّت قطة الببيت “شامة” رائحة السجق، فجاءت تتبعها قطط شرسة، وفجأة كان الهجوم على رأس الحماة وسُمع المواء.. وكان التقطيع والتنتيف والمعركة بين الحماة والقطط.
استيقظت البنت والصهر على تلك الضجة.. وحارت البنت! يالها من فضيحة وما تفعل بفعلة أمها .. فقالت الأم: أعطني قضاماتي وفجلاتي، ولبست وودعت ابنتها الأولى إلى ابنتها الثانية.
وكانت ابنتها الثانية، أفضل جاهاً من ابنتها الأولى، فرحب بها الصهر ويا امرأة عمي.. ويا امرأة عمي! ما أحلاك وما أظرفك.. فأعطت ابنتها القضامة والفجل..
وعند الأكل قالت الأم لابنتها، لقد وصل الأكل من كثرته إلى أنفي.. وهكذا بقيت بلا طعام، وفي الليل نهضت إلى المطبخ فوجدت سحارة مشمش فأكلت منها، وأكلت ولكن أين تضع بزر المشمش حتى لا تنفضح؟ فوضعته أخيراً في فمها ونامت.
وعند الصباح نظرت البنت فوجدت فم أمها متورماً، فحسبت أنّ بها مرضاً، فأيقظت الجميع، ثم أحضرت الطبيب في النهاية، وهو يلبس الأبيض ما يعدم- ونظر الطبيب فقال: الأم مصابة بداء خطير اسمه داء البزر.. وأنا لن أعالجها إلا إذا دفع لي عشر ليرات ذهبية.. فما كان من البنت إلا أن دفعت عشر ليرات ذهبية فوراً، وهنا ضرب الطبيب الأم بكلتا يديه على خديها فتناثر بزر المشمش على الجميع، وأفسد على الطبيب رداءه الأبيض، وهنا خجلت البنت من تصرف أمها فقالت الأم لابنتها أعطني فجلاتي وقضاماتي وذهبت لعند ابنتها الثالثة.
وكانت ابنتها الثالثة أفضل وجاهاً من الجميع.. فأخذت فجلات الأم وقضاماتها وأحسنت استقبالها.. وضيافتها، وكانت كلما وضعت الطعام تعتذر الأم وتقول إني غير جائعة. وهي تشتهي الكبة وأطايب الطعام.
وفي الليل، كالعادة، نهضت الأم وسعت إلى المطبخ، حيث كانت الكبة في القبق، ولكن لم تستطع الوصول إليها فوضعت الطناجر طنجرة فوق طنجرة حتى وصلت إلى القبق، وتعلقت به ومدت يدها إلى الكبة، وفجأة سقطت الطناجر على الأرض وأحدثت ضجة هائلة أيقظت أهل البيت جميعاً. وأنقذت الحماة نفسها من السقوط ومتعلقة بالقبق. وعندما دخل الصهر والبنت إلى المطبخ، كانت الطناجر مبعثرة في الأرض والحماة معلقة بالقبق في وسط المطبخ.
وتوتة توتة .. خلصت الحتوتة.. حلوة أما مفلوتة
انظر:
الحكايات الشعبية في الساحل السوري