من الصحافة
من صحف 1928- اللاذقية بين عاملي الانفصال والاتصال
المسيو دي كه يستفتي اللاذقيين بين عاملي الانفصال والاتصال.
كتب إلى المقتبس:
في مطلع شهر أيار 1928 وصل إلى اللاذقية وفد فرنسي برئاسة المسيو دي كه لاستطلاع آراء الأهالي في اللاذقية حول موضوع الوحدة – السورية.
واجتمع الوفد الفرنسي مع كل طائفة أو فئة في اللاذقية على حدا.
وقد قابله وفد المسلمين الذي تشكل من المفتي والوجهاء : عبد الواحد هارون، عبد القادر شريتح، مجد الدين أزهري، وتخلف عن الاجتماع القاضي العجان لأنه لم يشأ أن يشترك بطلب الوحدة.
تكلم عبد الواحد هارون باسم الوفد، وعندما سأله المسيو دي كه عن رأيهم في الحالة الحاضرة، فأجاب أن رغائبنا ومطالبنا طالما اسمعناكم إياها وأسمعناها للعالم أجمع وهي أننا نرى في هذه التجرية ضرراً عظيماً على البلاد بل فيها الخراب بعينه مادة ومعنى وأن لا حياة للبلاد إلا بأن تعد إليها وحدتها السياسية والاقتصادية والإدارية، وأن يكون للبلاد السورية جميعها دستور واحد، ومجلس واحد وقوانين واحدة تدار على أصول الولايات ذات الصلاحية الواسعة بقدر ما تقتضيه الحال.
فأجابه المسيو دي كه أنني أشكركم على هذه الصراحة وهذه الصراحة وهذا ما كنت انتظر أن أسمعه منكم، ولو سمعت خلافه لشككت باخلاصكم لقضيتكم، ولو كنت واحداً منكم لما قلت غير ما تقولون، ولكن أحب أن تبسطوا لي نظريتكم والأسباب الداعية إلى نفوركم من هذا الشكل الانفصالي الذي تتبرمون منه؟
فأجابه عبد الواحد هارون قائلاً: (أن هذه التجزية قد ألحقت بالبلاد ضرراً اقتصادياً لأنها عدا عن أنها تتطلب زيادة نفقات باهظة فإنها تفصل بين البلاد معنوياً فتفكك عرى الرابطة الاقتصادية وتوجد عقبات تحول دون إنماء ثروة البلاد العامة ناهيك عن أن الشعب يعجز عن القيام بما تقتضي به مصاريف هذه التشكيلات الإدارية الواسعة، وما يتطلبه حاجة البلاد من وسائل العمران فإن المكلف في هذه البلاد يدفع أضعاف ما تتحمله حالته المادية والاقتصادية.
وأما من الوجهة الاجتماعية فقد قضيتم عليها القضاء الأخير في هذه التجزئة سيما في هذه المنطقة فأنكم الفتموها من أكثرية قروية، فقد سلختم قسماً طبيعياً عن لواء طرابلس، ومثله عن لواء حماه، وضممتوها إلى لواء اللاذقية، وشكلتم من كل ذلك منطقة أطلقتكم عليها اسم “دولة العلويين” فأوجدتم بذلك النعرة الطائفية والمذهبية، وبما أن معظم بل جميع أنباء هذه الطائفة قرويون فهم بالطبع أقل رقياً وعلماً من سكان المدن الذين جلهم من المسلمين والمسيحيين، وبذلك وضعتم الأقلية الراقية التي تفهم معني الحياة السياسية والإجتماعية والتي هي صاحبة الثروة العامة في هذه المنطقة، وهي التي تدفع معظم التكاليف والضرائب تحت رحمة وبين يدي هذه الأكثرية المتأخرة في كل شيئ، وأوجدتم لها هذا الأسم المذهبي المشتق اشتقاقاً جديداً فأصبح معظم العلويين مع جهلهم يظنون أنهم هم وحدهم أصحاب البلاد وما سواهم دخيل عليها، ونحن فضلاً عن نفرتنا من هذه التجزئة، فإننا لا نقبل أن يطلق علينا “علويون” لأننا لسنا بعلويين.
ومن أغرب الأشباء في هذه السياسة الخرقاء تسمية هذه المنطقة بهذا الأسم المذهبي على أنه لا يوجد قطر في العالم لا تكون فيه بقاع آهله في القرى والقريون بطبيعتهم أقل علماً ورقياً من سكان المدن، فإذا أردتم أن تطبقوا قاعدة التجزئة لأجل إيجاد التناسب بين السكان فيمكنكم أن تقسموا فرانسة نفسها إلى أربعين دولة ويمكنكم أن توجدوا بوسائل الترغيب والإرهاب من يتمسك بالانفصال).
وتكلم عبد الواحد هارون كثيراً في شرح الأسباب الموجبة لإعادة الوحدة التامة للبلاد، فشكره المسيو ده كه على تصريحه ثم سألهم لعض أسئلة تتعلق بالإدارة الداخلية فأجابوا عنها بكل صراحة ثم ودعهم شاكراً.
أما أعضاء المجلس التمثيلي من علويين ومسيحيين فقد قابلوه مقابلة خاصة وطلبوا تأييد الانفصال مع الاحتفاظ بالتبيعة.
المراجع والهوامش:
(1). صحيفة لسان الحال - بيروت، العدد 10284 الصادر يوم الثلاثاء في الثامن من أيار عام 1928م.
المراجع والهوامش:
(1). صحيفة لسان الحال - بيروت، العدد 10284 الصادر يوم الثلاثاء في الثامن من أيار عام 1928م.