قضايا
انتخابات الجمعية التأسيسية 1928
انتخابات الجمعية التأسيسية في نيسان عام 1928م.
كان التأخر في وضع دستور في سورية، ولاسيما بعد مرور ست سنين على الانتداب كان يوحي إلى جمعية الأمم بأن فرنسا عاجزة عن أداء مهمتها.
كما أن إبرام المعاهدة البريطانية – العراقية عام 1920 وإنهاء الانتداب البريطاني عن العراق، أعطى بريطانيا سمعة دولية حسنة، وأراحها من نفقات الانتداب، وآثر ذلك في سمعة فرنسا ومقدرتها، ونبهها إلى أن دوام الحكم المباشر لا يتفق مع المبادئ التي يهدف إليها صك الانتداب، أو مع الاستقلال الذي تطالب به سورية عصبة الأمم.
كما أن إصرار السوريين على امتناعهم عن قبول الانتداب ومقاومتهم إياه وإلى طلبهم وضع دستور حر من قبل جمعية تأسيسية تنتخب بصورة قانونية وإلى رغبتهم في عقد معاهدة كل هذه الأمور دعت بونسو المفوض السامي إلى القيام بتجربته، وإعلان بيانه، وتأليفه حكومة جديدة تعمل للانتخابات ثم تحديده ميعاداً لها في 24 نيسان 1928م..
إجراءات سلطات الانتداب قبل الانتخابات:
شكل بونسو وزارة الشيخ تاج الدين الحسني في الخامس عشر من شباط عام 1928م، أي قبيل الانتخابات بنحو أربعة أشهر، ثم حاول العمل مع الشيخ تاج لتشكيل مجلس تأسيسي تكون أكثريته من أنصار الفرنسيين الذين لا يخالفون للحكومة أمراً.
ولنجاح الحكومة في تحقيق هذا الهدف مدها بونسو بالأموال اللازمة، واستعان بمعاونيه، ولاسيما مندوبه في دمشق المسيو “ده لالوج” وبضباط الاستخبارات وموظفي المنودبيات في دمشق وحلب وحمص وحماة والأقضية ليكونوا مع الحكومة المحلية في إخراج نواب يقبلون بالدستور الذي تريده فرنسا.
وعند إعلان تشكيل الحكومة أصدر هنري بونسو المفوض السامي بياناً أعلن فيه التحضير لانتخابات عامة في سورية تمهيداً لانتخاب جمعية تأسيسية تضع دستوراً للبلاد. وذكر في بيانه: (كانت الدولة المنتدبة ترجو وتتمنى من أمد بعيد أذون الساعة التي تتمكن فيها سوريا من القدوم على حل قضية دستورها في حالة السلام.
فلقد أذنت هذه الساعة وستجري الانتخابات العامة قريباً على الطرق الموضوعة بالقوانين المعمول فيها والتي ستضمن لكافة الأحزاب حرية الاقتراع والتصويت. ثم أن كافة قيود الحريات المشروعة – قيود موروثة من عهد الاضطراب- ستلغى لكي تظهر من استشارة الشعب إزاء البلاد الحقيقية بكل جلاء. والجمعية التي ستنشأ عن الانتخابات ستعطى إلى سوريا قانونها الأساسي النهائي بعد أن تسنه بكمال الحرية المطلقة ضمن النطاق الذي ترسمه الاتفاقات الدولية والصكوك المسؤولة عنها الدولة المنتدبة لدى عصبة الأمم نظراً لتعهدها هي نفسها بذلك).
تزامن بيان بونسو هذا مع صدور قرار رفع تطبيق الأحكام العرفية والقاضي رفع الأحكام العرفية في مدينة ولواء دمشق بعد تطبيقه في الرابع والعشرين من تشرين الثاني1925م.
كما صدر عفو جزئي منحه المندوب السامي لثوار سوريين، وقد واكبه نشر “قائمة سوداء” تشتمل على أسماء 64 شخصاً، بمن فيهم الدكتور الشهبندر وشكري القوتلي وسلطان الأطرش الذين منعوا من العودة.
من جانب آخر سعى الوطنيون في سورية إلى رصد الصفوف والابتعاد عن المنازعات التي تشتت صفهم وسط محاولات سلطات الانتداب في إيصال موالين لها إلى تلك الجمعية، وضمن هذه المساعي فوض الوطنيين هاشم الأتاسي بأن يذيع بياناً إلى السوريين في مصر، بناشدهم فيه أن ينبذوا هذا الشقاق والخلاف وأن يعملوا يداً واحدة على إنهاض بلادهم، وأصدر بياناً جاء فيه: (الأمل من رجالنا المخلصين النازلين في مصر أن يكفوا عن الدعايات – ساء أكانت بالنشرات أو بواسطة الرسل- وأن يعودوا كما كانوا نافعين ما كان بينهم من تنابذ وشقاق ولنا ملء الثقة بإخلاصهم ووطنيتهم بأن يلبوا نداءنا ويكونوا عند حسن ظننا بهم).
