عام
المسحراتي في دمشق
المسحراتي في دمشق:
أرتبط السحور بشهر الصيام , وهو طعام مبارك حث عليه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقال (( تسحروا فإن في السحور بركة )) ولحرص المسلمين على طعام السحور , تعددت وسائل وأساليب تنبيه الصائمين وإيقاظهم وقت السحر , ولهذا الغرض ظهرت شخصية المسحر الذي يحلو لبعضهم تسميته ( أبو طبلة ) وبدأ أنتشار المسحرين بشكل واسع في القرن الثاني عشر الهجري .
يبدأ المسحر عمله مع أول يوم في رمضان , وينحصر عمله في ذلك الشهر , وينتهي مع نهايته , وكان السوريون يحتاجون إلى المسحر , بسبب عدم وجود وسيلة لإيقاظهم لتناول السحور , وينتظر الناس سماع صوت طبلته ويطربون لصوته الجهوري والمنغم وهو يردد : (( يانايم وحد الدايم ))
وكان لكل حي مسحر او أكثر حسب مساحة الحي وكثرة سكانه , وقبل رمضان كان يطوف على البيوت ويكتب على باب كل بيت أسماء أفراده , حتى يناديهم بأسمائهم أثناء التسحير . ويبدأ المسحر جولته قبل موعد الإمساك بساعة أو ساعتين , ويحمل طبلته بحبل في رقبته , فتتدلى إلى صدره أو يحملها بيده , ويضرب عليها بعصا خاصة , وكان يرافقه شخص آخر يحمل الفانوس , ثم أختفى الفانوس وبقي االمسحر , يقف عند أبواب بعضهم , ويصيح بأسمه ليوقظه , ويردد أثناء تجواله بين الأزقة عبارات مختلفة تتناسب مع شهر رمضان .
وكانت دمشق مقسمة إلى قطاعات وكان المسحراتية يتقاسمون هذه القطاعات فيما كان يطلق عليها الضمان من الحكومة التي كانت تعلن عن جعالة ( أجرة ) لكل مسحر يضمن حياً من الأحياء .
وكنا نسمع عند وقت السحور المسحر ينادي يا أبا فلان , وعندما يرد عليه صوت من الداخل يقول المسحر ( وحد الله ) وفي بعض الاحيان كان الأطفال يلحقون بالمسحر ويرددون حلفه ( أبوطبلة مرتو حبلة .. شو جابت ما جابت شي ..الخ )) وكان المسحر ينهرهم احيانا ويبش في جوههم احيانا اخرى حسب المستوى المادي لأهل الطفل .
وكان للمسحر ثلاث جولات : إحداها يومية تشمل كل حي لإيقاظ الناس وقت السحر ، والثانية يومية تشمل الأحياء بالتناوب لجمع الطعام والمساعدات ، ويصطحب معه في هذه الجولة مساعداً ليحمل سلة وبعض الأطباق لوضع ماتجود به العائلات من أطعمة ويضطر لوضعها مع بعضها في طبق واحد احيانا ، لذلك يتردد على ألسنة الناس المثل الشعبي الذي يقول ( مثل أكلات المسحر ) لمن يضع في طبقه عدة أنواع من الطعام دفعة واحدة ، وأصبح الناس الذين يجودون بالمال بدل الطعام ، وبعض المسحرين يقومون بتوزيع ماجمعوه على ( المقاطيع) من الارامل والأيتام والغرباء الذين انقطعت بهم السبل ، وغالبا ما كان يتواجد هؤلاء عند باب الجابية ويقولون الصايم مرزوق .
اما الجولة الثالثة للمسحر فكانت ايام العيد لجمع العيديات من الناس وترافقه في هذه الجولات طبلته التي هي بمثابة هويته الخاصة ويسير معه أبنه او شخص يساعده على حمل الهدايا .
الباحث: مازن ستوت