You dont have javascript enabled! Please enable it!
من الصحافة

من صحف 1956 – حكومة العراق لماذا تظل تكيد لسورية؟

من صحف 1956 – حكومة العراق لماذا تظل تكيد لسورية؟

كل من يلقي نظرة عابرة مجردة على السياسة التي يفرضها أقطاب الحكومة العراقية على هذا القطر الشقيق يشعر في أعماقه بالألم يحز في نفسه، ويدرك أن العراق الذي يتمنى له كل عربي الخير والتقدم تعمل حكوماته ما في وسع أقطابها لتطبيق سياسة عربية شاذة لا تدري ماذا يهدف من ورائها.

وليس هناك ما يمنع أي قطر عربي من أن يسعى لما فيه الخير للقطر العربي الآخر، وأن يساعده على الاستقرار والهدوء، وأن يهب لنجدته والدفاع عن كيانه. وأما أن يتدخل في شؤونه مثل هذا التدخل الذي يحكم استقلاله، ويقضي على استقراره، فذلك أمر لا يمكن تفسيره إلا بأنه لغير العرب ومصلحة العرب!

إن سورية وهي في الخط الأول من جبهة العرب تنتظر من العراق أن يكون الشقيق المخلص الذي تشعر حكوماته بحراجة موقفها وأن لا يتدخل في أمورها، وأن يترك رجالها يعالجون الخطر الذي يهدد العالم العربي.

وإذا كان لحكومة العراق أن تمد أصبعاً، فليكن هذا الأصبع معواناً لسورية في نضالها لا أصبع شر يثير الفتن، ويحيك المؤامرات، وينشر الفوضى والانحلال.

وإذ كان حكام العراق قد ساروا في سياستهم الداخلية بوحي أجنبي يدير دفتهم مع رياحه، فهل من الضروري أن يحاولوا فرض هذا الوحي الأجنبي على غيرهم، ولماذا لا تكون العلاقات بين سورية والعراق علاقات الأخ الشقيق الذي يضمر الخير لأخيه، بل لماذا لا تكون علاقة العضو للعضو في الجسم العربي الواحد.

لقد كثرت مظاهر هذا الكيد لسورية وزادت عن الحدود المألوفة حتى بين الخصوم الشرفاء، وطال عهد هذه المكائد حتى أربى على عشر سنوات وكلما نجت سورية العربية من مكيدة وجدت أمامها مكيدة أخرى تنتظرها لتنال من عزيمتها، وتقعد بها عن الركب، وتحيد بها عن طريق الاستقرار والتقدم، وتلتفت سورية حولها لتعرف أسباب هذا الشر فلا تدري لها ذنباً سوى أنها تقف شوكة في حلق الأجنبي، وصخرة في وجه الصهيونية فمن الذي يستفيد من ضعف سورية ومن الذي يهمه أن تسقط سورية لقمة سائغة في أفواه الطامعين؟

لقد ثبت بما لا يقبل الشك أن الدسائس التي تحاك ضد سورية تحاول أن تعصف بها من جميع الجهات  ولكنها تأتي من مصدر واحد فهناك مناورات سياسية ترمي إلى إرغام الشعب السوري للانضمام إلى اتحاد زائف يريده الأجنبي لوضع العرب تحت سيطرته. وهناك فتن تدبر في سورية بتشجيع من الخارج لإضعافها، وجرها إلى أحضان هذا المشروع الفاشل.

وكل من يطلع على ما جرى في السنوات الأخيرة يعرف أن السيد نوري السعيد قد جاء إلى سورية في سنة 1949 يعرض على الزعيم حسني الزعيم اتحادها مع العراق، وخلق عرش فيها فلما عارض الزعيم قامت حكومة العراق بخلق حركة اللواء سامي الحناوي وكادت تصل إلى مطامعها لولا اقصاء الحناوي وجماعته عن الحكم.

ثم قامت حكومة العراق بتأليف حكومة سورية الحرة في عام 1953م، وصرفت على هذه الحركة مبالغ طائلة، ثم ارادت التدخل أثناء الإنقلاب الذي جرى ضد الشيشكلي وجهزت قطعاتها على الحدود للزحف على سورية.

كل هذه الأعمال جرت بصورة علنية، وكانت ترمى كلها إلى إحداث البلبلة والاضطراب في صفوف الشعب السوري، ولكنها باءت بالفشل، وصمد الشعب السوري أمام هذه الطعنات التي سددتها إلى صدره حكومة قطر شقيق واستقبلها برحابة صدر.

وأخيراً جاء دور المؤامرات التي تحاك في الظلام، واحتضن حكام العراق حركة السوريين القوميين، وأغدقوا عليهم الأموال والحماية.

وليت الأمر وقف عند هذا الحد في ازعاج سورية، وجعلها تعيش في حياة قلقة، لقد تعدى بها الأمر إلى الضغط على سورية بواسطة جارتها للتأثير على معنويات الشعب السوري، بل إن الأمر وصل إلى أبعد من ذلك بأن عمدت حكومة العراق إلى استثجار بعض ضعاف النفوس وأقلامهم في داخل سورية بقصد القضاء على استقلالها.

وهكذا فإن أقطاب العراق ينفقون ملايين الدنانير من أجل محاربة الاستقرار في سورية بدلاً من صرف هذه الملايين على رفاهية الشعب العراقي ورفع مستواه الاجتماعي.

ونتسائل ما هي الناحية التي تركها حكام العراق دون أن يطعنوا منها سورية، مادامت حكومة العراق توعز إلى رجالها الدبلوماسيين في الخارج لتشجيع كل عمل يقوم به سورية وأعداء جيش سورية، وماذا تركت حكومة العراق مادامت تطلب من رجالها الدبلوماسيين وضع سياراتهم الدباوماسية تحت تصرف أعداء سورية ينقلون فيها نشراتهم وكتبهم، ومادامت قد أوعزت لبعض عملائها بتأليف حركات حزبية في داخل سورية لمحاربة الاستقلال السوري، ومادام الملحق العسكري في دمشق الموجود حالياً في بيروت يتصل بالعناصر المناوئة للحكومة السورية، ويشجعها مادياً ومعنوياً على حياكة الدسائس ضد سورية، وجيشها الباسل الذي يضحي بأرواح رجاله من أجل الدفاع عن أرض العرب؟

وبعد فما هي الغاية من وراء كل هذا؟ وماذا تريد حكومات العراق وتطلب من وراء هذه السهام التي تسددها إلى قلب قطر عربي، بدلاً من تسديدها إلى أعداء العرب؟

وما هي المطامع التي تدور في رأس نوري السعيد؟ ألعله يريد أن يلهي الشعب العراقي في شؤونه الداخلية وإظهار سورية أمامه بمظهر الفوضى وعدم الاستقرار ليحمد الله على الاستعباد الأجنبي الذي يعانيه ويرضى به؟

إن سورية التي تكن للشعب العراقي كل حب وإخلاص، وتتمنى له انتفاضة تنقذه من أصابع الأجنبي وأعوان الأجنبي تعلم جيداً أن هذا الشعب العراقي الشديد يعيش تحت نير الطغيان، وأن شعوره نحو سورية هو شعور الأخ الصادق الذي يتعاون مع أخيه في السراء والضراء، ويتمنى أن تزول الظروف التي تحول في الوقت الحاضر دون تحقيق الوحدة المنشودة المبينة على الإخاء والمساوات في ظل الحرية.

المراجع والهوامش:

(1). صحيفة بردى - دمشق، العدد 1953 الصادر في يوم الأربعاء الرابع من كانون الثاني 1956



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى