مقالات
كيف آلت الهيجانة إلى الايبش؟
كيف آلت الهيجانة إلى الايبش؟
(تتواتر الروايات المتناقلة بين أجيال الفلاحين على أن أراضي الهجانة الواقعة إلى الشرق من دمشق على حدود البادية كانت وقفاً للحرمين الشريفين.
ثم انتقلت السيطرة عليها إلى متولي الوقف صالح الرجلي، الذي باع القرية إلى أمير الحج سعيد آغا شمدين، ومنه انتقلت ارثاً إلى أمير الحج عبد الرحمن باشا اليوسف، وأخيراً استقرت في يد حسين الايبش مع بقاء قسم من الأراضي ملكاً لآل اليوسف.
الاستثمار والتهجير:
عندما كانت الهيجانة في منتصف القرن التاسع عشر وقفاً قدم الفلاحون 12.5% من محاصيل الحبوب أي ضريبة العشر، التي ذهبت للانفاق على خدمة الحرمين الشريفين، ومعلوم أن متولي الوقف كانوا يتلاعبون في الحسابات.
ويحصل على القسم الأكبر من المحصول ولا يرسل لمستحقي الوقف إلا النزر اليسير.
وبعد أن اشترى سعيد باشا شمدين الأرض من “الرجلي” طالب الفلاحين بدفع 40% من المحصول، فرفض الفلاحون، وأعلنوا أنهم لن يدفعوا أكثر من 25% من المحصول.
وأخيراً اتفق سعيد باشا مع الفلاحين على أخذ 35% من المحصول وحتى يتمكن سعيد باشا من السيطرة على الفلاحين، ومنعهم من المطالبة بزيادة حصتهم قام بتهجير بعضهم لتأديبهم، ثم صالحهم، وتحديداً في أيام الحكومة الفيصلية.
لقد ظن الفلاحون أن رحيل الأتراك، معناه أضعاف سندهم عبد الرحمن باشا، فرفضوا دفع 35% من المحصول، وطالبوا بإنزال النسبة إلى 25% فما كان من عبد الرحمن باشا إلا أن قام بسجن بعضهم وهجر البعض .
وفي عام 1931 وقع خلاف ما بين حسين الايبش والفلاحين (الوجهاء) في الهيجانة، ولكن المليس “عسكر المستشار الفرنسي” سرعان ما هجرت الفلاحين المحتجين وتكررت مساعدة المليس لإقطاعي الهيجانة عدة مرات ويبدو أن قسماً من فلاحي الحصة “الفلاحين” في الهيجانة لم تكن أوضاعهم سيئة بفضل ما تدره عليهم عملية تربية المواشي، ولاشك أن إقطاعي الهيجانة استخدم أساليب متنوعة ومتناقضة احياناً.
وعلى الرغم من حرصه الشديد في الحصول على حصته مع الآتاوات، كان معروفاً عنه الكرم أمام الغرباء والتعامل وفق أساليب فروسية العصور الوسطى.
لم يكن حسين الإيبش مالكاً للهيجانة فقط بل ملك أيضاً البيطارية التي استقدم فلاحيها من الساحل.
ويلاحظ أن فلاحي الهيجانة تحدروا من بدو البقارة ورولة وولد علي وتميزوا بالصفات البدوية الممزوجة بالطباع الفلاحية، ووقف بعضهم ضد اقطاعي الهيجانة بأشكال مختلفة، أما فلاحو البيطارية فكانوا مسالمين لم يرفعوا راية النضال في وجه الإقطاع.
ويعود السبب إلى كون فلاحي البيطارية غرباء أصلاً عن المنطقة، أتى بهم قبل الحرب العالمية الأولى عبد الرحمن اليوسف من الساحل السوري، وأسكنهم في البيطارية، التي كانت تروى من نهر الأعرج.
وفي الأرض المروية أخذ المالك 40 % من المحصول والسخرة الرئيسية التي فرضها الايبش على فلاحي الهيجانة والبيطارية هي كري الأنهار واستصلاح الأراضي.
والغريب أيضاً أن الايبش فرض السخرة أيضاً على فلاحي دير سلمان أصحاب الملكيات الصغيرة، وكأننا هنا أمام دويلة إقطاعية تمارس سلطتها على الفلاحين.
المراجع والهوامش:
(1). بطاطو (حنا)، صـ 517
(2). حنا (عبد الله)، تاريخ الفلاحين في الوطن العربي، ونضالهم في القطر العربي السوري، المرحلة المعاصرة، المجلد الرابع، منشورات الاتحاد العام للفلاحين، طباعة دار البعث، صـ 504
المراجع والهوامش:
(1). بطاطو (حنا)، صـ 517
(2). حنا (عبد الله)، تاريخ الفلاحين في الوطن العربي، ونضالهم في القطر العربي السوري، المرحلة المعاصرة، المجلد الرابع، منشورات الاتحاد العام للفلاحين، طباعة دار البعث، صـ 504