وثائق سوريا
كلمة شكري القوتلي في مؤتمر مهرجان القطن في حلب عام 1957
دعت مدينة حلب الرئيس شكري القوتلي لزيارتها وللمشاركة في مهرجان القطن والمعرض المرافق.
وافتتح الرئيس شكري القوتلي مؤتمر مهرجان القطن في الثالث من تشرين الأول عام 1957م، بالكلمة التالية:
نص الكلمة:
يسعدني أن أقوم بهذه الزيارة العاجلة إلى مدينة الشهباء الزاهرة، لأفتتح هذا اليوم مؤتمركم، وأرعى في غد مهرجانكم، وأشهد بعد غد معرضكم، وأطلع على الكثير مما تنهضون به بعزم وقوة وإيمان من مشاريع العمل، والإنتاج، ومضاعفة الثروة الوطنية، فإن تكن لي كلمة أوجهها إليكم في بدء هذا الافتتاح ، فهي أن أرسل إليكم تحية الشكر والتقدير لمساهمتكم الفعالة في إشادة صرح الاستقلال الاقتصادي، وترشيخ أسسه في الأرض، وفي أعماق النفوس، وأنتم الذي لم تدخروا مالاً، ولا وفرتم أي بذل في أيام الجهاد ضد الاحتلال والانتداب، فأديتم بذلك حق الله والوطن عليكم، وصنتم حرمة بلادكم، وسمعة أمتكم.
مهما يكن مقرراتكم وتوصياتكم أيها السادة في هذا المؤتمر الاقتصادي الموجه لمصلحة القطن السوري، فإني أغتنم هذه الوقفة بينكم لأؤكد لكم ام مقررات مؤتمركم الصناعية والزراعية، والتجارية التي ترمون بها إلى إصلاح شئونكم وتوسيع مدى نشاطكم هي أبداً نصب العين وملء الوعي والتقدير، فالحكومة بجميع مراجع اختصاصاتها مع مجلس الإنماء الاقتصادي عازمة على تحقيق الانسجام، بين مختلف المصالح الزراعية والصناعية والتجارية لإرساء دعائم النهضة الاقتصادية العامة في البلاد، بالتعاون معكم وبالإفادة من خبرتكم واخلاصكم، وأنه لمن الواجب علينا أن نعنى معكم بتوسيع ميادين الإنتاج ودعم حركة التصنيع في شتى المرافق، مثلما يجب أن تعنوا أنفسكم بتحسين أنواع الإنتاج واختيار الأنواع الأصلح والأروج منه في الأسواق العالمية، التي ترون كما نرى أننا قد غدونا فيها موضوع مضاربة قاسية، وتجارب لا عهد لنا بمثلها، وأن شعباً مثل شعبنا يطمح إلى دخول الميادين الكبرى في الأيام الشديدة، يجب أن تكون له من انسجام المجهود المشترك بين الحكومة ورجال المال والأعمال خير عدة لتفوقه ونجاحه، وتوسيع أسباب تعامله مع العالم الواسع تعاملاً يخدم مصلحة البلاد ويشرف سمعتها.
في هذا المضمار الاقتصادي، زراعة، وصناعة وتجارة وعملاً أحب أن أوصيكم بأعلى ما يمكن أن يوصى به شعب حريص على وحدة جبهته في حالات الشدّة والكفاح، هو التعاون فيما بينكم، والانسجام بين فئاتكم زراعاً وتجاراً وصناعاً وعمالاً، فلا يكون بينكم زحام غير مشروع، ولا يقوم بينكم نزاع ليس له مبررات، ولا تنابذ يحل الخصام محل النظام.
وليس يخفى عليكم أن البلاد بأشد الحاجة إلى تنسيق المصالح والأعمال، والتوفيق بين ما قد تبدو متنافراً متضارباً منها، فلا تلبث بالتنظيم والتوجيه السديد أن يعود بالخير على الجميع، وعلى الوطن، والمصلحة القومية بالدرجة الأولى.
في الوقت الذي تقوم فيه باتصالات دولية على نطاق واسع، لعقد اتفاقيات تجارية واقتصادية، أصبح بعضها قيد التنفيذ، وآخر تحت الدرس أو على وشك التحقيق من أجل إيجاد أسواق جديدة لإنتاجنا الزراعي، مهما بلغت كمياته.
في هذا الوقت نفسه، ومع إنشاء مجلس الإنماء الاقتصادي أريد أن يقوم بينكم، وبين الحكومة أوثق التعاون والتآزر ولايجاد الحلول للكثير من المسائل الجديرة بالدراسة والتقصي، ولتحديد الاتجاه الاقتصادي لمصلحة الفرد والدولة، وبذلك يتم التوازن المنشود الذي لا تطغى فيه مصلحة على مصلحة، إلا بقدر ما تسمح به حدود التنظيم والتوجيه.
على هذا الرجاء بكم وبإخلاصكم وبحسن تقديركم للمصلحة الوطنية العليا، وأنتم وجه البلاد ورمز نشاطها في حقول العمل والإنتاج، افتتح باسم الله مؤتمركم هذا، وأرجو تعالى أن يوفقكم إلى ما فيه خير بلادكم وأمتكم.
الرئيس شكري القوتلي
المراجع والهوامش:
(1). كلمات وخطب الرئيس شكري القوتلي، دمشق 1957، صـ 209-211
المراجع والهوامش:
(1). كلمات وخطب الرئيس شكري القوتلي، دمشق 1957، صـ 209-211