عبد الحميد مشلح- التاريخ السوري المعاصر
وهي الحرفة الثانية في منطقة ادلب لاعتمادها على زيت الزيتون المتوفر بكثرة كما أسلفنا من خلال عدد المعاصر حيث كان الزيت يقفى بالمعاصر على ثلاث مراحل: المرحة الأولى أو القفوة الأولى هو زيت جيد ذو طعم ممتاز يستخدم في الطعام ، وزيت القفوة الثانية يستخدم أيضاً في الطعام ولكن عندما يكون الطلب على الصابون كبيراً في الأسواق كثيراً ما كان يصنّع زيت القفوة الثانية صابوناً.
أما زيت القفوة الثالثة المستخرج في المعاصر فهو لا يستخدم في الطعام بل خُصص لصناعة الصابون في منطقة ادلب حيث انتشرت هذه المصابن إلى جوار معاصر الزيتون في كافة أرجائها وغالباً ما كان عمال معاصر الزيتون يمارسون طبخ الصابون أيضاً حيث يشير الكم الهائل من الوثائق إلى وجود هذه المصابن في منطقة ادلب والتي أدت فيما بعد إلى إطلاق اسم ادلب الصابون بدلاً من ادلب الصغرى.
والوثيقة التالية تشير إلى وجود مصبنتين إلى جوار بعضهما البعض في ادلب الصغرى (تشير الوثيقة إلى بيع مصبنة في المحلة القبلية بادلب الصغرى من قبل السيدة رابية بنت السيد إبراهيم إلى بنت أخيها الست أم هاني بنت السيد محفوظ والتي تمتلك منها ثلاثة قراريط من أصل (24) قيراطاً والمعروفة بمصبنة حسن أفندي المشتملة على قدرين من النحاس معدين لطبخ الصابون ومصاطب وجباب معدة لخزن الزيت وأربعة صطول من الحديد وقبان من الحديد وحوش سماوي وجب ماء وأربعة مساكن ومنافع وتوابع وحقوق شرعية المحدودة قبلة بمصبنة جمال الدين وتمامه بطريق سالك إليه الباب وشرقاً خصها الوزير الأعظم وشمالاً بدار أرسلان وتمامه بدار الشيخ محمد الشهيب وغرباً بدار تقي الدين وتمامه بدار السيد عمر وتم البيع والشراء بالإيجاب والقبول من الطرفين والتسليم والتسلم من الجانبين شرعاً وقراراً شرعياً مصدقاً بذلك الأشراف الكرام السيد عثمان جلبي ابن المرحوم السيد شرف الدين أفندي المرسل وكالة من طرف المشترية المرقومة في الخصوص المرقوم الثابتة وكالته في ذلك بشهادة السيد عبد السلام بن السيد عمر وعبد الله جلبي بن الحاج صالح المرقوم ثبوتاً شرعياً تصديقاً وجاها وشفاها وكتب ما وقع وحرر الطلب في اليوم العشرين من شهر شوال في سنة خمس وثمانين وألف).
و(وجود مصبنة في المحلة الغربية في قصبة أريحا) و (وجود مصبنة في قصبة سرمين يمتلكها منصور بن الشيخ كامل الذي باعها إلى الشيخ محمد بن الشيخ كامل بمبلغ قدره (150) ديناراً من دنانير معاملة حلب حساباً عن كل ثلاثة غروش أسدية خمسة دنانير قبضاً تاماً من ثمن حصته المبيعة له من مصبنة والده الشيخ كامل المذكور اقراراً شرعياً مصدقاً من المقر له وتليت ذلك لدى مولانا الموما إليه ثبوتاً شرعيا في اليوم الرابع والعشرين من شهر جمادى الأولى من سنة ستة بعد الألف).
ومن الجدير ذكره أن المصابن في منطقة إدلب كانت معفاة من الضرائب والرسوم لقدمها وفي عام /1654-1655/م بنى أحمد وبهاء الدين الزهراوي في المحلة الشمالية بقصبة ادلب مصبنة كبيرة قِدر النحاس فيها يزن ثلاث قنطارات حلبية أي تقريبا طن من النحاس مع اثنان وأربعون خزان للزيت ، كما أقام الزهراويين ببناء وقف خاص بالمصبنة الجديد بالمحلة الشمالية هو جامع الزهراوي /1657/م وهو ما يطلق عليه اليوم جامع الشيخ خليل.
بعد أربع سنوات من بناء المصبنة وجد تدوين يحدد جزء من أرباح المصبنة دفعة تكشف عن مبلغ قدره /841/ قرشاً أسدياً، وتدوين آخر هو عبارة عن دين بقيمة /770/ قرشاً أسدياً لشراء كمية غير محدودة من الصابون على عاتق قرية قميناس وهذه المبالغ تبين مدى تقدم وازدهار صناعة الصابون وما تحققه من أرباح في منطقة ادلب، وتبين لي من خلال الوثائق أن معظم مصدر الزيت الرئيسي للمصبنة كان من خلال عقود بيع السلم للزيت السائد آن ذاك بين أهلي قرية بنجارة الواقعة شرق دانيث وغرب جنوب سرمين والتي أصبحت اليوم أرض زراعية باسم أرض النجارة.
ما تبقى من بناء مصبنة الزهراوي /1654 – 1655/م
صناعة الصابون في ادلب
انظر:
عبد الحميد مشلح: التعليم في منطقة ادلب 1850- 1952
المراجع والهوامش:
(1). سجل (32) محاكم حلب الشرعية – و (2334) – ص (446) – تا 21شوال (1085هـ) – الموافق ت1 (1674م)
(2). سجل (32) محاكم حلب الشرعية – و (2105) – ص (409) – تا 17جمادى الآخرة (1085هـ)- الموافق حزيران (1674م)
(3). سجل (2) محاكم حلب الشرعية - و (10073) – ص (455) – تا 24جمادى الأولى (1006هـ) – الموافق أيار (1597م)
المراجع والهوامش:
(1). سجل (32) محاكم حلب الشرعية – و (2334) – ص (446) – تا 21شوال (1085هـ) – الموافق ت1 (1674م)
(2). سجل (32) محاكم حلب الشرعية – و (2105) – ص (409) – تا 17جمادى الآخرة (1085هـ)- الموافق حزيران (1674م)
(3). سجل (2) محاكم حلب الشرعية - و (10073) – ص (455) – تا 24جمادى الأولى (1006هـ) – الموافق أيار (1597م)