المؤسسات التعليميةمحافظة دمشق
المدرسة العادلية الكبرى
مدرسة العادلية مثال الحضارة العلمية والعمرانية لدمشق
تقع المدرسة العادلية في منطقة العمارة الجوانية بدمشق القديمة في حي باب البريد ، وتنسب للملك العادل سيف الدين، شقيق صلاح الدين الأيوبي ،وقد بقي بعده نحو ربع قرن يقارع الغزاة الفرنجة، وتأثر عندما سقطت دمياط بأيديهم سنة 615هـ، وتوفي بسبب هذا الحدث، ونقل رفاته في بعد أربع سنوات إلى تربته في العادلية الكبرى.
أول من باشر ببناء المدرسة نور الدين الشهيد في سنة 568هـ, ثم توقف العمل بها بعد وفاته،وفي سنة 612هـ أزال العادل ما بناه نور الدين, وبنى المدرسة على هيئتها التي نشاهدها اليوم، وتوفي قبل أن تكتمل, فأتمّها ولده المعظم سنة 619هـ.
وتعد المدرسة نموذجاً لعمائر العصر الأيوبي ، من حيث التخطيط ورصانة البناء، والعناصر المعمارية المتقنة ،فالحرم مستطيل ،وجدرانه من الحجر المنحوت، وسقفه هرمى .
وتتوسط الواجهة الشرقية بوابة المدرسة المؤدية إلى دهليز يطل على صحن المدرسة مربع الشكل تتوسطه بركة ماء،وتمثل البوابة هندسة فريدة لا تشبه البوابات المألوفة في العصر الأيوبي، وتتألف من فجوة ترتفع بارتفاع الواجهة الحجرية.
ويحيط بالصحن من الجهة الجنوبية المصلى وهو قاعة مستطيلة، كانت مسقوفة بثلاثة أقبية متقاطعة مازالت آثارها باقية وفيها محراب مزين بمقرنصات.
ولا تزال أقسامها الرئيسية وعناصرها الأساسية تحافظ على وضعها الأصيل،ومن ذلك واجهتها الشرقية والجنوبية وبوابتها وصحنها وتربة منشئها وواجهة الحرم وبعض إيوانها الكبير الشمالي.
وكانت المدرسة العادلية أول مقر للمتحف الوطني حين تأسيسه عام 1919 ،ثم أصبحت في الثلاثينيات مقرا لمجمع اللغة العربية ولا تزال المدرسة الآن بإشراف المجمع بعد انتقال مقره إلى بناء حديث.
وقد شهدت المدرسة العادلية خلال تاريخها الطويل أحداثاً جساماً ،ودمرت مرتين على يد التتار والمغول وكانت يعاد بناؤها بعد كل نكبة .
ونزل في العادلية عباقرة كثر من العلماء والفقهاء والأدباء, فكانت سجلاً للتاريخ العلمي لدمشق عبر العصور، وممن عمل فيها أبو شامة مؤلف (الروضتين في تاريخ الدولتين)وابن خلّكان مؤلف (وفيات الأعيان ) وابن مالك صاحب الألفيّة، وفيها نزل ابن خلدون يوم حلّ بدمشق.
وفي العصر الحديث استقبلت المدرسة بصفتها مقرا لمجمع اللغة العربية كبار الأدباء والمفكرين والشعراء العرب ،وألقوا قصائدهم على منصة قاعتها الجنوبية،ومنهم أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وخليل مطران،ومن السوريين محمد كرد علي وعمر أبي ريشة وشفيق جبري.
وقد جرى خلال السنوات الأخيرة ترميم وتجديد المدرسة،ونقلت إليها مقتنيات المكتبة الظاهرية حين ترميمها ،وهي تشكل اليوم مع الظاهرية مجمعا ثقافيا في قلب دمشق القديمة.
المراجع والهوامش:
(1). محمد قاسم الخليل- التاريخ السوري المعاصر
المراجع والهوامش:
(1). محمد قاسم الخليل- التاريخ السوري المعاصر