وثائق سوريا
كلمة حسني الزعيم في الثالث من نيسان عام 1949
كلمة حسني الزعيم في الثالث من شهر نيسان عام 1949م.
أذيع في الساعة الثامنة مساء الثالث من نيسان عام 1949 أول خطاب رسمي شرح فيه الزعيم حسني الزعيم أغراض ومرامي الإنقلاب.
نص الكلمة التي أذيعت عبر محطة إذاعة دمشق:
ضباطي وجنودي الأشاوس
أحييكم أصدق تحية، واسأل الله أن يكلأكم بعنايته حتى تتموا الرسالة التي تحملتم أعباءها، والتي قدرتها لكم أمتكم أصدق قدر، فقد رفعتم اسم الجيش السوري الباسل عالياً، وخلدتم بطولته في ميادين فلسطين التي رويتم أرضها بدمائكم الذكية فاستحققتم شكر الأمة وثناء التاريخ.
والله المسؤول أن يكلل خطاكم بتأييده ونصره.
أيها السوريون
استهل الكلمة الأولى التي أوجهها إليكم بشكركم على العواطف الصادقة النبيلة التي أظهرتموها نحوي، كما أشكركم على التأييد الذي تظهرونه إنما تقصدون به جيشكم الباسل الأبيّ الذي جاهد في سبيل بلادكم من أجل رفع الظلم عنكم.
فأنا باسم الجيش السوري الذي أتشرف بقيادته، أتمنى على الله العزيز الجبار أن يحقق آمالكم فيه.
ان جيشكم سيتمم خطواته حتى يحقق أهدافكم
أيها الشعب السوري الأبيّ:
إن جيشكم الباسل الذي رأى ما آلت إليه حالة البلاد من الفوضى، والاستثمار والقضاء على الحريات ومخالفة القوانين والدستور، ورآى أيضاً أن الأمة تسير بخطى سريعة نحو الانهيار، عزم على أن يقضي على الفئة التي استعبدت الناس، وقد فعل هذا بمشيئة الله وبمعاونتكم.
إن جيشكم لم يقدم على ذلك إلا وهو مطمئن إلى تأييدكم، ومعتمد على معاونتكم وهو في الوقت نفسه يشعر بأنه قد نفذ رغبة من رغائبكم، وحقق أمنية من أمانيكم، ولا أدل على ذلك من هذا التأييد المطلق الذي لاقاه، وثقوا أيها الاخوان والأنباء الأعزة أن جيشكم سيتمم خطواته وسيوصلكم إلى أهدافكم التي تصبون إليها بعون الله وتوفيقه.
فساد الإدارة الحكومية في العهد الماضي
اخواني وأبناء الأكارم
كانت الأداة الحكومية في العهد السابق تعمل بدون وازع ولا ضابط ولا نظام، لأن المسؤول الأول عن الحكم كان يتجاوز حدود اختصاصه ويسخر الحكم لتحقيق غاياته ومقاصده، ولم يكن مجلس النواب بقادر على حفظ التوازن بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، فكان ذلك سبباً في انتشار روح الفوضى والتحيز والمحاذاة في شتى شؤون الدولة.
الاستعداد لإقامة نظام تقدمي جديد
أيها الشعب الأبي
لقد كان الجيش وأفراده من ضباط وجنود يرون كل ذلك، وهم ساكتون متحفزون، حتى ضاق ذرعهم، فثاروا على نظام الحكم، وأقصوا الرئيس السابق والحكومة السابقة عن مراكز السلطة لوضع أسس نظام حكومي تقدمي جديد يستمد أصوله من رغبات الشعب وآماله الوثابة في الحياة.
هذا وإنا سنعمد إلى تأليف لجان للتحقيق في مساؤى العهد السابق وتصرفات الذين تولوا الحكم فيه وبددوا أموال هذا الشعب وأنفقوها في سبيل أغراضهم.
إننا سمتعدون لسماع كل شكوى
وإنني أعلن على الملأ من وراء هذا المذياع أن بابي مفتوح لكل شكاية أو ظلامه على أي فرد من رجالات العهد البائد مهم عظم شأن وجل سلطانه، وأنا أعاهدكم على أنني لن أكون شفيقاً مع أي فرد منهم ثبت ادانته، وسيرى هؤلاء الظالمون أن ساعة القصاص قد قربت وأن كلمة الحق هي التي ستعدو بها الآن.
