من الصحافة
أمينة رزق تحاور عبد الرحمن العظم سفير سورية في القاهرة عام 1956
أجرت الممثلة ومراسلة مجلة الكواكب في القاهرة السيدة أمينة رزق حواراً صحفياً مع عبد الرحمن العظم سفير سورية في القاهرة.
نشر الحوار في مجلة الكواكب العدد 249 الذي صدر في الأول من أيار عام 1956م.
نص الحوار:
لقد اكتشفت الكواكب في أمينة رزق جديداً، اكتشفت فيها مقدرة أخرى غير التمثيل هي المهارة الصحفية، وقد عهدت إليها المجلة بمهمة إجراء تحقيق صحفي عن السينما مع سيادة عبد الرحمن العظم سفير سوريا الشقيقة في مصر.
فكتبت تقول:
– هذا الرجل الأنيق الفارع الطول المهيب الطلعة المشرق الابتسامة. استقبلني في حجرة الاستقبال بالسفارة السورية وقال والابتسامة المشرقة على شفتيه:
– أهلاً وسهلاً بمندوبة الكواكب.. “ايش تبغي”!
– هذا الرجل الذي يمثل شعب سوريا الشقيق هو السيد عبد الرحمن العظم.. قلت له رداً على تحيته وسؤاله:
انني أحمل إلي سيادتكم تحيات مجلة الكواكب بصفتي مندوبتها، وإني “ابغى” من سيادتكم “شوية دردشة” عن السينما..
فاتسعت الابتسامة المشرقة، وقال:
– بكل ممنونية.. ما في مانع، هاتي ما عندك ووجهت إلى سيادته هذا السؤال الأول:
– هل تشاهدون الأفلام المصرية؟
فأجاب:
– بالطبع، وهل هناك عربي يعيش في الأراضي العربية ولا يشاهد الأفلام المصرية، هذه الأفلام الصادقة التي تنطق بلغتنا وتعبر عن آرائنا، إنني دائماً حريص على مشاهدة الأفلام المصرية، و كثيراً ما تسعدني الظروف وأشاهد عدة أفلام عربية في فترة قريبة، وعندما كنت في سوريا كنت أحرص دائماً على مشاهدة جميع الأفلام المصرية التي تعرض هناك.
وأي نوع من الأفلام المصرية تفضل؟
– ليست العبرة بتعدد الأنواع، ولا ينصب اعجابي على نوع معين فإن كل الأنواع سواء عندي، ولكنها تختلف من حيث جودتها، واتقان العمل فيها، فقد يكون هناك فيلم كوميدي أو استعراضي متقن في انتاجه واخراجه فيفوق بذلك فيلماً درامياً ضعيفاً.
وعدت اسأل سيادته:
وهل تشاهدون الأفلام الأجنبية؟
فقال:
– نعم، إني أشاهد الأفلام الأمريكية ولاسيما التاريخية منها، كما أنني أشاهد الأفلام الإيطالية والهندية وغيرها.. واعتقد أن الولايات المتحدة هي سيدة صناعة السينما بكل تأكيد، فصناعة السينما صناعة مكلفة وتحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة، وأمريكا عندها جميع الإمكانيات التي تمكنها من إنتاج أفلام عالمية، ولا ننسى أن صناعة السينما عريقة في أمريكا، ولكنني لا أغمط حق إيطاليا والهند، فقد شاهدنا لهما أفلاماً ناجحة.
ومن نجومك المفضلون في عالم السينما في مصر وفي الخارج؟
– أما عن مصر فإنني أعجب بكل ممثلة ناجحة وكل ممثل قدير، فكل من يقوم بأداء دوره بأمانة فهو يستحق الإعجاب، وفي مصر عدد كبير من الفنانات والفنانين تفخر بهم صناعة السنيما ويفخر بهم كل قطر عربي.
وتعجبني من ممثلات إيطاليا الممثلة جينا لولو بريجنيدا، كما أنه سرني جداً عودة الممثلة القديرة الأمريكية “فيفان لي” إلى الشاشة مرة أخرى بعد هذه الغيبة الطويلة فهي فنانة ممتازة، كما يعجبني الممثل “مارلون براندو” خصوصاً في دوره في فيلم “يحيا زياتا”.