الانتخابات:
حُدّد يوم العاشر والرابع والعشرين من نيسان للانتخابات، وكان الأنشط بين أولئك المرشحين والأبرز هو الشيخ تاج الدين الحسني رئيس الحكومة.
عشية الانتخابات، حققت الكتلة الوطنية والشيخ تاج الدين “حلفاً ضمنياً” ووافق الطرفان على تقديم لائحة مشتركة تتضمن ستة مرشحين من الحكومة وأربعة مرشحين من الوطنيين للجولة الثانية.
ولكن عندما علم أن الحكومة المدعومة من السلطات الفرنسية كانت تستخدم ما في تصرفها من خدمات عامة لتأمين مرشحيها في الانتخابات الأولية، وثار سخط قادة الوطنيين، فاتهموا وزير الداخلية سعيد محاسني، واتهموا الشيخ تاج الدين نفسه برشو المرشحين، وبجعل الشرطة تتلاعب بصناديق الاقتراع في محلتي إقامتهما : سوق ساروجة والقيمرية، ففي كلا الحيين، مرت الكتلة الوطنية بنكسات في صندوق الانتخاب.
وفي اليوم التالي للانتخابات الأولية نظمت للشيخ تاج الدين مهرجانات في سوق ساروجة بهدف إثبات أن لا صحة لتهم الوطنيين، بيد أن الوطنيي لم يكونوا ينوون تمكين تاج الدين من التنصل من المسؤولية.
ففي 12 نيسان قام فوزي الغزي، وهو مرشح من الوطنيين وشخصية شعبية في السياسة المحلية، بقيادة مظاهرات أكبر كثيراً ضد تاج الدين وحكومته في سوق ساروجة وفي الشاغور مركز المقاومة ضد السلطات الفرنسية.
وعلى الرغم من وصول نسبة المصوتين إلى 60%، وهي أعلى نسبة على الإطلاق، فقط انحل التحالف بين الكتلة الوطنية والحكومة تماماً.
وعند ذلك، بدل الوطنيون استراتيجيتهم بأن قدموا في الجولة الثانية لائحة ضمت الشيخ تاج، وكان غرضهم استرضاء رئيس الوزراء آملاً بعزله عن حلفائه الطبيعيين، والحد من الإجراءات القمعية التي كان متوقعاً أن تتخذها الحكومة.
وفي الرابع والعشرين اليوم الأخير من أيام التصويت، بذل تاج الدين ، الذي كان قد وضع نفسه في أعلى اللوائح كافة، جهوداً شاقة لشراء أصوات الناخبين في قرى الغوطة التي كانت تتبع دائرة دمشق الانتخابية.
وجرى تخصيص مبالغ مختلفة، نحو 600 جنيه استرليني بحسب قول القنصل البريطاني لبعض القرى، وقدمت ظاهرياً في هيئة أموال تعويض عن الأضرار التي لحقت بتلك القرى في أثناء الثورة الكبرى، وقد تم نقل الأموال وتوزيعها بسيارات حكومية.
وفي دمشق طلب تاج الدين من فوزي البكري تنظيم جماعة من الرجال الأشداء المسلحين بهروات لضمان تنفيذ الانتخابات بسلام، وهذا ما هيج عداء أنصار الكتلة الوطنية الذين احتقروا البكري بسبب اصطفافه مع تاج الدين، وأدت الصدامات في ساحة المرجة بين جماعة البكري وشباب الوطنيين المنظمين بصورة عفوية إلى تدخل رجال الدرك الذين وقفوا في صف مؤيدي الحكومة، ووقعت أعمال شغب آخرى في مراكز اقتراع في الشاغور وباب شرقي.
حادثة تزوير الأوراق الانتخابية أشار إليها العديد من رجالات ذلك العهد ومنها عبد الرحمن الكيالي في كتابه المراحل.
نتائج الانتخابات
جرت الانتخابات في دمشق بهدوء ولصالح أنصار الكتلة الوطنية، فمن مجموعة تسعة منتخبين كان سبعة من أعضاء الكتلة الوطنية، والثامن كان الشيخ تاج الدين الذي نال 539 صوتاً من مجموعة 690 ويوسف لينيادو التاجر اليهودي الذي انتخب بالإجماع.