تحقيق العدالة الإجتماعية وتوزيع الأراضي
وأنتم أيها الإخوان من عمال وكادحين أبشركم بأنني سأعمل ما استطيع على تحقيق نظام العدالة الإجتماعية في إعادة النظر بنظام توزيع الأراضي ووضع نظام تحديد الثروات الضخمة.
كما أنني سأبذل جهدي للترفيه عن الفقراء والعوزين وسأعمل على مكافحة البؤس والقضاء على العطالة والبطالة، كما أنني سأعمل على رفع مستوى العمال والكادحين وتأمين غذائهم وكسائهم وتأمين حال من يبلغون منهم السن الكبيرة.
هذا وليثق الشعب السوري النيل أنني لا أقول إلا فعلت إن شاء الله وبحوله وقوته.
القضاء على دعاة الشيوعية ذوي المبادئ الهدامة
هذا ويحسبن حاسب أنني سأغض النظر عمن يسعون بين صفوف العمال والكادحين ليبثوا دعايات السوء، أو يعملوا على نشر الأفكار الهدامة مما تأباه تقاليدنا الموروثة وتراثنا العربي المجيد فلقد عزمت عزماً أكيداً على أن أضرب هؤلاء المجرمين من دعاة الشيوعية الهدامة وغيرها من المذاهب الغريبة عن تراثنا وتفكيرنا بدون شفقة أو رحمة.
فليعلم هؤلاء الناس أننا قوميون عرب قبل كل شيئ، وأننا سنحاولما استطعنا الحفاظ على أمجادنا العربية وتقاليدنا القومية، هذا وإنني أعلن بكل صراحة ووضوح بأنني سأعمل على سحق كل ما تحدثه نفسه ببذر بذور التفرقة بين صفوف الشعب ليضعف العزائم ويمس سيادة الجيش ويحاول القيام بشئ ضد هذا الإنقلاب، وسأعمل في القريب إن شاء الله على تقوية الأواضر بيننا وبين كافة الدول العربية التي تجمعنا بها وحدة الآمال وفكرة العروبة.
نؤيد لبنان ونحترم سيادته واستقلاله
أما لبنان الشقيق، فإننا نؤيد وضعه الراهن تمام التأييد، ونحترم استقلاله وسيادته، ونرجو أن نحل في الوقت القريب كافة القضايا المشتركة بيننا وبينه والتي لم تحل بعد.
كما أنني سأعمل على توطيد دعائم الجامعة العربية التي نحرص كل الحرص على التمسك بمبادئها القويمة.
وسيرى الملأ العربي في الوقت القريب أن حركتنا التحريرية ليست إلا حركة محلية بحتة تهدف إلى شيئين اثنين أولهما: القضاء على العهد البائد، وثانيهما السير بالسياسة العربية في طريق جديدة على غير النظم القديمة الملتوية البالية التي كان رجال العهد البائد يتبعونها.
رفع مكانة سوريا في الميدان الخارجي
هذا من حيث السياسة الداخلية، أما من حيث السياسة الخارجية فإننا قد عقدنا العزم على تقوية مكانة سوريا في الميدان الخارجي، وتدعيم السياسة التي انتهجها الشيخ الجليل السيد فارس الخوري في منظمة الأمم المتحدة، وهو الذي نكن له كل اكبار وتقدير.
ونحن عازمون على الالتزام بجميع العقود والتعهدات الدولية التي أبرمت باسم سوريا، واغتنم هذه الفرصة للإشادة بالموقف النبيل الذي وقفته الدول الأجنبية من هذا الإنقلاب الشعبي راجياً من الله أن يحقق على أيدينا لسوريا الجديدة عهداً مليئاً بالخير والفلاح.
المراجع والهوامش:
(1). العوف (بشير)، الإنقلاب السوري.. أسراره ودوافعه ومراميه.. وكيف تمت حوادثه؟، مكتبة محمد خير النوري، دمشق 1949م، صـ133- 136.
المراجع والهوامش:
(1). العوف (بشير)، الإنقلاب السوري.. أسراره ودوافعه ومراميه.. وكيف تمت حوادثه؟، مكتبة محمد خير النوري، دمشق 1949م، صـ133- 136.