ومن هي المطربة المفضلة عندك ومن هو المطرب الذي تطرب لسماعه؟
– لا شك أن العالم العربي أجمع يفخر بكوكب الشرق أم كلثوم، وأنا من أشد المعجبين بصوتها وغنائها، ولاسيما في القصائد الدينية العالمية، فهي روائع من الشعر الغنائي، والغناء العربي..
كما تعجبني من المطربات السوريات سعاد محمد وفيروز، وكما يطربني غناء المطربة صباح في أغانيها اللبنانية والشعبية، أما من الرجال فكلهم ممتاز،ولكل منهم لونه الخاص.
وعدت أساله عن السينما بعد هذا الانتراكت القصير فقلت:
لماذا لم تنتج سوريا أفلاماً حتى الآن؟
– وكأنه كان يتوقع مني هذا السؤال فاعتدل في جلسته، وقال:
– الواقع أن السينما اليوم أصبحت أداة هامة في نشر الثقافة والتعليم والتربية، ونظرة واحدة إلى تطور صناعة السينما، من الصامتة إلى الناطقة إلى الملونة إلى المجسمة إلى السينماسكوب ثم السينراما، توضح لنا مدى أهمية السينما في الحياة، وإنني أتمنى اليوم الذي أرى فيه سوريا وقد استطاعت أن تنتج أفلاماً سورية، وهو قريب إن شاء الله، والواقع أن السبب الأساسي في تأخر صناعة السينما في سوريا كان يرجع إلى الاستعمار، فسوريا لم تحصل على استقلالها إلا منذ عهد قريب، فالاستعمار لم يكن يوافق ابداً على القيام بمثل هذه الخطوة حتى لا يوقف فرض أفلامه على الشعب. هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى ان سوريا بلد صغير وتعداد سكانها لا يتجاوز أربعة ملايين، وإمكانيات صناعة السينما لم تتوفر بعد فيها.. كل هذه الأمور تعرقل الإنتاج السينمائي، وعلى كل الا يكفي أن مصر تنتج أفلاماً عربية يشاهدها العالم العربي.
ما رأيك في “الفيلم المصري”، هل يمكن أن يصبح عالمياً؟
فقال:
– الفيلم المصري فيلم ناشئ يحاول شق طريقه إلى الكمال ليسير جنباً إلى جنب مع الأفلام الأجنبية، وصناعة السينما صناعة مكلفة تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة، ولا يزال المنتجون المصريون يهابون الإنتاج الضخم، فهم يعلمون أن سوق الفيلم المصري محدود، والفيلم “بده” سوق ، ولكني أرى أنه لو اتحدت مجهودات الدول العربية، وتكاتفت الأيدي وتجمعت رؤوس أموال كبيرة، لأمكن إنتاج أفلام عالمية تضارع في ضخامتها، وقوتها أعظم الأفلام، سيصبح هناك فيلم عربي ينطق بعظمة العرب، فيلم يروى قوة العرب سادة الشعوب، سيكون لدينا فيلم عربي تتفتح أمامه الأسواق المغلقة تتلقفه في لهفة وتحرص على مشاهدته، إنني أرى هذا اليوم الذي سيتكلم فيه العالم كله عن الفيلم العربي، الذي انتجه العرب في شمال أفريقيا حتى الخليج الفارسي.
ولاحظت أنه ينظر في ساعته فعلمت أن الوقت المحدد لزيارتنا قد أوشك على الإنتهاء، فقلت لسيادته وأنا أهم بالوقوف:
– سؤال أخير ياسيادة السفير:
هل شاهدتم بعض أفلامي؟
فابتسم وقال:
– طبعاً.. طبعاً .. فأنت دائماً في المرتبة الأولى سواء في السينما أو المسرح، ولقد أعجبني دورك في مسرحية “شذودة” والحق أنك فنانة بارعة وممثلة عظيمة.
فقلت: “اشكر سيادتكم على هذه المجاملة اللطيفة، كما أشكر سيادتكم على هذا الحديث القيم، وأتمنى أن يتحقق لسوريا الشقيقة أملها في إنتاج أفلام سورية، وأن يتحقق أمل سيادتكم في إنتاج الفيلم العربي.
المراجع والهوامش:
(1). مجلة الكواكب- القاهرة، العدد 249 الصادر في الأول من أيار عام 1956م.
المراجع والهوامش:
(1). مجلة الكواكب- القاهرة، العدد 249 الصادر في الأول من أيار عام 1956م.