وفي حلب كانت السيطرة للكتلة الوطنية أيضاً مع أن محصلة نسبة المقترعين المسجلين لم تتعد الـ 35% وجرى انتخاب تسعة نواب وفازت الكتلة الوطنية بسهولة.
كما جرى انتخاب أنصار الكتلة الوطنية بقوة في حمص وحماة اللتين بلغت نسبة المقترعين فيهما 50%.
أسماء نواب الجمعية التأسيسة عام 1928م.
1- هاشم الأتاسي
2-فوزي الغزي
3- فتح الله آسيون
4- فائز الخوري
5- أحمد الرفاعي
6- سعد الله الجابري
7- نقولا جانحى
8- فخري البارودي
9- إبراهيم هنانو
10- إبراهيم عبد القادر
11- أحمد الخطيب
12- أحمد الفياض
13- أحمد فره مرسل
14- إحسان الشريف
15- إسماعيل الحريري
16- تاج الدين الحسني
17- تركي العلي
18- توفيق داوود
19- ثريا خلف
20- جميل الشماط
21- جورج صحناوي
22- جورج عازر
23- حسني البرازي
24- عبد القادر السرميني
25- محمد آل يحيى
26- زكي الخطيب
27- سعيد حيدر
28- رشيد آغا
29- شكري الجندي
30- صبري فرح
31- سعيد العنزي
32- صبحي الحسيبي
33- عارف الجزار
34- عبد الرحمن الكيالي
35- عز الدين الحلبي
36- عز الدين سليمان
37- عبد القادر رحمو
38- عبد القادر الخطيب
39- حكمت الحراكي
40- محمد محمود دياب
41- عبد القادر الكيلاني
42- فارس الزعبي
43- فاضل عبود
44- فاضل المحاميد
45- فؤاد عبد الكريم
46- فيضي الأتاسي
47- لطفي الحفار
48- لطف الله غنيمة
49- مجحم بن مهيد
50- محمد اضه لي
51- محمد خير عقيل
52- محمد النخاري
53- داوود الريحاني
54- محمود نديم
55- محمد توفيق عبيد
56- محمد جميل باشا الجربا
57- مصطفى شاهين
58- مظهر رسلان
59- بهران بوزانيان
60- نجيب برمدا
61- نسيب البكري
62- نواف الصالح
63- نوري الأصفري
64- نوري الشعلان
65- وديع الشيشكلي
66- ياسين الطبال
67- يوسف لنيادو
انظر:
قرار نظام الانتخابات النيابية في سورية عام 1928
قرار العفو عن الثوار والسياسيين عام 1928
المراجع والهوامش:
(1). الكيالي (عبد الرحمن)، المراحل، الجزء الأول، مطبعة الضاد، حلب 1958م، صـ 85.
(2). تشكيل حكومة تاج الدين الحسني الأولى
(3). بيان بونسو المندوب الفرنسي حول إجراء انتخابات في سورية عام 1928
(4). قرار رفع الأحكام العرفية في مدينة ولواء دمشق
(5). قرار العفو عن الثوار والسياسيين عام 1928
(6). نداء هاشم الأتاسي إلى السوريين في مصر عام 1928
(7). الكيالي (عبد الرحمن)، المراحل، الجزء الأول، مطبعة الضاد، حلب 1958م، صـ 85.
(8). خوري (فيليب)، سورية والانتداب - سياسة القومية العربية 1920 -1945، ترجمة مؤسسة الأبحاث، بيروت عام 1961م، صـ 380
(9). اسعيد (شاكر)، البرلمان السوري في تطوره التاريخي 1919-2000م، دار المدى، دمشق 2002، صـ 237
المراجع والهوامش:
(1). الكيالي (عبد الرحمن)، المراحل، الجزء الأول، مطبعة الضاد، حلب 1958م، صـ 85.
(2). تشكيل حكومة تاج الدين الحسني الأولى
(3). بيان بونسو المندوب الفرنسي حول إجراء انتخابات في سورية عام 1928
(4). قرار رفع الأحكام العرفية في مدينة ولواء دمشق
(5). قرار العفو عن الثوار والسياسيين عام 1928
(6). نداء هاشم الأتاسي إلى السوريين في مصر عام 1928
(7). الكيالي (عبد الرحمن)، المراحل، الجزء الأول، مطبعة الضاد، حلب 1958م، صـ 85.
(8). خوري (فيليب)، سورية والانتداب - سياسة القومية العربية 1920 -1945، ترجمة مؤسسة الأبحاث، بيروت عام 1961م، صـ 380
(9). اسعيد (شاكر)، البرلمان السوري في تطوره التاريخي 1919-2000م، دار المدى، دمشق 2002، صـ 237