مقالات
عبد الحميد مشلح: عيد الفطر في إدلب
عبد الحميد مشلح- التاريخ السوري المعاصر
تبدأ الاستعدادات لعيد الفطر في إدلب خلال العشر – الأخير من رمضان، حيث تكتظّ الأسواق لشراء الملابس الجديدة، كما تبدأ النسوة بتصنيع الحلويات في المنازل مثل (المعمول والكرابيج والكعك الحلو)، وهناك كعك خاص بأهالي إدلب هو (الكعك بالزيت)..
حتى إنّ العائلة التي لا تصنع الكعك بالزيت تشعر أنّ عيدها ناقص، والكعك بالزيت له تبلة خاصة من البهارات تخلط بالعجين المبثوث بالزيت بلا ماء، وهذه التبلة تباع في أسواق إدلب، تتكون من البهارات المختلقة مثل (جوزة الطيب، اليانسون، حبة البركة، السمسم، والفلفل والعصفر). وتكون مطحونة بشكل ناعم وبمقادير متناسبة.
أما الأطفال فيخرجون للعيد بعد تناول الإفطار، إذ يرتدون الملابس الجديدة، ويقود كبيرهم صغيرهم.
وكان في مدينة إدلب ساحة تسمى (ساحة البازار)، تجتمع فيها البسطات والأراجيح والقلابات، ومسرح كراكوز عواظ، بالإضافة للفرجة على عجيبة غريبة، (وهي عبارة عن أفلام ورقية يحملها رجل على ظهره، يقال لها آنذاك “صندوق الدنيا”، وكانت بالنسبة لنا بديلاً عن السينما اليوم)، إضافة إلى الفرجة على الضّبع والضّبعة، إذ كان يدخل الأطفال لمشاهدة الضّبع المفترس، وبجواره قرد يلاعبه صاحبهّ، وكان صاحب الضبع آنذاك رجل اسمه إبراهيم العمقي “حنتير”.
وكان في إدلب أيضاً في العيد فرجة أخرى تدعى “ترقيص ومصارعة الدببة”، حيث كان الأطفال
حيث كان الأطفال يدخلون ليشاهدوا كيف يصارع الرجل الدبّ الأسمر الذي كان يمتلكه، وكان يسأله: كيف تنام العجوز؟ وكيف تنام الصبية” هذا هو حال الفرح في عيد إدلب قديماً.
أما البسطات فكانت تحتوي أصنافاً عديدة من الحلوى، والمأكولات، والألعاب المختلفة ذات الألوان الزّاهية المتحركة منها، وغير المتحركة.
وكان الأطفال يركبون الأراجيح، والقلابات المصنوعة من الخشب والقش، ويتبدل الأطفال في نهاية كل نشيد، كان يردده صاحب القلابة، أو الأرجوحة، وبانتهاء النشيد ينتهي شوط الركوب للأطفال، ويركب غيرهم.
ومن هذه الأناشيد:
طنبر طنبر بالتركي
طنبر طنبر بالتركي يامضروبي ماكوسكي
أحمد باشا قدامك شايل بقجة حمامك
حمامك تحت القلعة عبيدك ستي سبعة
طاستك هل لمجلية بإيد الحمامية
ياعلي لا تتعوق جبلي سرير مزوق
جبلي غازالي عرجا جرياتا كبار كبار
ما بيعدوا بباب الدار هاتوا العدة والميشار
لننشر جرياتا
وعندما يقترب دور الأطفال من الانهاء في الركوب- الدور يدعى عندنا (شوط)، وعنه يتقاضى صاحب الأرجوحة القطعة النقدية من الأطفال- تسمع صوت حاحب الأرجوحة يقول:
هاد شوط القملي وهاد شوط البرغوت
واللي ما بينزل بيطق وبيموت
وهاد دور اللحمة وهاد دور الشحمة
واللي ما بينزل يوقع في التشمة
أما النشيد الثاني:
ياحج محمد.. هويا
ياحج محمد .. هويا عيرني حصانك.. هويا
لأنط وأركب.. هويا والحق اسكندر.. هويا
اسكندر مامات.. هويا خلف بنات.. هويا
بناتو سود .. هويا.. شكل القرود.. هويا
عندي وزي.. هويا تلقط الرزي.. هويا
والرز غالي .. هويا بأربع مصاري.. هويا
ياجحش خالي.. هويا عنطز رماني.. هويا
في أرض الحمرا.. هويا يبعتوا جمرا .. هويا
ويصيح صاحب الأرجوحة معلناً انتهاء الشوط للأطفال بقوله:
يلعن أبو اللي ما يقول هي
فيصرخ الأطفال جميعاً، ويمدونها مداً زائداً
/هي/
هذا هو حال الصغار في العيد، أما الكبار، فإنهم يخرجون في الصباح الباكر مهللين،مكبرين إلى المساجد، إذا كان العيد عيد الفطر، يكبرون وهم بالطريق قائلين:
(الله أكبر- الله أكبر- لا إله إلا الله- الله أكبر – الله أكبر ولله الحمد- الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيرا- وسبحان الله بكرة وأصيلا- وتعالى الله جباراً قديراً- وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً- رب اغفر لي ولوالدي – رب ارحمهما كما ربياني صغيرا).
فيردون هذا النشيد الإلهي من وقت خروجهم من المنزل، وحتى وصولهم المسجد، وفي داخله أيضاً، حتى إقامة صلاة العيد من قبل إمام المسجد، وبعد الإنتهاء من الصلاة يخرج الناس من المسجد ويعيد بعضهم بعضاً، وهم متجهون لزيارة المقابر “التربة” ليقرؤوا الفاتحة للأموات.
وغالباً ما يتقابل الأهل، والأقارب في المقبرة، ويعيّدون بعضهم بعضاً، قبل زيارتهم لبعضهم في المنازل، لأنه عندنا في إدلب غالباً ما يكون أموات العائلة في مقبرة واحدة، وغالباً ما نجد قبورهم أيضاً متقاربة، وغالباً ما تكون المعايدة بقولهم : (كل عام وأنتم بخير، أحياكم الله لأمثاله.. إنشاء الله عيد الجاي بتكونوا حققتم أمانيكم).
وإذا كانوا من كبار السن يقال لهم: (كل عام وأنتم بخير وعيد الجاي إن شاء الله بتكون بحرم الله الشريف).
ولإقامة صلاة العيد كلمات وطقوس، غير الإقامة لصلوات الفروض مثل صلاة الظهر والعصر، فإقامة الصلاة التي تقال من قبل مؤذن المسجد هي على النحو التالي: (سبحان ذي المنن الواسعة، سبحان من أنواره على عبادة ساطعة، سبحان من أنزل على عبده سورة العادية والقارعة، الصلاة جامعة، يرجمني ويرحمكم الله).
انظر:
عبد الحميد مشلح: صناعة الصابون في منطقة إدلب في القرن السابع عشر
عبد الحميد مشلح: صناعة الصابون في منطقة إدلب 1700 – 1900
عبد الحميد مشلح: رمضان وليلة القدر في ادلب
المراجع والهوامش:
(1). أرجوزة تراثية في إدلب لم أعثر لراوِ لها حفظتها وأنا طفلاً.
(2). أرجوزة تراثية في إدلب لم اعثر لراوِ لها حفظتها وأنا طفلاً
المراجع والهوامش:
(1). أرجوزة تراثية في إدلب لم أعثر لراوِ لها حفظتها وأنا طفلاً.
(2). أرجوزة تراثية في إدلب لم اعثر لراوِ لها حفظتها وأنا طفلاً